إبراهيم أحمد الأعيسر
لا تنتظروا جوائز مثل الصندوق العربي للثقافة والفنون ونيرفانا والشارقة وكتارا ونجيب محفوظ والطيب صالح (زين/مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي) وغيرها من ما يطلقون عليها جوائز مرموقة، أن تمنحكم الاحتراف الفني أو رأس المال الرمزي، لا تنتظروا من ما يسمونهم بكُتاب الصف الأول أن يمنحونكم الاحتراف كذلك بمجرد أن أدخلوكم في دوائرهم أو شللياتهم الثقافية أو قدموكم في الملفات الثقافية بالمواقع والصحف اليومية أو طلعوا من نرجسيتهم وأثنوا على البعض من كتاباتكم التي تتماشى مع أدواتهم الفنية والمعرفية والفكرية، لا تنتظروا كذلك المؤسسات الثقافية التي تنتخب مبدعيها من تلك الجوائز المذكورة ذات الأيديولوجيا والمعايير التي تتعارض مع أفكاركم وأساليبكم الكتابية، بل لا تنتظروا حتى دور النشر أن تجيز أعمالكم أو تنشرها بالمجان (فهي تريدكم أن تكتبوا وتكونوا بمفكرة ورمزية منصور خالد أو أبو القاسم حاج حمد أو محمد سعيد القدال أو النور حمد أو محمد جلال هاشم أو فرانسيس دينق أو الباقر عفيف أو أبكر آدم إسماعيل..الخ) هذه النخبة التي فشلت فكرياً في أشياء ونجحت في أشياء أخرى وصدروها لكم بأسطورة لا يمكن أن يأتي الزمان بمثلها، فاصنعوا مؤسساتكم وأفكاركم وأساليبكم الخاصة بنفسكم، اصنعوا ساحاتكم الثقافية التي لا تحدها معايير مجذوب عيدروس وعز الدين ميرغني وهاشم ميرغني وغيرهم من الذين يجلسون في مواقع (الانتخاب) لتكون جزء منها، أصنعوا حتى (مقاهيكم الخاصة) و(لغتكم الخاصة) في الطرح والنقاش، تمردوا على الصورة النمطية الراسخة عند المثقفين الذين تعرفهم الساحة الثقافية التي صنعوها وصنعتهم هي بالمقابل، تمردوا على معايير النقد الجامدة وجربوا ما هو حديث ومبتكر و(مجنون) من مخيلتكم الخاصة، وإن وصل بكم الأمر أن تطبعوا كتبكم وتكبتوا عليها طباعة (اللادار) للنشر والتوزيع! فالقاهرة مليئة بالمطابع (في كل زقاق مطبعة) بعيداً عن تلك المعايير الكلاسيكية التي تحد من إبداعكم والدور (الدكاكنية) التي تتاجر بفنكم وفكركم كأي سلعة غذائية تباع في (دكان) آخر الحلة، ذلك لطالما لكم القناعة التامة بأدواتكم الإبداعية واللغوية ولكم رسالتكم النبيلة في خدمة الوعي والاستنارة. ولا يوهمونكم بمقولة (أكتب لذاتك) لا شيء أسمه (الكتابة للذات) هذا وهم كبير وفشل في الوصول لخلق علاقة مع القارئ!
وأعلموا جيداً، أن الوسط الثقافي السوداني، وسط مليان بالاحقاد والنرجسية والشللية والانغلاق على الذات من النخبة الموجودة فيه المسيطرة على المراكز والمنتديات والمؤسسات الثقافية المبنية على شلليات تربطها المصالح الأيديولوجية والشخصية، والمعايير الاستيعابية التي لا علاقة لها بالفن، وسط مليان بالمشاكل (المشاكل التي ألفت فيها كتب طبعت ونشرت ووزعت!) ، فلن يستوعبوك بينه لطالما مجازياً أنت ليس بصلعة كبيرة ونظارات وكرفتة أنيقة و(فلان) الروائي الكبير صديقك، أو لطالما منظور لك أو موضوع في خانة (الكتابة الشبابية) وهو وصف استفزازي فيه تحييد للإبداع في معناه الجوهري يعني (صاحب كتابة مراهقة)!
فتجاوزا معاييرهم ومؤسساتهم وأوهامهم ونرجسيتهم البغيضة، وقوموا إلى ثورتكم يرزقكم الله وطن جميل على قدر جمالكم إن لم نقل على قدر فكركم الذي جزء منه أخلاقكم.
آخر القول وإلى بعض النساء: لا تكتبي بوجناتك بل بعقليتك، فالفضاء ملئ بالأيادي التي تخطف الفراشات لا قصيدة النثر!