بقلم :: عبد الرزاق الداهش
محافظ مصرف المركزي لا يرى أنه مسؤول على السياسة النقدية لليبيا . بل يعتبر نفسه وصيا على أموال الليبيين ،وسلطة الوصاية هنا أكثر طغيانية من أي سلطة أخرى . لأن العلاقة ليست بين حكام ومحكومين . بل بين أوصياء وقصر .
وتبعا لهذه الحقيقة فإن هذا المحافظ لن يصدر لنا بيانات وأرقام دقيقة حول احتياطات المركزي من العملة الأجنبية ،أو ما تما إيداعه من عوائد النفط ،أو أرقام التوريدات ،بل سيقدم أرقام موظف لخدمة سياسته ،مثل أي أب يخفي على صغاره رقم مدخراته .
ثقافة الوصاية لا تقف عند الكبير أو عند الموظف الكبير ،فحتى أصغر موظف في الصحة ،لن يفصح عن عدد الأطفال الذين تلقوا جرعة تطعيم ضد الحصبة ،ويعتبر سر من أسرار أمن دولة .
ذهنية التكتم والحجب ،هي ذهنية استعلائية تزدري الأخر وتطعن في أهليته ،والأخر في أغلب الأحيان هو الشعب ،الذي دسترت البلاد المتقدمة حقه في الأطلاع على الحقيقة ،ولا يستطيع أي برلمان أصدار تشريع يضيق على عامل نظافة حقه في النفاذ إلى المعلومات مهم كانت مهمة .
فإذا كان الشعب محروم من الحقيقة فمن غيره له الحق في الأطلاع على بيانات ممتلكاته ،وسلامة إدارتها من قبل الحكومة .
الديمقراطية ليست فقط عقد اجتماعي ينتهي عند صناديق الانتخابات ،هي أسلوب إدارة ،هي ثقافة ،هي منظومة متكاملة ،هي ليست هذا الذي يجري في ليبيا .