تقرير : بية خويطر
بينما تستعد سبها لحدث مفصلي تنتظره منذ سنوات ( انتخابات البلدية)يقف المواطن بين رغبة في التغيير وواقع يجره دائما للخلف.
المدينة تعيش هذه الأيام على وقع حملات انتخابية نشطة، و وعود تتزاحم في فضاء سبها بالتحسين والتطوير والخدمات ، لكن خلف كل هذا الضجيج يطل وجه الأزمة المعتادة التي لا تفارق المدينة، أزمة الوقود.
فبعد فترة قصيرة تذوّق فيها الأهالي شيئا من الرفاهية مع توفر البنزين وعودة المشهد إلى طبيعته، أغلقت سبها عينيها لتستيقظ من جديد على طوابير لا تنتهي ، وكأن هذا الطابور قد أصبح علامة مسجلة للمدينة، ورمزا يوميا يختصر معاناة الناس وعجز الجهات التي لم تستطع رغم الوعود أن تجعل هذا التحسن يدوم طويلا.
ومع اقتراب صندوق الاقتراع من كل بيت يبقى السؤال للمواطن، هل سيصل إلى صناديق الانتخابات في ظل غياب الوقود ؟

تقول المواطنة فاطمة إن الأزمة المتجددة لم تعد مجرد ظرف طارئ، بل تحولت إلى مشهد يومي يفرض نفسه بقوة على تفاصيل الحياة في سبها.
وتضيف أن السؤال الذي يراودها باستمرار هو لماذا تتكرر هذه المعاناة في مدينتنا تحديدا؟ وتشير إلى أنها، كغيرها من الأهالي، وجدت نفسها في يوم واحد عاجزة عن إيصال أطفالها إلى مدارسهم، وحتى الحصول على متطلبات البيت الأساسية أصبح مرتبطا بتوفر السائل الأسود، الذي بات يتحكم في حركة الناس وقدرتهم على تسيير شؤونهم اليومية.
أما نعيمة الشريف، وهي معلمة، فترى أن الأزمة تجاوزت حدود الإرباك إلى مستوى يعطل مؤسسات بأكملها.
وتوضح أن عدم قدرتها على تعبئة الوقود جعلها عاجزة عن الوصول إلى وظيفتها ومدرستها، وهو ما تعتبره تناقضا صارخا بين الوعود التي ترفع في الحملات الانتخابية وبين واقع يقول إن هناك أطرافا ما تزال تصر على صناعة الأزمات.
وتؤكد أنها، أمام هذا المشهد، فقدت الثقة في الوعود المطروحة،ولا ترى نفسها متجهة إلى الصندوق الانتخابي.
من جانبه،اعتبر طارق أوريت أن مشكلة الوقود ليست سوى انعكاسا لغياب التخطيط في ليبيا بشكل عام ، ويقول إن علاقة الديمقراطية بالتنمية علاقة معقدة ، ومتبادلة بين مستوى المعيشة مع مستويات الفقر ونظم التعليم. ويضيف أن التعليم يعزز الممارسة الديمقراطية، والديمقراطية بدورها تدعم التعليم، وأن هذا التكامل يمثل المحرك الأساسي لأي عملية تنمية بشرية واقتصادية. وبغياب هذا النسق، تتسع الفجوات وتعاد إنتاج الأزمات بصورة أكبر.
في المقابل، يؤكد مصعب القاضي أن شح الوقود لن يمنعه من ممارسة حقه الانتخابي. ويضيف أنه سيواصل الإدلاء بصوته لمن يراه قادرا على إحداث تغيير حقيقي، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية مرتبطة بحسب رأيه بإلغاء نظام الكود الذي يرى أنه لم يكن وسيلة احتكار كما يتصوره البعض، بل آلية تنظيمية ساعدت على ضبط عملية توزيع الوقود والحد من الفوضى.

أما زينب سالم، فتعكس جانبا أكثر حدة من معاناة المواطنين، إذ تشير إلى أن الأزمة طالت حتى المرضى، وأن كثيرين لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات والمصحات لتلقي العلاج ، وتساءلت زينب إذا كان الوصول إلى الرعاية الصحية أصبح أمرا شاقا، فكيف يمكن للناس الوصول إلى صناديق الاقتراع؟ وتضيف أن المشاركة الانتخابية، في ظل هذا الواقع، تبدو محاصرة بوعود لن تتحقق ، مما يجعل الصندوق في نظرها محاطا بأوهام أكثر من كونه حاملا لحلول.
ومن جهتها أكدت هناء بشر أن كل محاولات تعطيل العملية الانتخابية لن تثنيها عن ممارسة حقها الديمقراطي، وأشارت إلى أن ما يحدث اليوم من اختناق في الوقود وتعطل في الخدمات ليس سوى محاولة لإرباك المشهد وإفقاد المواطنين ثقتهم في إمكانية التغيير، إلا أنها ترى أن الاستحقاق الانتخابي هو الوسيلة الوحيدة لكسر هذه الحلقة.
وتضيف أنها، ومعها شريحة واسعة من المواطنين، على أهبة الاستعداد للتوجه إلى صناديق الاقتراع، إيمانا بأن المشاركة هي الرد الأقوى على كل أشكال العرقلة.














