بقلم :: الساكتة عبد الله
عادت إلى منزلها مطرقة الرأس . . مكسورة القلب . . دخلت غرفتها بخطوات بطيئة حزينة بعد أن كانت في السابق لا تكاد تلمس الأرض من شدة سعادتها
ألقت بحقيبتها فوق سريرها . . لحظة صمت أغمضت فيها عينيها و هي تسترجع ما حدث
من أين جاءتها هذه القوة الجبارة التي جعلتها تحضر زفاف حبيبها ؟ و لماذا ؟
لعلها أرادت أن تشاهد عن قرب تلك الفتاة التي فضلها (ناصر) عليها . . أن تعاينها باحثة عما تميزت به عليها
في العرس . . جلست بقرب العروس . . تفحصتها شبرا شبرا . . و كلما تفحصت شيئاً من ملامحها قارنته بنفسها . . و كانت تفوز في كل مرة . . إذاً لماذا فضلها (ناصر) عليها ؟
شعرت بدوار يعصف برأسها . . استلقت على سريرها و نزعت كعبها العالي و ألقته على أرضية الغرفة
آخر لقاء لها مع (ناصر) كان قبل أسبوع . . تشاجرت معه . . ضربته و شتمته و دموعها تغرق وجهها . . حاولت جاهدة معرفة السبب فقال لها :
أني ما ناخذش وحدة درت معاها علاقة من ورا هلها . . شن يضمنلي ما اديري بكرا مع غيري ؟ ناخذ وحدة ما عندهاش سوابق
حرام عليك أني ما عرفت حد غيرك . . و درت معاك علاقة لأني حبيتك
تربحي بالله ما تكثريليش الدوة . . اللي عندي قلته . . الله يستر عليك
صمتت . . لم تدر بم تجيبه . . كان في عذره إهانة قوية أخرستها
ذهبت . . و عرفت بعد ذلك باقتراب زفافه فقررت الحضور
كانت لحظة قاتلة مزقت قلبها حين تعالت الزغاريد معلنة قدوم العريس . . تغطت الفتيات بأوشحتهن . . و من وراء الجموع كانت هي تنظر . . تراقب . . تتأمل بحزن من كان لها في السابق و لم يعد لها حق الاقتراب بعد الآن . . هاهي تراقب من بعيد كالغريبة . . بل هي غريبة حقا !
(ناصر) يدخل الخيمة و يأخذ عروسه و يخرجان معا و الزغاريد تحيط بهما . . الضحكات . . السعادة على وجوه الجميع إلا وجهها . .
حاولت طرد هذه الأفكار عنها . . لكنها كانت تعرف جيداً أن لديها مخزونا هائلاً من الحزن و الذكريات ستتسلى به كاللب وحدها كل ليلة
كانت الدموع قد أغرقت وجهها حتى ارتفعت شهقاتها . . عضت وسادتها لكي لا تخرج صرخاتها فتنفضح
أين ذهب حبه ؟ كلامه ؟ وعوده ؟ هداياه ؟ ألم يكن يقسم لها أنه لا يستطيع النوم إلا على صوتها ؟ أكان كل ذلك كذباً ؟
أخذت تستغفر . . لن يخرجها من جحيم الذكريات سوى الاستغفار . . أغمضت عينيها و لسانها يلهج بالاستغفار حتى غابت في نوم عميق
مر شهر . . لكن حالها لم يتبدل كثيراً
ذات صباح فتحت عينيها و ليس لديها أدنى رغبة في الاستيقاظ . . لم تكن جائعة . . لم تكن تشتهي إفطارا . . كانت تعيسة . . فقط تعيسة
تناهى إلى سمعها صوت أمها و أختها في الصالة . . بعد قليل جاءتها أختها مسرعة و قالت لها بلهفة :
عرفتي شن صار ؟
رفعت نحوها عينان منتفختان و قالت :
لا . . شن صار ؟
(ناصر)
خفق قلبها بألم . . بحزن . . بقهر . . قالت :
خيره ؟
طلق مرته أمس
نعم ؟؟؟؟
حق ربي ! أمس طلقها
ليش ؟
روح لبيته فجأة لقاها تكلم في واحد في النقال . . طاح فيها ضرب و طلقها
في تلك اللحظة شعرت و كأن غمامة قد انزاحت من ذهنها . . شعرت بماء بارد ينسكب في قلبها . . ابتسمت . . ثم ضحكت . . و تعالى صوت ضحكتها حتى استلقت على ظهرها
قالت لها أختها :
خيرك أمالا نشفتي ؟ هذا كله شماتة ؟
قالت وسط ضحكاتها :
لا ما نشفت غير نضحك علي حاجة بس . . من هنا و غادي خلاص معش تشوفيني حتى مطبسة راسي . . قوليلي الفطور واتي ؟ حاسة روحي جاعاااانة فجأة و شهيتي انفتحت هههههه
-كل شي واتي
يلا نمشوا نفطروا أمالا
و غادرت سريرها متجهة نحو الصالة . . و هي لا تكاد تلمس الأرض من شدة سعادتها
تــــــمــــــت