بقلم :: هدى أحمد الورفلي :: سبها
الفائزة بالترتيب الأول في سهرة الأربعاء للقصة القصيرة / بتاريخ/ 2018/يناير/17
امتزجت ضحكتها مع زقزقة العصافير فكانت معزوفة رائعة.. ضحكتها التي كانت تسابق خطواتها، وهي تركض بعجل نحو منزلها بعد نزوح قضته مع والديها في مخيمات البؤس العارية .. ينخر برد الشتاء عظامها الصغيرة، وتلفح جسدها الناعم حرارة الصيف.. لم تسمع نداء والدتها وهي تستمهلها خوفا عليها من السقوط:
– دعيها، لا تقيدي فرحتها، فاليوم سعادتها عارمة، منذ وقت وهي تترقب هذه اللحظة.. حتى إنها بالأمس صارعت النوم، فغلبها النعاس، وسقطت وهي تحتضن عروسها.
هكذا رد والدها على زوجته، وهما يتبادلان ضحكات صنعتها فرحة العودة… فجأة هز المكان انفجار مدو ابتلع صوت خطواتها.. ماتت ضحكاتهما.. تطاير جسد الصغيرة أشلاء في الهواء.. أصاب الشلل والديها .. خر كل منهما علي ركبتيه فوهان مفتوحة شفاههما، وكأنها تستجدي الكلمات التي انصاعت لرغبة الأم، ومنحتها صرخة مدوية:
– يا ابنتي….
في لحظة اتكأت علي يديها، والتقطت أطراف ثوبها الطويل، وركضت باتجاه الانفجار، وصراخها يكاد يشق الجدران:
– أين هي.. أين هي؟
وقعت عيناها علي بقايا فستان تحت الأنقاض، أزاحت ما حوله، وتعالت صرخاتها أكثر، وهي تحتضن ذراع طفلتها التي تحولت إلى كتلة سوداء، وهي مازالت تمسك بعروسها… ماتت قبل أن يتحقق حلمها بالعودة إلى منزلها.. ورفرفت روحها مع تلك العصافير لتنعم بسلام أبدي لا مكان فيه لغربان تزرع الموت وتقتل الأحلام في المهد…