في قوله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ{ [سورة الرعد: 11].
يقول سيد قطب:
«فهو يتعقبهم بالحفظ من أمره لمراقبة ما يجدونه من تغيير بأنفسهم وأحوالهم، فيرتب عليه الله تصرفه بهم فإنه لا يغير نعمة أو بؤسًا، ولا يغير عزًا أو ذلةً ولا يغيِّر مكانة أو مهانة إلا أن يغير الناس من مشاعرهم، وأعمالهم، وواقع حياتهم فيغير الله ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم، وإن كان الله يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون، ولكن ما يقع عليهم مترتب على ما يكون منهم، ويجيء لاحقًا له في الزمان بالقياس إليهم.
وإنها لحقيقة تلقى على البشر تبعة ثقيلة، فقد قضت مشيئة الله وجرت بها سنته أن تترتب مشيئة الله بالبشر على تصرف هؤلاء البشر، وأن تنفذ فيهم سنته بناءً على تعرضهم لهذه السنة بسلوكهم».
وقال القرطبي: «أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يغير ما بقوم حتى يقع منهم تغيير أما منهم أو من الناظر لهم، أو ممن هو منهم بسبب كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة بأنفسهم».
فعلى الدعاة أن يتعرضوا لهذه السنة الربانية فيحدثوا التغيير في أنفسهم، وأعمالهم، واتخاذ الأسباب في ذلك بأن يقوموا جماعات وأفرادًا يحملون شعور التغيير في أنفسهم إلى الإصلاح وإرادة الخير بأمتهم، بنقل مجتمعهم الذي حاد عن الصراط، واتبع سبل الغواية، بأن ينظروا في عوامل وأسباب انحرافه بالدراسة، والتشخيص، والتقويم، ومن ثم العلاج، فيكونوا بذلك قد حققوا التعاون على التغيير، وعملوا وفق مراد الله، ولن يضيع الله من سلك طريقه واستقام.