بقلم :: عبد السلام سنان
أكتبكِ حرفًا على سُطورِ أوراقي الصقيلة، وفي حقيقتي أنتِ بداخلي مَعَاجِم ومواسم الإيناس، بحضوركِ تعتريني ملامح سعادةٍ لا تُضاهى، أراهنُ ليلي الطويل على نسيانكِ وفي كل مرّةٍ أنا الخاسر، خلف أضالعي وطنٌ شاسعٌ يهتفُ بكِ، أوقِدُ فتيل ليلكِ المستغرق في سُباتِ الأنين، يجرفُ سيل الآهات، يسرِدُ بقايا ضجر الإنتظار بحجم اللهفة التي في عينيكِ وبقدر جنونكِ، دعيني أمضي إليكِ، أفتّشُ عن ضياء الشوق بين ساعديكِ، تفرّستُ كل الملامح فوق الوجوه، لم أرَ من يُشبهكِ حتى في قسوتكِ وجرأتكِ، عبرتُ إليكِ كل ضِفاف التيه الغائر في الأكوان، ما أوجعني في الإشتياقِ إلاّ أنتِ، تشدُني إلى رحالكِ ناصية الجفاء وشاطىء الرماد، أغرقُ في وحشةِ الجسد الهائل، أستلهمُ بلاغة المرايا، هي أنثاي الضارية، أدمنتُها اشتعال جفوني، أعجنُ رقّة عُنفها وعذوبة صقل ساقيها الثلجيين، تركلُ صهوات البغتة، أفْعمُها بقناعة الحبور، وشراسة نزقي، أبْصِرُ مجمرة توقُدها، ينتأُ زغب نعومتها، اشتعلتْ كعروق البرق الهائج، أرتادُ أغوار وهجها، وأنيني يُرهقُ أنوثتها، تفرشُ لصبواتي أهدابها المتمادية، يتهافتُ ولهي في كفّها ككرمة ولُود، يستبدُ بي عطشي، هيا أعصري عنبُكِ في ريق ثغري، فنجانُ قهوتي الخالدة يَغشّاهُ فيضها الجارف، تتماهى بُخارًا مُنكّهًا يسري في ذاكرة المكان، يستعيرُ من المساء بهجته، تُسْمعُني قصيدة اشتعالي المُبجل، كلانا جمرتين لن يستحيلا رمادًا، غاباتها مثيرة مذهلة ومناجلي لا تُبْقي ولا تذرْ، أمرّغُ روحي في كُدْسِ القبلات كطفلٍ مهووسٍ برسمِ الفراشات وأنتِ كغيمةٍ تترنح بين أراجيح الليل، تُناجي غُنْج المطر، أعصرُ توت روحي في كفّيكِ، أمُدُ خابيتي إليكِ، يا خُرافة العطر، أنتِ مشكاة ليلي، أتهجاكِ ياقوتًا على رابية الوجد، بين أصابعي يتهادى نهر أنفاسكِ، وأعطافكِ ترنو لأنوائي، إدمانُكِ يحتلُ شرياني، سأذيبكِ في أوهامي، قبل أن تتسرب أملاح كبريائي، وأحلامنا تنهشُ دَعَة ليلنا الطويل، بمخالب خريفية المذاق، تتسكّعُ غيمة الغواية في سماء لهفتنا، تثقبُ ظلمة هسيسنا بخيالٍ مهجور، تَفْغُرُ لي حُضنها وأسراب بهجتها، تؤمُ بمهجتها، أردافُ المساء تسبحُ متورمة في عنجهيةٍ ممسوخة كأكواخِ الصفيح القاسية يُمزّقها الترهل، وأزهار تفوحُ بهلامية جداول وارفة، ترْفُلُ حبيبتي بخفّةِ هوسٍ لا يُضاهى، بملامح فاتنةٍ مُهابةٍ، ترتعشُ أصابعي كُلّما مررتها صوب حبّة كمون ناتئة، تبْزُغ على قمةِ نهدٍ جافل، تائهٍ يتلوّى بحماقاته اللونية، وبحجم كفُّ الدعاء، ألتقطُ البلح اللذيذ في شغفِ مرح، تقوذني نشوة الإقتفاء إلى خدِ الشمس مُصفّدًا ببنفسجِ البهجة، وخلف جدران الوفر المنسي ترقدُ ناياتٍ مثقوبة الأوداج، يتغلغل الموج المخضّب بالحكايا الموشومة على أشرعةِ مراكب مُنتحرة الوعود، أطعمُ زنبقاتكِ السوداء من قنانِ رحمةٍ عارمة، بمنديلي البنفسجي المزركش، أمسحُ على أثداءكِ المفطومة المورّدة بملامح الإشتهاء، لا يغالُ صفير الريح عُواء عاشقة، تُرْبِكُ بندول مواعيد الرُواء، نضبتْ دواتي وجفّتْ، اعتراها الجليد، حزمنا أمتعة الفقد، رميناها في كفنٍ مخزوق الأبدية، أخرسْ يا ليلي المُكابر، ها قد لاحتْ تتسبلْ، هي اليوم تُزْهر في أصيصِ توقد العمر، أسْبي القمر بتنهيدةٍ تُراقص أفانين الوداد، مقفّاة من تعاويذِ خريف عُمُرٍ ولّى، هي الصدفة ذات لقاء عابر، شهدتْ ميلاد ابتسامة تاريخية، على ثغركِ البسُوم، هي التي أينعتْ الحكمة في قلبي وأدرك عقلي قانون الجاذبية، أعلنتُ أول هزيمة لكبريائي وغروري وسقوطي أسيرًا في قعرِ جُبّكِ السحيق، على خصركِ سأشعلُ أوزان القوافي، أبحثُ فيكِ عن اكسيرِ الخلود، أحلّقُ إليكِ أمتطي ريح الرغبة الرعناء ..!