صندوق دعم الزواج، دعوة للعزوبية

صندوق دعم الزواج، دعوة للعزوبية

أستطلاع :: ليلى المغربي 
أصدرت الحكومة المؤقتة التابعة للبرلمان الليبي شرقي ليبيا، قراراً يقضي بدفع ضريبة من المقبلين على الزواج، وفق عدة بنود وحسب جنسية العروس أو العريس، مما أثار موجة من الاستياء والغضب وحتى التهكم، نظراً لأن هذه الضريبة ستدفع لصندوق دعم الزواج، في مفارقة عكسية، فبدل أن يساهم هذا الصندوق في دعم المقبلين على الزواج، يجد الشباب أنفسهم مطالبين بالدفع للصندوق، هذا القرار يلزم الشاب الليبي الراغب في الزواج من فتاة ليبية بدفع 50 ديناراً كضريبة على عقد الزواج، أما من سيتزوج من غير ليبية عليه دفع 5000 دينار فيما يطلب من غير الليبي دفع 3000 دينار ليتزوج ليبية، وأن هذه الضرائب  ستذهب لدعم صندوق الزواج، الذي تم افتتاحه قبل ست سنوات تقريباً بهدف القضاء على ظاهرة العنوسة في البلاد.

قرار إنشاء صندوق دعم الزواج

يرجع صدور القرار بإنشاء صندوق لدعم الزواج للحكومة الليبية برئاسة الكيب، وحمل رقم 119 لعام 2012 والذي يكون تابعاً لوزارة الشؤون الاجتماعية، ويتمتع بشخصية اعتبارية واستقلالية مالية، ووفقا للقرار يُخصص هذا الصندوق لدعم الزواج، من خلال تنفيذ السياسة العامة التي تعتمدها وزارة الشؤون الاجتماعية بهذا الشأن، وينص القرار على صلاحيات الصندوق القاضية بتقديم “المساعدة في توفير المسكن المطلوب للراغبين في الزواج الذين يتعذر عليهم تأمينه، بالاعتماد على إمكانيتاهم الذاتية، ومنح الراغبين في الزواج مبلغا مناسبا لتغطية المصاريف ذات الصلة، بالإضافة إلى دعم برامج الأفراح الجماعية التي تنظمها الجمعيات الخيرية”، ويقوم أيضا الصندوق، بالتعاون مع الجهات التي تعمل على معالجة ظاهرة تأخير الزواج، وتشجيع زاوج الليبيين والليبيات، فيما أشير له أنه للمحافظة على التماسك والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع”.

وحسب رأي عام يسود المجتمع، أن مشكلة العنوسة تعزى إلى غلاء المهور، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج، بالإضافة إلى الشروط التعجيزية التي يضعها أهل الشابة او حتى أهل الشاب، ، وخاصة أننا من البلاد التي ترتفع فيها نسبة العنوسة للجنسين، كما أن فرص العمل غير متاحة للشباب، ومعظم الوظائف تشترط الخبرة للتوظيف، والتي لا تتوفر في شاب تخرج حديثاً، أو القطاع الخاص والذي يحتاج لرأس مال ليس بالهين لتأسيس مشروع مهني خاص، وفي ظل الحرب الأهلية التي نعيشها، والانهيار الاقتصادي ونقص السيولة وارتفاع الدولار وغلاء الأسعار، ماذا بقي للشباب من حلول؟ وخاصة أن أهمية الزواج للشباب لها عدة جوانب، وأهمها الجانب الجنسي، فالزواج وسيلتهم الوحيدة المتاحة في مجتمع مسلم ومحافظ، وبالتالي فإن بعض الشباب يلجأ للتنفيس عن هذه الرغبات خارج البلاد كلما سنحت له الفرصة بسفر، وبقرار كهذا تزيد الحكومة تعقيد حياة الشباب على عقد موجودة أصلاً، ناهيك عما يطال المرأة من إساءة، في هذا القرار الذي يشي بتسعيرة للمرأة حسب جنسيتها، وفي تعليقات لبعض النشطاء والناشطات الحقوقيين ” أن ثمن الأجنبية أغلى من الليبية”، وعلى الرغم من أن القرار ظاهرياً، يحاول دعم الزواج بين الليبيين، لكنه يتناسى أهمية اختيار الزوجة وفق مشتركات تهم طرفين ليست الجنسية لأحدهما من ضمنها، وفي الواقع هذا يتعدى الإساءة للامتهان بكرامة الرجل والمرأة وحقهما في اختيار شريك الحياة.

أراء

وبما أن الشباب هم الشريحة المعنية بالقرار بالدرجة الأولى، ورغم أن هذا القرار يشمل المناطق الخاضعة لسيطرة المؤقتة فقط، لكننا توجهنا لسؤال الشباب من جميع أنحاء ليبيا، عن رأيهم بهذا القرار،  لأهميته ولايصال أصوات الشباب ومعاناتهم، وكان نص السؤال المطروح عليهم كالتالي:

باعتبارك شاب مقبل على الزواج، كيف ترى قرار صندوق دعم الزواج ؟ وخاصة مع تكاليف الزواج المرتفعة وغلاء الأسعار ، وشح السيولة ؟ صحيح أن القرار صادر من الحكومة المؤقتة ويشمل المنطقة الواقعة تحت سيطرتها فقط .. لكنه أمر يسترعي الانتباه .. لما له من تبعات تجعل الشباب يؤخر مشروع الزواج .. ويطرح سؤالا أخر .. هل هكذا يتم دعم الزواج بمطالبة الشباب بالدفع ؟ أين الدعم الذي يحمله الصندوق ولمن سيذهب إن كان الشباب من سيدفع؟

بدرالدين مختار ــ طالب بكلية الطب البشري ويعمل في القطاع الخاص

أنا أولا ومن حيث المبدأ لا أعترف بشرعية الحكومة التي أصدرت هذا القرار، ولا أعترف بأية شرعية إلا للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وهذا التنويه لابد منه حتى لا يعد التعليق اعترافا ضمنيا بأن إصدار ما يسمى بالحكومة المؤقتة لأي قرار هو أمر شرعي أصلا،

ولكن من حيث فحوى القرار فلم استطع تبين الحكمة من ورائه ، ولا أدري كيف يطلب مني دفع مبلغ مهما كانت ضآلته، لصندوق أعلم علم اليقين أنه لا يدعمني أنا شخصيا في أي شيء، وخصوصا في وقت كهذا ، أنا فيه مشغول بالتجهيز للزواج وتكاليفه المعروفة، هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فيبدو العبث واضحا جدا، في تحديد المبلغ وتصنيفه إلى رسوم تخص المتزوج بليبية ، ورسوم تخص المتزوج بأجنبية ، هذا التصنيف مزعج جدا ، وكان الله في عون إخوتنا في المنطقة الشرقية ممن ينوون الزواج من أجنبيات في هذا الظرف الصعب ، مبلغ خمسة آلاف دينار في هذا الظرف الحرج يقصم الظهر [ حرفيا ] .

عبدالحكيم اليمني ــ صحفي القرار فاشل جداً، وهو طريقة غبية مبتكرة لغرض التحصل على ضريبة جديدة من المواطن ، كيف تدعي الحكومة انها ستحصل على هذه الضريبة لغرض دعم الزواج، وهي في الأساس تحصل على هذه الضريبة، فقط من الشباب المقبل على الزواج، الذي من المفترض أن يتحصل على دعم، من نفس الصندوق الذي يفرض عليهم ضرائب، الأمر متناقض ولا يوجد به أي منطق ، بالإضافة إلى موضوع التفرقة الشاسعة في قيمة الضريبة بين الليبيات والأجنبيات وهو أمر يخالف أولاً الشريعة الإسلامية، اذا تحدثنا من منطلق أننا شعب مسلم بالكامل، وأيضا يخالف كل القوانين الخاصة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان المقبل على الزواج ، عليه يعتبر هذا القرار سبب اضافي لا أكثر لكي يكره المواطن الحكومات الليبية المتعاقبة بعد 2011 بشكل عام وحكومة شرق ليبيا بشكل خاص.

محمد عياد ــ موظف حكومي انا لم أطلع على نص القرار، لكنني سمعت عنه، و قرارات الحكومات الليبية بعد 2011 ،  في أغلبها صادمة، خاصة في حقنا نحن الشباب، و هذا القرار يضيف تعقيدات لحياة الشباب و مع هذه القرارات نقول و بكل أسف وداعا للمجتمع المحافظ.

حسن كدنوا ــ طالب جامعي وناشط حقوقي فعليا ً لم افهم المقاصد الكامنة وراء القرار الصادر من رئيس الوزراء، ولكن ما أدركه أن له أثر سلبي بالغ ، فمشاريع دعم صناديق الزواج وأخواتها، فيها من الفساد الشيء الكثير، وهذا الفساد ظاهر للجميع، ولن تكون هناك مصلحة مجتمعية ورائها إلا للشرائح المقربة من المشرفين على المشروع (مع بالغ احترامنا للبعض)، هذا القرار ليس صائباً من وجهة نظري وأتمنى أن أكون على خطأ.

محمد هاشم ــ معلم ثانوي صندوق دعم الزواج كفكرة بادرة جيدة وأظن أن هذا الصندوق تأسس منذ عام 2012 في عهد وزارة الكيب، لكن لم نسمع شيئا عن نشاطاته منذ تأسيسه، وأعتقد أن القرارات الجديدة للحكومة المؤقتة تهدف إلى توفير إيرادات للصندوق من جهة، و للتقليل من ظاهرة الزواج من الأجانب والأجنبيات من جهة أخرى .. لكن يبقى السؤال هو مدى جدوى هذه القرارات؟ وهل بالفعل سيساعد الصندوق في حلحلة المشكلة بشكل فعلي ؟

في تصوري الشخصي أن مشكلة الزواج، مرتبطة أساسا بالتردي العامـ في أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية، و التي أدت إلى تفاقم المشكلة، و زادت من معاناة الشاب الليبي المقبل على الزواج، من حيث غلاء الأسعار وانعدام السيولة ونقص فرص العمل.  وعليه فالحل -في نظري- ليس بعلاج العرض بل بعلاح المرض ، وإيجاد حل للأزمة السياسية وجعل ذلك على رأس أولويات الحكومات الليبية المتصارعة ؛ وستحل او تخف حدة مشاكل الشباب تباعا وعلى رأسها مشكلة الزواج، وأنا شخصيا أعتقد أن هذه القرارات ستبقى حبر على ورق ولن يلتزم بها أحد.

عبدالهادي بكرا ــ يعمل في القطاع الخاص هناك عدم الثقة من الشباب اتجاه أي قرار يصدر من الحكومة، وكثر لا يرون جدوى من هذا الصندوق، إلا إذا دعم من قبل الدولة مباشرة، مع عدة خطوات لإصلاح منظومة الزواج ككل،

وبالفعل إن كان على الشاب دفع خمسة آلاف أخرى لصندوق لا يعلم ماهيته سيضطر إلى التأجيل او التحايل لتجنب هذا الأمر، الصندوق فكرة رائعة، لكن أن تنفد عن طريق القبيلة والاجسام الاجتماعية الأخرى، على الأقل سيضمن مصداقيتها واستمراريتها.  حالياً أعتبر نفسي محرض على عدم الزواج، لأن الشباب لا يعي مسؤوليات الزواج، وما يخيفني أكثر حالات الطلاق المرتفعة، حتى كل صديقاتي أحرضهن على التشبث بحقهن والمطالبة بأعلى المهور، وقصة تخفيض المهر لا يتماشى معنا، أما صندوق دعم الزواج اعتقد يبدأ بتوفير نظام الدفع بالتقسيط على أقل تقدير.

علاء الدرسي ــ صحفي

شخصياً أرى أن هذا القرار، ماهو إلا صورة أخرى، من صور الحوصلة المالية المثيرة للشفقة من قبل الحكومة، وبه من عدم المسؤولية الكثير، ولعل ليبيا ستكون الوحيدة عالمياً التي تقتص ضريبة كبيرة بهذا الشكل دونما مقابل في حالة الزواج، ولأن نسب الشباب تعد كبيرة في ليبيا، فإن الحكومة بهذا الشكل تدق مسمار نعشها دون أن تعلم، ككما أعتبره ابتزاز حكومي،وكأن الزواج صار جنحة، أي أن المواطن “يعاقب ” على الزواج، مع ملاحظة أن العزوف على الزواج صار ملحوظاً، ولو تم العمل بهذا القرار، فإن نسب العزوف عن الزواج سوف تكون أكبر بكثير، وفي كلمة أخيرة أقول “إن الدولة الليبية لاتعني لي

في شيء، ولم توفر لي شيء، ولا اطلب منها شيء، وهذا القرارأراه أيضا ابتزاز بليبيتي، أي أني مطالب بالدفع دون مقابل لكوني ليبي”.

رأي القانون

ولمعرفة مدى قانونية ومشروعية هذا القرار، الذي يلزم المقبلين على الزواج

بدفع ضريبة حسب جنسية الزوجة أو الزوج؟ وهل هو ملزم حاليا في موقع سلطة المؤقتة؟ وما تبعات مخالفته من المقبلين على الزواج ؟ توجهنا بهذا السؤال للمستشار القانوني “عقيلة محجوب محمد” الذي أوضح بقوله” هذا القرار باطل قانوناً، لأن القاعدة الفقهي
ة تقول: أن لا اجتهاد مع نص/ وقد حُددت شروط صحة الزواج بنص قانوني، في القانون رقم 10لسنة 84م، بشأن الزواج والطلاق، فلا مجال لإضافة شروط أخرى، غير منصوص عليها في القانون، كما أن غاية انشاء صندوق دعم الزواج، هو مساعدة المقبلين على الزواج وليس التضييق عليهم”

حرب على الإرهاب، وحرب أهلية وقودها الشباب، وصراع سياسي وديني بين عدة أطراف، وبرلمانات وحكومات شرقاً وغرباً، صراع جهوي وقبلي، انتشار للعصابات المسلحة، خطف وقتل وسرقة، غياب لمقومات الحياة الأساسية، لا كهرباء ولا ماء وانهيار للتعليم والصحة والاقتصاد، يأتي هذا القرار وكأنه أحد الحلول للمشاكل الجذرية والمصيرية في البلاد، والحقيقة أنه يفاقمها وكأنه يجبر الشباب على العزوبية.

يعتب الشباب دوماً على اهمال قضاياهم وعدم تناولها في الصحافة، والاهتمام بشؤون المرأة والتركيز على حقوقها وقضاياها، ها نحن اليوم نحاول أن نلفت عناية الحكومات لبعض ما يعانيه الشباب.

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :