محمود السوكني
في الوقت الذي يتزاحم فيه المسلمون في ارجاء الأرض على الأسواق لإبتياع مايروقهم من مآكل ومشرب (إحتفاءً) بالشهر الفضيل ، يتدافع أشقاء لهم في أماكن متفرقة من القطاع المنكوب للفوز بلقيمات ملقاة من الجو ليسدوا بها رمقهم وقد شارفوا على الهلاك بعد أن سجلت حوادث الموت جوعاً رقماً ملفتاً من الضحايا لم يحدث من قبل .
سياسة التجويع التي يتبعها الكيان المحتل ضد سكان القطاع هي أخر ماتفتق عنه ذهن ساسته بعد أن قضت آلة الحرب على أكثر من واحد وثلاثين ألفاً من أبناء القطاع العزل عدا عشرات الألاف من المصابين .
لا أجد تفسيراً لحالة الشيزوفرينيا التي طغت على تفكير (الأشقاء) وهم يتبارون في إعداد الموائد الباذخة ويتصدقون ببعض الفتات منها في مايسمى بموائد الرحمان ، والرحمان منها براء ، وأكثر من نصف مليون من أخوة الدم يواجهون خطر المجاعة ، و90% من الأطفال مصابون بأمراض معدية ، والنساء الحوامل والمرضعات يعانون من فقراً غذائياً حاد .
أعجب لهم وهم يستلذون طيب الأكل واخوة لهم وعلى مقربة منهم يقتاتون البقايا الفاسدة واعلاف الحيوانات وورق الشجر !
ليس غريباً عن العدو المحتل تصرفه اللإنساني والمستهجن من أقرب حلفائه ، ليس غريباً عليه ذلك فقد حدد هدفه من البداية مهما كلفه الأمر ، فهو -أي الكيان المحتل- لا يعترف بحل الدولتين ولا يرغب في التعايش مع الفلسطينيين الذي يرى وجودهم شوكة في خاصرة دولته المزعومة وعليه أن يتخلص منهم بالقضاء عليهم قبل أن يتعطف احد الأشقاء ويتبرع بإيوائهم لديه ولو مؤقتاً ، وهو مايتمناه حتى يكون تصرفهم مستقبلاً حجة له على من يأويهم كما هو الحال الآن في لبنان الذي أضحى هدفاً مباحاً للكيان الصهيوني بحجة مطاردة الإرهابيين على حد زعمهم.
كل مايستطيع(الأشقاء) فعله هو الدعاء والإختباء ، لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً .