تقرير : بية فتحي
تعد ليبيا من أكثر الدول العربية غنىً بقطاع الثروة الحيوانية، وتحتل المركز التاسع في تربية الأغنام على المستوى العربي، حيث تمتلك 8.7 مليون رأس غنم، ما يمثل 0.59% من إجمالي أعداد الأغنام في العالم العربي بحسب آخر إحصائية .
لذا يمثل أهمية اقتصادية وغذائية كبيرة في ليبيا ، إلا أن المربي يشتكي من عدم اهتمام الدولة بتوفير بيئة ملائمة تعتني بالمواشي.
ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يواجه مربو وتجار الأغنام في ليبيا تحديات كبيرة في الحفاظ على أسعار معقولة للمستهلكين، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج ، فهم يجدون أنفسهم بين ضرورة تحقيق الأرباح المناسبة لاستمرار نشاطهم، وبين الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين خلال هذه المناسبة الدينية المهمة.
يقول المربي ساسي عبد القادر من مدينة ترهونة: “نعاني من ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية بشكل كبير. فسعر الشاة الصغيرة التي لا تتجاوز 3 أشهر قد ارتفع من 500 دينار إلى 1300 دينار”.
وأضاف عبد القادر أن التجار يحاولون تخفيف العبء على المستهلكين من خلال السماح بجميع طرق الدفع، بما في ذلك البطاقات المصرفية والصكوك المصدقة. ومع ذلك، فإن تكاليف الرعاية والنقل تزيد من الأعباء المالية على التجار.
وطالب المربي بوضع دراسة جدوى للعام المقبل لإيجاد حلول تخفف العبء على المواطنين، مؤكدًا على ضرورة وقوف الحكومة إلى جانب المربين.
ودعا مفتاح محمد أحد مربي المواشي بالجنوب الحكومة الليبية إلى دعم المربين من خلال توفير الأعلاف والأدوية بأسعار ميسورة .
كما أشار إلى أن دعم الأغنام الوطنية أفضل من استيراد الأغنام الأجنبية، والتي تكون تكلفتها مرتفعة ولا تفيد المواطن.
ويضيف المربي وتاجر المواشي عبيدي صالح من مدينة سبها ، أن تغدية الحيوانات باتت باهظة الثمن والدولة لا تهتم بدعم المربين حيث يصل سعر العلفة إلى أكثر من 100دينار وعند توزيعها تأكل الشاة الواحدة كيلو تقريبا يوميا وإذا حسبناها سنويا يتبين أن الرأس الواحد مكلف أكثر من 1800 دينار ليبي ، وبالتالي فإنها تصل إلى المواطن بالسعر الحالي.
ومن جانب آخر، زعم أحد مربي المواشي في مدينة سرت أن الأسعار في متناول الجميع، وتتراوح بين 1300 و3000 دينار للرأس ، ، شأنها شأن أي سلع أخرى ارتفعت بسبب سقوط الدينار الليبي أمام سعر صرف الدولار .
أما الحاج عبدالله الهمالي، فاعتبر أن المواطنين يميلون إلى انتقاد الأسعار واتهام التجار بالاستغلال ، متناسين أصحاب الاعتمادات الكبيرة المتسببين في تضخم الأسعار ، رغم قدرتهم على الإنفاق في المناسبات الاجتماعية والتبارِي فيما بينهم، ، متنافسين على من يتحصل على الشكر على مواقع التواصل الاجتماعي في مدح مناسبته وأحيانا يضطر إلى أخذ سلف من معارفه إلاّ أنهم لا يعظمون شعائر الله في المناسبات الدينية متناسين قول الآية الكريمة ” ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ”
و أبدى الحاج عبدالله استغرابه من الازدحام الملحوظ في الأسواق على اختلاف أنواعها، متسائلاً عن هذا التناقض.
وأضاف المربي بوبكر بوحرية من مدينة أجدابيا ، أنه في ظل نقص هطول الأمطار وتراجع المراعي في ليبيا أهملت الدولة قطاع الثروة الحيوانية وأصبحت تمد للمربي 7 كيلو جرامات من الأعلاف خلال عام كامل في فصل الربيع الذي تمتنع فيه الأغنام عن أكلها فيستفاد بها التاجر بتخزينها ومن ثم يبيعها للمربي بعد شهرين بأسعار مضاعفة .
وأكد بوحوية أنه ، بات من الضروري على الدولة أن تجدول برنامج الأعلاف كما كان عليه في السابق كل 3 أشهر يتم توزيع الأعلاف بسعر 30 دينارا
وبحسب المحلل الاقتصادي عيسى غطاس، فإن ارتفاع أسعار المواشي في ليبيا ليس ناتجًا فقط عن ارتفاع تكاليف الأعلاف وندرة المراعي الطبيعية، بل إن السبب الرئيسي يكمن في الزيادة المطردة في ذبح الإناث من المواشي.
هذا الأمر أدى إلى انخفاض معدلات التوالد والإنتاج، على الرغم من أن القانون الليبي يحظر ذبح الإناث من الأغنام والماعز والأبقار والإبل.
وأشار المحلل إلى أن تقاعس الجهات الحكومية المسؤولة عن متابعة هذا الملف قد ساهم في استنزاف هذه الثروة الحيوانية. كما أن الجزارين والقصابين قد لعبوا دورًا في هذه المشكلة أيضًا.
في ذات السياق شهدت أغلب المدن تدابير ملموسة استعدادًا لقرب حلول عيد الأضحى فقد أعلن مصرف الجمهورية، عن إمكانية تمكين المواطنين من شراء الأضاحي عبر خصم أقساطها على فترات متباعدة، دون تحميلهم أية فوائد إضافية.
كما أعلنت الحكومة الليبية عن توفيرها لأضاحٍ مستوردة ومطابقة للمعايير الصحية، بسعر 950 دينارًا للخروف الواحد. وأشارت إلى توفر هذه الأضاحي في مراكز التوزيع والحظائر بمختلف المدن الليبية، مما يسهّل على المواطنين الحصول عليها بسهولة.
وقال مصدر مسؤول بقطاع الأعلاف في تصريح له إن الكل يشير إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف هو السبب الرئيسي لارتفاع أسعار اللحوم والأغنام والماشية في ليبيا ، وهذا لأن التغذية تمثل حوالي 70% من تكاليف إنتاج هذه المنتجات.
وأوضح المسؤول أن أسباب ارتفاع أسعار الأعلاف هو ارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، خصوصًا بعد توقف الاستيراد من أوكرانيا وروسيا بسبب الحرب بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والنقل، بما يصل إلى 80 دولارا للطن الواحد، وزيادة ضريبة العملة التي فرضها مصرف ليبيا المركزي بنسبة 27% ، وكذلك نقص الوقود الذي يزيد من تكاليف تشغيل مصانع الأعلاف والنقل و ارتفاع أسعار المواد الخام والمكونات المحلية اللازمة لإنتاج الأعلاف وأيضا ارتفاع تكاليف المعيشة مما يتطلب زيادة رواتب العاملين.
وأكد المصدر أن هامش الربح في مصانع الأعلاف لا يتجاوز 4-5% فقط، وأنهم مستعدون للاستمرار في توفير المنتجات الأساسية بأسعار معقولة.
تُظهر هذه التحديات الضغوط المتزايدة على قطاع تجارة وتربية الأغنام في ليبيا ، ويؤكد على الحاجة الملحة لتدخل الحكومة الليبية لدعم هذا القطاع الحيوي ، وإيجاد حلول مستدامة تراعي مصالح جميع الأطراف المعنية ، فالحفاظ على استقرار هذا القطاع وقدرته على تلبية الطلب المحلي، خاصة خلال المناسبات الدينية، هو أمر بالغ الأهمية لتعزيز الأمن الغذائي في البلاد.