قصي البسطامي
وجب على المرشحين للسياسة توضيح سياساتهم مع الدول الإقليمية أي الدول التي لها حدود إقليمية مع ليبيا ، ولكي تكون هذه السياسات واضحة أكثر للرأي العام وجب توضيح ماهي أولى الخطوات التي يودون تقديمها ؟ وكيف يمكن التعامل مع دول الجوار وكيف يتم التنسيق بينها وبين الدولة الليبية فيما يخص الأمن الحدودي وفتح المعابر الحدودية حتى يمكن من خلالها بناء علاقات اقتصادية سياسية مشتركة تقرب دول الجوار من بعضها وتنسى الخلافات فيما بينها بطريقة أسلم وأسلك بفعل سياسي برجماتي مبني على المنفعة والمصلحة المشتركة. من الواضح أن الكثير من المرشحين ليس لديهم إلمام بما يخص العلاقات الإقليمية فبموجب نظرتنا لهم من باب الإنصاف لا النقد أرى أنهم غير قادرين على فهم هذه السياسات وأن أغلب المترشحين لا يمكن لهم استيعاب أو إدراك الوعي الكامل بهذه الأشياء، وإن قيّمنا مستويات المرشحين فأظن أن التقييم الحقيقي لهم أنهم ليسوا في محل قيادة دولة، وإنما هم في محل إدارة شركات صغيرة محلية تدير شؤون توزيع المؤن والموارد! أي لا يرتقي مستواهم إلى الحد المطلوب منهم أن يكونوا في مقعد الترشح للرئاسة.
أيضا أرى بأن المترشحين تنقصهم الخبرة في إلقاء الكلمة التي تبرز دورهم كسياسيين بارعين أو رؤساء يملكون السيادة الوطنية ويملكون القرار لنفسهم ولمصلحة شعبهم، وإن كانت هذه الشخصيات لا تملك الخبرة الكافية حتى في إلقاء كلمتهم أمام الشعب الليبي، فأظن أنه علينا أن نكون حذرين في اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب. سيادة الدولة لايمكن تحديدها بمشروع اقتصادي فقط، فبناءً على دراسة الشخصية الكاريزماتية وجب أن يكون الرئيس في محل الثقة بنفسه وإعطاء رؤية كاملة عما يدور في فلك أفكاره وأطروحاته سواء اقتصادية كانت أم سياسية أم فيما يخص العلاقات الخارجية والإقليمية مع دول الجوار. كثرة المترشحين للرئاسة في ليبيا لا تنبئ على وجود قدرة حقيقية في الإدارة بالقدر الذي نرى فيه السعي خلف لفلفة بعض المصالح الشخصية أو اعتبار الترشح رمزية تاريخية تضم إلى ملف القبيلة التي انتمى إليها أو العائلة التي أتى منها كنوع من الاعتزاز والفخر وهذه الظاهرة التي نراها الآن كشفتها الدقرطة التي أتاحت لنا فرصة ورؤية هؤلاء في اتخاذهم خطوات جدا مستعجلة وهذا الاستعجال لا يصبّ في مصلحة كونه يريد الترشح والخير لليبيا وإنما تعزيز المكانة الاجتماعية وتقويتها أمام بقية القبائل الأخرى حتى تكون في محل الكفؤ لها والضد في تكتلها وقوتها وجبروتها في المنطقة. إن المشحانات القبلية والصراع على السلطة عبر التاريخ كان دائما محل نزاع داخلي بين أبناء الوطن وليست المسألة تتعلق بتحريك الدول الخارجية لهذه البيادق البيضاء الصغيرة إن صح التعبير، فالإشكال يقع على القبيلة وعلى ثقافة القبيلة أكثر من كونه يتعلق بشيء آخر.
ووجب أيضا أن تكون دراستنا في محل فهم طبيعة مجتمعنا الليبي وثقافتها أي الانطلاق من الأسفل إلى الأعلى لا العكس لكي لا تكون هناك هوة واغتراب بين بنية الدولة والثقافة المحلية. بعد تسريب صحيفة التايمز البريطانية بخصوص البحث عن عميل من ضمن المرشحين في ليبيا ، أعتقد أن الفرصة للتطبيع جاهزة كثيرا ويمكن رؤيتها عبر تجاوز المرشحين بعض المبادئ التي وجب القول بها والتحدث بها أمام الشعب الليبي فالخيارات أصبحت عند إسرائيل مسألة جدا سهلة لكثرة من يتحدث ويتلعثم في حديثه عن الاقتصاد وتقوية الشركات وما أدراك ما الشركات ، لكي تتاح الفرصة للكيان الإسرائيلي أن يوقع هؤلاء في الفخ الاقتصادي وتقديم بعض الخدمات لهم مقابل مشروع مخطط ومدبر له من قبل دولة الكيان الصهيوني ،نتيجة لمرشحين لا يمكلون خطة مناسبة لتقوية وإدارة الاقتصاد الليبي. التخطيط الاقتصادي مبني على رؤية موضوعية للجغرافيا الليبية ورؤية مدروسة من قبل خبراء ومهندسين وشركات، والتنسيق بينها والتعامل معها بندية دون التواطؤ معها من خلال مطالب متبادلة أي بمعنى آخر دون أن تكون الخدمة الاقتصادية المقدمة منهم مقابل التطبيع مع إسرائيل. نحن نقول هذا الكلام لأن أغلب من قدم الرؤية الاقتصادية الخاصة به رؤية هشة وغير مدروسة ومجرد فضفضة كلامية وترويج للدعاية الانتخابية الخاصة لكل مترشح. نحن نحتاج إلى توضيح رؤية المرشحين بعد تسريب خبر زيارة اللواء المتقاعد خليفة أبوالقاسم حفتر لإسرائيل، ولكي تكون الصورة واضحة وجب على المرشحين توضيح هذه الرؤية دون التواء أو انحراف في الحديث عن هذه الكلمة ، فالمسألة أصبحت مسألة مصير للأمة الليبية ولم تعد مسألة تتعلق باتفاق عادي ، فمن فمَن المرشحين قدم كلمة أو رؤية أو فكرة أو حتى حرفا يتعلق بموقفه من الكيان الصهيوني الذي اغتصب حق الشعب الفلسطيني في أرضه وحريته وثروته؟ الشيء الذي ربما لا نستطيع رؤيته كيف لنا أن نختار المرشح الأفضل ، إن المقياس العام أي للرأي العام لا يرى ثغرات هؤلاء بالقدر الذي يرى فيه كل فرد من الشعب الليبي مصلحته الخاصة سواء أكانت هذه المصلحة مادية أو مصلحة عرقية تتعلق بانتماء المرشح لقبيلته. وجب على النخب المثقفة توضيح هذه المسائل الشائكة عبر وسائل التواصل والصحف والمجلات والإعلام والراديوهات بأي وسيلة كانت، فالرؤية العامة لدى الناس تنساق دائما خلف ستار الإعلام الذي يوجه الرأي لمن يجد فيه مصالح هذه القنوات لا مصالح الشعب نفسه. أرى أن الناخبين وجب أن يكونوا مدركين لحقيقة أن هذا الشعب ليس مغفلا وليس غبيا ولا يمكن الضحك عليه ، ويرينا التاريخ أن قادة ادعوا قيادة الشعب وحملوا شعاراته الرنانة لسنين إلا أن الموازين في الغالب ما تنقلب على رؤوسهم في اللحظة التي يدرك فيها الشعب خطر الحاكم عليهم فكما عوقب موسوليني وتم رميه بالرصاص وكما عوقب الكثير من القادة من بعدهم نتيجة خذلانهم لمطالب شعوبهم فكذلك بالنسبة لنا ، كلما كنا صادقين مع الشعب في تحقيق مناه وقضاياه المصيرية والتاريخية، كلما كنا أكثر حذرا وأقل خطرا. وأرى بأن المرشحين والله أعلم بما في صدورهم ليسوا في محل قول المصداقية بأي شكل، عدا القلة منهم ، نحن لا نعلم الغيب ولكن العمل بالأسباب
ودراسة الشخص وإعطاء رؤيته للشعب كافية بأن تبين لنا اعوجاج القواعد والأعمدة والبناء عندهم بالكامل ومن الصفر.