سلوي

سلوي

  • افتتاحية العدد 317 من صحيفة فسانيا

سبها مدينة لا تروى فيها أي قصص مبهجة وجميلة ، لأنها ومنذ زمن بعيد اعتادت على سرد الحكايات المؤلمة قصص القتل والخطف والتنكيل والرعب والسيارات المعتمة ودفع الفدية وخرج ولم يعد ، قصص تدور كل تفاصيلها حول ” الإظلام التام ” والسيولة المفقودة والمياه المقطوعة . لا إنجازات حقيقية يمكن الحديث عنها في مدينة مظلمة كمدينتنا تحولت لشبه قرية كبيرة وخاوية ، لكن قد تحدث المعجزة وقد يحيي الله العظام وهي رميم . ولعل قصة ابن العقيد محمد الأصفر التي لم تجد الصدى الكافي لها هي إحدى القصص المضيئة في عتمة سبها ، صحيح هي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة لكنها فعلا تدعو للبهجة . فالطالبة الجامعية التي كانت عائدة إلى بيتها هي ووالدها بعد أداء الامتحانات في كلية العلوم توقفت أمام أحد محلات الحلويات في المدينة حيث قرر الوالد مكافأة ابنته المجتهدة بشراء شيء من الحلويات لها . نزل الوالد للمحل وبقيت هي في السيارة ، مرهقة من يوم شاق شديد الحر ، لم تنتبه للّص الذي كان يتربص في انتظار فريسة وفي لمح البصر هجم أحد أعتى مجرمي سبها على السيارة وجلس على مقعد السائق وانطلق مسرعا ، رغم وجود الفتاة بها . في تلك اللحظة خرج العقيد محمد الأصفر من المحل ليجد ابنته وسيارته وذاك المعتدي يبتعدون عنه ، وفي ذات اللحظة كانت ابنته سلوى طالبة الجامعة ، تقاوم السارق وقد اشتبكت معه في البداية بالأيدي حيث كان يحمل بندقية ، حاول تصويبها باتجهاها لكنه فشل ، حاول إصابتها أو التخلص منها فشل أيضا ، خرجت السيارة من منطقة المهدية محلات ( أبناء المازق ) واتجهت نحو الهلال الأحمر ، وسط ذهول المارة ، ولازال السارق مصرا على أخذ السيارة وسلوى مصرة على التمسك بها ، عراك استمر لأكثر من نصف ساعة ، أصيب خلاله الجاني ونفذت ذخيريته ، فاتجه مجددا نحو منطقة المهدية تحديدا بالقرب من مقر ( المثابة الأم سابقا) لازالت سلوى تصارعه على مقود السيارة بمنتهى البسالة حتى قرر الفرار فتح باب السيارة وهرب ليكون الناس له بالمرصاد فيلقون القبض عليه ويعودوا به مقيدا ومصابا في يده والإصابة لأنه حاول إطلاق النار على سلوى فأصابته ، أما سلوى فقد كانت بمنتهى رباطة الجأش رغم إصابتها إصابة طفيفة في يدها استقبلت والدها مطمئنة قائلة أنا بخير يا أبي هذه الدماء لأن المجرم أصيب أثناء عراكي معه . كان يوما حافلا لم تشهده المدينة منذ زمن ، التحم كل من في المدينة بالموقف وطاردوا المجرم حتى تم القبض عليه ومعرفة اسمه ونسبه وانتمائه . لكن سلوى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة رغم أن موقفها البطولي هذا لن يتكرر ، سلوى ليست أول امرأة او فتاة في سبها تواجه الرصاص واللصوص ومن خلال عملنا الصحفي رصدنا حالات مماثلة لفتيات رفضن تسليم أجهزة هواتفهن لسارقي الطرقات رغم إشهار الأسلحة في وجوههن ، ولأخريات هبّن لنصرة معتدى عليه حاول بعض اللصوص سرقته ، ولعديدات تعرضن للتهديد مباشرة فلم يثنهن ذلك على الخروج والمقاومة ومواجهة جبناء المجتمع ومجرميه . سلوى وأخوات سلوى في سبها أثبتن لنا أن اللصوص أجبَن المواجهة وأنهم فقط محتاجون لقلوب قوية تهزم قوتهم المزعومة ترى هل ستكون سبها بعد هذه الحادثة كما كانت قبلها ؟!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :