ومشيتك غزلاني 

ومشيتك غزلاني 

  • سعاد سالم 

تَنّوَه  

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة

إندماج مفصلي 

2014 انتظمت في دورة اندماج في المجتمع الهولندي ،دورة قصيرة ملزمة للقادمين الجدد إلى هولندا ،تضعنا في موقع فهم عام  للمجتمع الجديد ، لقواعده الأساسية ولبنيته الاجتماعية ،القانونية ،السياسية وطبعا بنيته التحتية (التعليم الصحة ،المواصلات والاتصالات) كل ذلك حتى قبل حصول بعضنا على قرار حق الإقامة ، لأننا ومبدئيا سنسري في البلاد لقضاء حوائجنا ، وكان على رأس هذه المعرفة ، قراءة البريد التي تصلنا قراءة جيدة مشيرة مارشيلا إلى المواقع التي علي عيوننا أن تستهدفها ، التاريخ في نص الرسالة والوقت ،ورددت الوقت أبدا وقولا واحدا ..ردّوا بالكم ثم ردّوا بالكم توصلوا متأخرين ، قواعد المرور وقدسية الخطوط البيضاء حينما لاتكون عند الاشارة الضوئية حيث تنظم حركة مرور السيارات والدرجات والمشاة شارات تعطي الضوء الأخضر بالدور لكل فئة ،أما الخطوط في أي مكان آخر فالسادة هم المشاة ، وقواعد الكيّاس الأحمر الخاص بالدرجات  والاشارة عند الانعطاف بمد الذراع اليمنى أو اليسرى ليعرف الشعب اللي وراك وين متسقّد، وفي الصف الذي أجلس فيه معي الكثير من العرب وكذلك جنسيات من قارات مختلفة ، وكانت مارشيلا السيدة المحاضرة تسأل كل مرة عن بعض المفاهيم وتأخذه مدخلا للمحاضرة ، ستعتقدون أن بعض هذه المعلومات عامة وربما مهينة لمعرفتكم ولكن من كان في الصف  في الحقيقة لم يعرفوا  الدلالة العالمية لمعنى زيبرا (حمار الوحش) أو شركّ (عن فك سمك القرش) الهامتين لقطع الشارع . 

إندماج طريف 

انضممت في 2017 إلى مقهى اللغة في مكتبة لومبرداين التي تبعد عن بيتي مسافة 5 دقائق بالبشكليطة ، نلتف حول الطاولة في ركن حميم في المكتبة الوردية البديعة ، أشخاص من خلفيات مختلفة وألوان ولغات وبالتأكيد عادات خاصة كركرها  كل واحد فينا من بلاده  ، واستمريت كل ثلاثاء عند الواحدة ونصف ولسنتين كاملتين في التعرف عمليا على اللغة الهولندية والتعرف على مجتمعات أعضاء المجموعة ،وكانت سيدة شابة قادمة من الصين تكلمت عن عدم قدرتها على شرب الماء دون غليها ، ولايمكنها رفع ستائر نوافذها وحياتها مكشوفة عالشارع ، أما من سوريا وافغانستان لم يمكنهم تقبل غياب  أشعة الشمس في فصلي الخريف والشتاء وجزء من الربيع ولا سقوط المطر في شهر يونيو ، السيدة من تركيا قالت : مازلت لاأعرف كيف أجيب عند سؤالي ماذا أريد ؟ أما أنا فعدت لشرب الماء من الشيشمة مثلما كنّا نلقّوا ايدينا وأحنى اصغار ونرتوي من أمية بومليانة ،كما وأنني صرت أركض صوب محطة الباص ، قبل أن يساعدني غوغل خرائط  على استعادة مشية الغزلان بالخروج قبل الوقت بربع ساعة حينما يقول لي سبع دقائق كافية .

إندماج بالعقوبات

2015 استقريت حديثا في شقتي وكنت مفلسة تماما ومحبطة للغاية ، أخذت دراجتي وذهبت لأحلب أي يورو من بطاقة الفيزا الخاصة ببنك الأمان ،وقتها كنت أكتب لجريدة الوسط ،وفي اثناء عودتي خائبة خائفة بل وجائعة ،جلست في الحديقة القريبة أفكر في مأزقي ،لمحت شخصا ينظر إليّ كان فوق دراجة نارية ويرتدي سترة مشعة وهذا يعني أنه زي رسمي ،وعندما تحركت للمغادرة راكبة دراجتي فرغ من التحدث إلى شخص ما وقرر أن يعترض طريقي بدراجته النارية ، كانت سيدة هولندية ممتلئة الجسم ، طلبت مني التوقف ، وطلبت مني رقمي الوطني ، لماذا يالخت؟ نظرت إليَّ بحزم وكان صدّقني ربي بإشمئزاز ، وقالت : لأنك تقودين الدراجة في الجردينة ، ماذا؟ إي نعم ، لم أقل لها راهو الهولنديين يخيطوا فيها بالطول والعُرض ببشاكليطهم  ،وقلت عوضا عن ذلك :لكني لاأعرف ،فأشارت إلى يافطة لم أرها أصلا، مرسوم عليها شخص بالغ وطفل واضافت : هذه يافطة عالمية لاتحتاج ترجمة ، حسنا أعتذر هل تقبلين أسفي ؟ هذه المرة الاشمئزاز على وجهها وفي كلماتها متأكدة منه تماما ،هزت رأسها بالرفض، سجلت المعلومات من خلال دق رقمي الوطني على جهاز صغير كان في يدها وناولتني قصاصة المخالفة وانصرفت هكذا كما هبطت . قرأت المبلغ على البون 50 أورو ، 

إندماج الأحذية 

 الحقيبة الكبيرة ومعها بضع حقائب صغيرة هي شيء مؤكد في كل سفرة ، ففيها الملابس الضرورية وكل الملابس المحتمل تكون ضرورية ،وأحذية ضرورية وكل الأحذية المحتمل تكون ضرورية ،وهذا مافعلته حين جئت إلى هولندا ،وبدا من لحظة مغادرتي لمنطقة  الهجرة في مطار سخيبول احتياجي لسبيدرو ،فقد حان وقت الركض ، الآن لدي خزانة مملؤة بالأحذية الخالية من الكعوب ، فيما تخليت عن بعض أحذيتي العزيزة والعالية وذلك قبل أن أرى على تطبيق تيك توك بعض الفيدوز اللطيفة لسيدات يسخرن من أفكارهن عن العيش في هولندا وكيف كن أول أسبوع انيقات وبكعوب عالية ثم بعد أسبوع راكضات بثياب مكرمشة وأحذية مشي ،منكوشات الشعر وبلا مكياج . 

إندماج رامض

كنت العام الماضي في موعدي بمدرسة للغة ،وكنت جلست في انتظار  المقابلة ، أصل قبل الموعد بكثير ،لدي فوبيا من التأخير ،نشأت منذ فاتتني طائرتي إلى بيروت في 2004،الآن اضيفت لها تحذيرات مارشّيلا لمّا كيف قلت بسم الله في هولندا ، المهم إلى نفس الطاولة اتجهت سيدة وجلست قبالتي ، تبادلنا الابتسام وتحيات صغيرة وتعارف سطحي ، سألتني عن بلادي التي قدمت منها ومنذ متى أعيش في هولندا فقلت: 7 أعوام ،ماذا عنك ؟ قالت : 30عاما ، قلت بشئ من التفحص منحنية في اتجاهها : معنى هذا أن هولندا بلادك عاد  ، حولّت عينيها إلى شاشة هاتفها ، رافعة جانب فمها بامتعاض و هي تصدر الصوت من بين اسنانها  بنفس طريقتنا الليبية تشتشتشتش ، نستنى فيها تقولي : هاذا مامازال !!

إندماج اللحَاف  

 كيف القمر تحت اللحاف تباني ، اللحاف هو كل ماهو ليبي جيت بيه لهولندا وجعلته قابلا للإرتداء كما فعلت المصممة ربيعة بن بركة بحولي لحرير الطرابلسي .

  • انتي عفيفة ومشيتك غزلاني ، أغنية لسلام قدري / كلمات : محمود السوكني / ألحان: كاظم نديم

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :