عبد الرحمن جماعة
يحمل جهازه معه أينما اتجه، فالكتابة عنده ليست عملاً مؤقتاً يبدأ في زمن محدد وينتهي في آخر، بل هي عملية أقرب إلى التنفس، تكاد تتحول عنده إلى فعل لاإرادي؛ لولا أن الكتابة تحتاج إلى إعمال العقل أكثر من أي فعل آخر!.
ما أحسده عليه هو أنه يكتب في جميع الظروف والأحوال، فحين يكتب ينقطع عن كل الضجيج الذي حوله.
أفضل من يحدثك عن التاريخ والأدب، لكن الحديث ليست المهارة الوحيدة لديه، فهو يُحسن الاستماع كما يُحسن الحديث، وعندما تُحدثه يُصغي إليك بكل اهتمام.
بعد حصوله على الدكتوراه الثانية من جامعة محمد الخامس بالمغرب هو الآن يشغل منصب عميد كلية الآداب بجامعة طرابلس، لا يزال عبد الله مليطان هو نفسه لم تغيره الشهادات ولم تغره المناصب، يجلس في مقهى شعبي يحتسي قهوته مستغرقاً في الكتابة التي أدمنها أكثر من إدمانه القهوة!.
الباحث والمؤرخ والأديب عبد الله مليطان له مؤلفات كثيرة تربو عن الأربعين كتاباً، لكنه عُرف بمعاجمه التي وثق فيها وأرَّخ للأدب والشعر في ليبيا؛ منها: (معجم الأدباء والكتاب الليبيين المعاصرين)، و(معجم الشعراء الليبيين)، و(معجم القصاصين الليبيين).
ولمن مارس الكتابة يعرف أن كتابة المعاجم تختلف اختلافاً كبيراً عن تأليف أي كتاب آخر، فتأليف أي كتاب له بداية ونهاية، لكن تأليف معجم له بداية وليس له نهاية، كما أنه يجوز لك أن تُهمل بعض المعلومات في تأليف أي كتاب، أما في المعاجم فلا يحق لك مغادرة أي شيء من موضوع المعجم، ولهذا كان تأليف المعجم أمر مرهق لا يتصدر له إلا القلة ممن تميزوا بالخبرة والصبر والمثابرة!.
الدكتور عبد الله مليطان الملقب بـ (جبرتي الثقافة الليبية) أُلفت عنه عدة كتب؛ منها: كتاب (معاجم مليطان) لمحمد عيد الخربوطلي من سوريا، و(الافتتان بالأمكنة في مؤلفات مليطان) لإدريس القري من المغرب، و(جبرتي الثقافة الليبية) لولاء عبد الله من مصر.
في لقائي بالدكتور مليطان لفت انتباهي إعجابه الشديد بشخصية المناضل (عبد الحميد العبار)، يتحدث عنه بإعجاب وإسهاب وكأنه أحد قرابته!.
إلى هنا انتهى اللقاء الذي أخذ قرابة الساعتين، خرجت منه بإجابات للعديد من الأسئلة، لكن السؤال الذي لم أسئله هو لماذا وإلى متى يظل عبد الله مليطان بعيداً عن الأضواء والكاميرات، فنحن نعرف سائق الوزير وحاجب الوزير والذي يحمل حقيبة الوزير أكثر مما نعرف مفكراً بحجم عبد الله مليطان