صلواتٌ في معبدِ الأيتامِ

صلواتٌ في معبدِ الأيتامِ

  • خلف دلف الحديثي

في هيكلِ الروحِ غاباتٌ من النكدِ

  وصخرةُ الجرحِ ألقتْ نارَها بيدي

وعجّلتْ دورةُ الأيامِ مطحنتي

  وغربلتني شآبيبٌ من الكمدِ

وأرخنتْ موتَ أنفاسي مُحاورتي

  مع البكاءِ وأطفتْ جمرةَ السعدِ

والكوخُ تصفر أرياحٌ بداخلهِ

  والغيّ يطغي بلا وَعي على رشدي

ماذا سأرسمُ فوق النارِ من جُملٍ

  وما أقولُ بما يؤذيكَ يا ولدي

عنْ أيّ موتِ طوتنا فيه لحظتهُ

  وراحَ يأكلُ بالحرمانِ من جسدي

وجمرة في فمي حصحصْتُ موقدَها

  لاكتْ رؤاي ودقتْ أضلعَ الزبد

موتٌ يحاصرُ ضلعي في تجبّرهِ

  وقهقهاتُ القبورِ السودِ في الصُّعُدِ

وقبّراتي التي ارتدّتْ بلا وطنٍ

  إلى المتاهِ وعافتْ ساحة البلدِ

والماءُ حولي وفيرٌ عند ساقيتي

  لكنني الآنَ لم أشربْ ولم أردِ

وما مددْتُ يدي حتى ألملمَني

  وجهاً تشظّى بوادي اليأسِ والسندِ

البردُ يجلد أقدامي ويجلدُني

  سوط التسوّل بين الثلج والبردِ

عشرونَ عاماً أُرَى في كلّ منعطفٍ

  أدورُ أبحثُ عن زادي ومرتفدي

عن هيبة كنت أدريها بأنفسِنا

  وغير هذا الضياع المر لم أجدِ

أمارسُ الموتَ عرياناً وخاصرتي

  معاولُ الهدم تدميها من الحردِ

بها تعيثُ رَحى الويلات دائرة

  على جراحٍ من اللأواءِ والمسدِ

أدوسُ وحدي على سكّين ولولتي

  لكي أعودَ إلى نفسي ومعتقدي

وكي أقيتَ بقايا الأهلِ من تعبي

  بما حصدتُ من التوبيخ والسهدِ

أبي الذي ماتَ من أجل الذين علوا

  وصيّرونا نفايا السيل والزبدِ

أجيالنا انغمستْ في كل مجمرةٍ

  والوارياتُ بهم جالتْ بلا مددِ

ما زاغ يوماً ولا ألقى محاورَها

  وما تقاطرَ خلفاً خائرَ الجلدِ

تشبّثت كفهُ في كل زاويةٍ

  وما تولّى وخيلُ الأهلِ في صددِ

حتى كأنّ رقاعَ الأرضِ قد خُتمتْ

  بمن تفانى وعضّ القاعَ في صرَدِ

أبي هناكَ زحامُ الموتِ سارَ له

  منْ حيثُ يدري ولا يدري بلا عُدَدِ

مضى وخلّف أطفالاً تلاحقهُ

  بلا ثيابٍ وبيتٍ واهيَ العَمَدِ

تدورُ بين قصورِ المترفينَ دماً

  وتستقي غصّة الآلام والكَيدِ

وتكتوي من عيونٍ بحلقت شزراً

  عسى تعيدُ انكسارَ الظل من بددِ

وخصبُ كلّ بلادِ الله من دمنا

  أربابُ جودٍ نما منْ سالفِ الأبدِ

تقتاتُ خبزَ الأسى من كل حاويةٍ

  ملأى بخير الإلهِ الواحدِ الأحدِ

وتستقي ماءَها من جرحِ حنظلةٍ

  قد أربكتها خيولٌ ثرّة العَددِ

أرتجّ برداً وأعصابي تناشدُني

  على الثباتِ وأسعى سَعي مجتهدِ

والثلجُ يضحك مجنونا ليمنحَني

  دفئاً ولستُ أرى للدفءِ من سندِ

أنا اليتيمُ وخبزُ الحبّ فارقني

  وجوعُ روحي تعشّى منْ يدِ اللحَدِ

والجلدُ يلبسُ ثوبَ البردِ متكئاً

  على الأنين يمنّي الروح بالوَقدِ

أنا اليتيمُ الذي فرّتْ عنادله

  إلى سماءٍ من الخيباتِ والجَهدِ

ألوبُ جوعاً وأنسى أنني بشرٌ

  والنفط فوق يدي يجري بلا حسدِ

مجدٌ لمنْ شادَ من ضلعي مواكبَهُ

  وراح يزأرُ خلفَ السورِ كالأسدِ

أكادُ أجزمُ أنّ الأرض تكرهُني

  وأنني الطائرُ المنسيّ من أكدِ

كلّ الجراحِ بنا شالتْ خناجرَها

  وما ارتمينا وقلنا للأذى ابتعدِ

أودى بروحي أذى الترحالِ في مدني

  وخيمتي لم تزلْ مثقوبة العُقَدِ

فكلُّ يوم إذا أمسى أقولُ غداً

  علّي سأجني ثمارَ الخيرِ والشهدِ

قلبي على وطني لكنْ أنا وطني

  ظلماً تمادى على حَقي وحلم غدي

قلبي عليّ وأخواني تحاججُني

  لمَ البقاءُ بغاباتٍ منَ النكدِ

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :