طفلٌ لاختطافِ الماءِ

طفلٌ لاختطافِ الماءِ

  • خلف دلف الحديثي

طفلٌ هواكَ يَسُلُّ خيطَ دمائي

ليُخيطَ فيّ شراشفَ الأخطاءِ

ويجرّ يُتمَ الماءِ منْ أحضانِهِ

وينامُ في غبشِ الخيالِ ورائي

ولأنّني سافرْتُ خلفَ مجرّتي

خلّفْتُ عشّ الرّوحِ في الأجواءِ

ودخلْتُ في حضنِ الشّتاءِ مُبلّلا

ولبسْتُ ثوباً من فصولِ ثرائي

ونسيْتُ سلسلة الحنينِ وخيمتي

في الرّيحِ تطوي عَرْشَها أهوائي

منْ قبلُ أنْ آتي وتولدُ أحرفي

كانتْ خطوط اللهِ في سيمائي

ورؤاهُ أعْطتْني مفازةَ نورِهِ

ليدورَ صوتُ الشّعرِ في الأرجاءِ

ما جئْتُ منْ خلفي ولا خلفي أتى

صَوْبي ، ولكنْ مدّني ببكائي

وجْهٌ عراقيّ يُسافرُ مُتعباً

بينَ القرونِ مشرّدَ الأجزاءِ

أحتاجُ قرآناً لأقسمَ أنّني

ما خنْتُ أو حاولتُ لاستثنائي

أحتاجُ حَجّاجاً يسوسُ أمورَنا

ويؤدّبِ الأمراءَ دونَ مِراءِ

أنْ يقتلَ الشّعْبَ المغيّبَ أمرُهُ

ويُقيمَ حدّ اللهِ بالأمراءِ

أحتاجُ مجنوناً يُدفدفُ زاهداً

ويُقيمُ أعراساً بموتِ شتائي

أحتاجُ منْ أحتاجُ لا أدري أنا

مَنْ ذا يُحاسبُ سطوةَ الخلفاءِ

أدري ولكنْ لسْتُ أدري غضبة

خَصفوا فمي في مخرزِ الفقهاءِ

فلقدْ يطولُ الشّرْحُ لو صاحَ السّرى

في خيمةِ اللاءاتِ في الصحراءِ

أحتاجُ ليلاً لا تجيءُ نجومُهُ

وتغيبُ عنهُ مشارفُ الأضواءِ

أحتاجُ يا ربّ الوجودِ زنازناً

لأزجّهمْ في عالمِ الظلماءِ

أحتاجُ أنفاساً تُرقّصُني هوىً

في صمتِها تفّاحة الأخطاءِ

يا ربّ تاريخي تشرّدَ كلّهُ

وعليهِ ألقى الوقتُ غيظَ بلائي

دائي تسرّبَ واستقامَ عمودُهُ

وعصى على كلّ الأساةِ دوائي

هطلَتْ غماماتُ الجراحِ شجيّة

بدمي وعاثتْ رَهْبة الأنداءِ

لِمْ لا أرى أمّي بدمعِ عيونِها

تسقي جراحي موجةُ الأحياءِ

لِمْ لا أراها وهي تغسلُ جبهتي

بدموعِها وتعيدُني لفضائي

فإلامَ تطرحُكَ الكآبة سلعة

في السّوقِ بينَ خرائبِ الضّوضاءِ

إقرأْ قرأتُ نسيْتُ يوماً أنّني

قاضيْتُ في يُتمي يدَ الآباءِ

قاضيْتُ أفكاري لأنّي لمْ أكنْ

رجلاً يسبّ خوارجَ الخُطباءِ

ولأنّني ما ثرْتُ ضِدّ شوارعي

وحمَلْتُ راياتي مع َالجُهلاءِ

وركضْتُ خلفَ الرّاحلينَ بدمعتي

ويدي تلوّحُ وَحْدها بخفاءِ

ساروا وعافوا البابَ ينشجُ عاتباً

لتعيدَهُم في حضنِها حَدْبائي

ولهمْ أقامَ اللهُ روحَ طقوسِهِ

ليسجّلوا في دفترِ الشّهداءِ

أنا لي صباحاتُ العراقِ وحزنِهِ

حَمَلتْ على صوتِ الصّراخِ لوائي

أنا أمّة ملأتْ جيوبَ ثيابِِها

منْ أنّة الفقراءِ والضّعفاءِ

همْ فصّلوا القانونَ حسْبَ رِغابِهم

ولهمْ تؤيّدُ زمرةَ الوزراءِ

سرقوا مطامِحَنا وداسوا فوقنا

فتباركوا في اللحيةِ الشّوهاءِ

غُلْفٌ قلوبُهُمُ قساةَ طبائعٍ

تهوى الشّرورَ كحيّةٍ رقطاءِ

يا أنتَ يا وطني حملْتُ ملامحي

ونسيْتُ بعدي في يديْكَ لقائي

يا إنّني روحٌ تهشّمَ بوحُها

فرأيتُهُ قلقاً يسيرُ حِذائي

يتّمْتُ أفراحي وطفلَ خواطري

ورحلْتُ في مدُنِ منَ الإيحاءِ

عطشٌ تملّكني وشمْسُ إرادتي

عصرَتْ بجوعِ المُرهقينَ عَدائي

والماءُ هزْهَزَ جذعَهُ وسقى الجوى

فاخضرّ عزْفُ الليلِ منْ إروائي

فوهبْتهُ لوني وناجى موجَهُ

جوعي ورشّ ملامحَ السّمراءِ

فكبرْتُ لكنْ خشيتي منْ أنّني

قبلَ الأوانِ سأرتدي لعرائي

أنا لمْ أزلْ طفلاً أريدُ براءتي

وقبائلي تركَتْ طريقَ حدائي

ساومْتُ أعصابي كفرْتُ بموتِها

والميّتونَ جميعهمْ خُلطائي

كانوا لميلادِ الحضورِ شموعَهُ

وكؤوسُهم تحكي إلى الجُلساءِ

لي خلفَ بابِ الأفقِ ضوءَ مجرّةٍ

حمَلَتْ عليهِ خرافة الأعداءِ

فوهبْتُُهُ لوني وسرْتُ وراءَهُ

والدرْبُ ضيّعني وباعَ كسائي

طفلٌ أناي ضفائري مجدولة

بحنينِها مبلولة الأهواءِ

أنا لاختطافِ الماءِ جنّدْتُ الثرى

لأعيدَهُ لحقوليَ الخضراءِ

وقصيدتي البيضاءُ ألبسَها الشّجا

ثوباً وطرّزها بخيطِ دمائي

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :