كلمة المسرح الليبي

كلمة المسرح الليبي

  • ميلاد منصور الحصادي

المسرح الجيد يتخطى مجرد الترفيه ليصل الى عقول الناس وقلوبهم ، فالمسرح رسالة سامية ولها تقاليدها المقدسة ، وان ابرز هذه التقاليد الوصول الى الجماهير، ولكن كيف نصل الى الجماهير ؟ كيف نخلق حلقة وصل بيننا وبينهم ، لعل أهم ما يوجه المسرح الليبي تلك العلاقة المرتبكة بينه وبين الجمهور، فلا نحن المسرحين استطعنا بالتواصل والاستمرارية ردم الهوة التى بيننا ، و لا الجمهور أستطاع أن يسعى نحو فهم أعمق للتجارب المسرحية ،لذا علينا أن نعترف أن مسرحنا الليبي يعاني الكثير من المشاكل والمصاعب ، وأنه رغم تاريخه الطويل الذى يمتد لأكثر من ثمانين عاما منذ عرض أول مسرحية ليبية فى درنه عام 1931 ، الا انه مازال يعاني معضلة التواصل مع جمهوره ولم يخلق حالة من التعامل معه.
هناك أسباب كثيرة لتذبذب هذه العلاقة ولعل أهمها ، غياب الخطط العلمية المدروسة التى من شانها أعادة بناء مسرحنا وفق احدث الأفكار والمدارس العلمية والثقافية المسرحية ، فلم نسمع طيلة سنوات عن قيام مراكز البحوث المنتشرة في بلادنا او جامعتنا باى دراسات حول المسرح في ليبيا تهتم بطموحاته وآفاقه ومشاكله ، أصبح المسرح يمثل لجميع ليلة فنية جميلة تنتهي بانتهاء العرض والخروج من الصالة ، كذلك فأننا لا ننسى غياب الدعم المادي والمعنوي من قبل إلهيات والمؤسسات المعنية بهذا النشاط ، فدعم المسرح يأتي في أخر أولويات عملها .
المسرح الليبي هذه الأيام ، لا يعيش فى أزهى أيامه ، بل أنه أصبح مجرد محاولات تظهر هنا وهناك ، وهى محاولة أثبات وجود فقط لا غير، وطالما نعيش في حالة ارتباك وفوضى سياسية واقتصادية واجتماعية ، فأن أول ضحايا هذه الفوضى هو المسرح …فالمسرح لا ينبت الا في بيئة حاضنة للإبداع والفن وراعية للعمل الفني بكل تفاصيله،
كثيرة هي المحاولات التى حاولت التأكيد على خلق مسرح ليبي الطعم والهوية ، وهي محاولات تكللت بالطموح والنجاح وأعطت بعض من أكلها ،، لكنها ستظل حبيسة أدراج المؤلفين أو مخازن الفرق المسرحية طالما لم تستطيع تقديمها مرات ومرات للجمهور.
المسرح الليبي والحركة الفنية عموما تعاني من اضطراب المفاهيم ، وما آفة شبه الاحتراف التى دخلت علينا دون أسسها العلمية والاقتصادية الحقيقية ، كانت وستظل واحدة من أسباب تدني وتدهور العمل المسرحي ، فللاحتراف مؤسسات وكيانات وإمكانيات لم تتوفر لدينا ، لذا فنحن مجبرون على التسول والبحث عن ممول يمنحنا بعض من عطائه ، لنقدم عملا مسرحيا مشوها لنجني منه بعض المال نظير هذا العمل الذى يسعى لإرضاء نوع من الجمهور دون النظر الى القيمة الفنية ا التى يقدمها .
نحن في أزمة حقيقية وخصوصا في السنوات الأخيرة فما يقدم هي مجهودات شخصية ،اغلبها لحضور مهرجان هنا او هناك ، والغريب ان اغلب هذه الإعمال لا تعرض على الجمهور الليبي وكأن المسرحيين الليبيين يعرفون مسبقا بأن لا أرضية لهم و لا جمهور.
ما نعانيه كثيرا وكبيرا ….ولكن لو تم أعداد دراسات حقيقية وواقعية حول المسرح الليبي الطموح والأفاق ….لو استطعنا إنشاء معاهد متوسطة وعليا للمسرح والموسيقي في كل مدن ليبيا ….لو اهتممنا اهتماما حقيقيا بالنشاط المدرسي ربما استطعنا ان نخلق جيل مسرحي وعي يستطيع ان ينهض بالمسرح الليبي ويخرجه من حالته الصعبة
المغفرة والرحمة لكل من أعطى المسرح الليبي وناضل من اجله ولم يحضرنا اليوم ،، تحية حب وتقدير لأولئك الذين مازالوا على الدرب يعطون ويقاتلون ويحفرون باصابعم وبإقدامهم فى الدرب الطويل من اجل النهوض بمسرحنا ، عاشت ليبيا ….ويحي المسرح
*************************
القيت هذه الكلمة في يوم المسرح العالمي 27/3/2019

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :