حوار :: منى توكا
الكتابة فن اللامحدود ، هي امتزاج الواقعي بالخيالي في حبكة مدهشة تأسر القراء و تستفز المنطق ، ولعل أدب الخيال العلمي أجمل مايجسد ذلك ، يقول الكاتب الليبي عبدالحكيم الطويل عن شغفه بهذا النوع من الفن : ” الكتابة الأدبية جاءت كنتيجة حتمية لولعي بأدب الخيال العلمي ، لقد تحصلت على أول تكريم من وزير الدفاع الأمريكي الأسبق “ليون بانيتا” يوم زيارته للمقبرة البروتستانتية الأثرية ، عن كتاب السيرة الذاتية لآمر البحرية الليبية الأشهر في أواخر العهد القرمانلي “الرايس مراد” ،ستعرفني الأجيال القادمة بأنني أول ليبي كتب ونشر في أدب الخيال العلمي للكبار.
جولة في ذات الأديب
من هو عبد الحكيم الطويل؟ هكذا كان مطلع حوار فسانيا مع أول كاتب ليبي لأدب الخيال العلمي ؟
وبكل محبة أجاب كاتبنا : أظن أن من عليه إجابة هذا السؤال هم أصدقائي المقربين ، إذ يصعب أن أصف نفسي التي لا يراها أحد غيري، لكن إذا كنت مُصِرَّة سأقول إن عبدالحكيم الطويل هو مواطن ليبي طرابلسي الأصل والنشأة، خبير نووي أول بمركز البحوث النووية الليبي، كاتب ومرشد سياحي مرخص في العطلات، منشغل بتحقيق مشروعه الشخصي في نشر العِلم والثقافة والتنوير الديني بين أبناء وطنه، وحثهم على الاعتزاز بتاريخ وآثار وطنهم، وذلك من خلال بحثه وكتابته عن النقاط المضيئة التي يجدها في تاريخنا العريق، سواء كانت سيرا ذاتية أو أحداثا أو آثارا عقارية استثنائية. وتابع كاتبنا عبد الحكيم الطويل بكل تواضع :
رغم ثقتي بنفسي والحمد لله ،فأنا إنسان أبسط مما يظنه الكثيرون مادياً ومعنوياً، ما هو في عمق نفسي تسمعه على لساني بدون أي مجاملات!
أعشق الموسيقا والجمال البريء، سواء كان قطعة موسيقية أو قصيدة أو لوحة زيتية أو رواية أو إنسانا! إنني إنسان عاهد نفسه على أن يكون أقرب ما يمكن للفضيلة والإنسانية والصدق وعمل الخير والأخلاق الحميدة، لإيمانه بأن الدنيا قصيرة جداً ولن نأخذ منها شيئا معنا يوم يحكم القضاء بمغادرتنا لها، اللهم إلا السيرة الطيبة وما ينفع الناس.
جدران بيتي لوحات تشكيلية ياترى كيف استطاع كاتبنا الجمع بين تخصصه البعيد عن الأدب والهندسة النووية والكتابة الأدبية والتاريخ والإرشاد السياحي…
يقول عبد الحكيم الطويل : إذا شئتم المزيد من الإرباك أقول لك إنني قبل كل هذا أهوى الرسم !
وبيتي يزدان بالعديد من اللوحات الزيتية التي نفذتها في حياتي ضمن المدرسة الواقعية، حتى أن أعلى الدرجات التي كنت أتحصل عليها أيام المدرسة كانت في مادة الرسم!
ولقد اخترت زوجة “تشكيلية” تزاحم لوحاتها لوحاتي على جدران بيتنا !
والعجيب أنني لم أكن أحب مادة التاريخ ! حتى أن درجاتي فيها كانت في الغالب متدنية !
لكنني لا أظن أن ذلك قد حدث إلا لعدم نجاح منهجنا ومدرسينا في تقديم هذه المادة لنا بصفتها “قصصا” حقيقية مشوقة، وربما لو صاحبوا شروحهم بصور جميلة ملونة أو كليبات مصورة للأحداث التاريخية التي يشرحونها لنا لربما كان حبنا لهذه المادة أكبر بكثير من نفورنا منها..
على أي حال ربما سيصعب عليّ إقناع الآخرين دائماً بأن العامل المشترك بين كل هذه الملفات التي تبدو متباعدة هو “الإثارة وفضول الدهشة“!
فما أثارني في الهندسة النووية هو “بحث” طلبه منا مدرس العلوم في مرحلة الثانية الثانوي، وحينما ذهبت إلى مكتبة الفرجاني حين كانت في شارع 24 ديسمبر ،و وجدت كتيب (مازال في مكتبتي) بالعربية يتكلم عن الطاقة النووية عامة، من هذا الكتاب دهشت كيف أن للأشعة النووية فوائد في الزراعة والأغذية وحتى في حماية البيئة من التلوث! ألا يقولون بأنها خطر على البيئة والحياة؟
في الصف التالي (الشهادة الثانوية) أعجبت جداً بمقرر الكيمياء النووية الذي درسناه ضمن كتاب الكيمياء، فبالرغم من صعوبة مادة الكيمياء كانت الكيمياء النووية مثيرة وممتعة وسهلة إلى حد الدهشة، لذا حينما قرأت “كلية الهندسة النووية” في قائمة الكليات والمعاهد العليا في استمارة الشهادة لم أتردد أبداً في كتابة اسم هذه الكلية على رأس قائمة الكليات التي أرغب في الدراسة بها، والحمد لله كان مجموعي يؤهلني للانتساب إليها بعد حصولي على الشهادة الثانوية، ولم أندم أبداً على دراستي فيها وتخرجي منها فقد كانت سلسلة يومية من الدهشة في إعجاز الله في خلق هذا الكون، خصوصا عالم ما تحت الذرة.
ستار ترك و جدي الخامس .. شرارة الشغف بأدب الخيال العلمي.
عن شغفه يحدثنا الطويل : إن الكتابة الأدبية جاءت كنتيجة حتمية لولعي بأدب الخيال العلمي، والذي لاشك في أنه جاء نتيجة مشاهدتي لمسلسل ستار ترك منذ أن كنت في الثالثة من عمري، عبر تلفاز قاعدة الملاحة الذي بدأ بثه قبل بث التلفاز الليبي الوطني، أثارني هذا المسلسل بغرائب لباسه ومركباته وأسلحته والكائنات الفضائية الغريبة التي كان يقابلها طاقم سفينة إنتر- برايز بطل السلسلة والتي مازالت حية عبر إنتاج سلسلة من الأفلام الجديدة عنها، كما أنني في السادسة من عمري شاهدت بشكل مباشر تقريبا عبر التلفاز هبوط أول إنسان على القمر وقد كان حدثا مثيرا عجيبا حفر في ذاكرتي إلى الآن ثم كان لقصص الأطفال المصورة التي كان يشتريها لنا أبي عن عدد من الأبطال الخارقين الأثر الإضافي في شغفي بالعلم وفضولي بخياله
أما التاريخ فقد انجذبت إليه بسبب فضول شديد أصابني بشأن حقيقة سيرة جد الأسرة الأول (الخامس) وذلك منذ أن سمعت قصة متواترة في الأسرة بخصوصه حينما كنت في 12 من عمري، إذ سمعت كبار العائلة يتداولون أنه كان “حاكما” وكان قويا لا يرحم أعداءه!
للأسف لم يشف غليلي أحد من كبار العائلة حول كنه هذا الحاكم التي يتحدثون عنه ولا من هم أعداؤه!
فلم أعرف ما إذا كان حاكم ليبيا أم أنه كان شخصية متنفذة مدنية أو عسكرية رفيعة، لذا اتجهت مبكراً إلى كتب التاريخ أبحث عن الإجابة، ومؤخراً فقط وصلت إلى نصف الإجابة لكنني سأحتفظ بها لأنني أريد أن أنشرها عبر كتاب جديد مازلت منكب عليه ، و قراء فسانيا أول من يعرفون عن هذا الخبر الآن !
أينما يختلط البحر بالصحراء بالشوكلاتة بالبيانو
على أي حال انكبابي على كتب التاريخ والآثار الليبية كان يمكن أن يتوقف طالما لم أجد إجابة لسؤالي عن حقيقة جدي طوال سنوات، غير أن مطالعتي المبكرة لكتب التاريخ الليبي جعلت مكتبتي الشخصية تضم نحو 90% من كتب التاريخ الليبي المنشورة، لأنني وجدت فيها قصصا عجيبة ومواقف مثيرة جداً ، لم يخبرني بها أحد ولم أرها في الإعلام ولا في السينما ، في هذه القصص يختلط البحر بالصحراء بالجبل بالسيف بالمسدس بالسفينة بالشوكولاتة والبيانو نعم!!
مما جعلني لا أتوقف عن نهل المزيد والمزيد عن تاريخ بلادنا ، خصوصا ما كتب عنها باللغة الإنجليزية وهو بالمناسبة غالب المكتبة التاريخية والأثرية الليبية، ولم أتوقف عن الاندهاش والاستمتاع بالإثارة التي أصطدم بها مع حكايا عقارات وشوارع وشخصيات بلادنا الشاسعة حتى انخرطت في أولى دورات الإرشاد السياحي في طرابلس وتحصلت فيها على تقدير ممتاز والترتيب الأول والحمد لله مع ترخيص رسمي من وزارة السياحة فيما بعد لمزاولة هذه المهنة في أنحاء ليبيا .
بين مجلتيْ الأمل و المجرة ..قصاصة زمن
أتذكر أنني في الـ12 من عمري كتبت أول قصص قصيرة في حياتي، لا أدري لماذا لكنها كانت فكرة خطرت في ذهني وكتبتها، كانت قصصا قصيرة جداً ربما لم تتجاوز نصف الصفحة من صفحات كراسة الإملاء، غير أنني سرعان ما توقفت عنها بل وحتى مزقتها ورميتها بعد أيام، حيث استخف بها بعض إخوتي!!
لم أكتب وأنشر حتى الآن إلا قصص خيال علمي للكبار، وقد كانت البداية في 1998، لكنني خضت تجربة كتابة الرواية قبل ذلك بسنوات ربما منذ 1990 غير أنني لم أكملها ولم أنشرها بعد، كما كتبت قصصاً أخرى خارج الخيال العلمي للكبار لم أنشرها بعد، وجربت كتابة لون القصص القصيرة جداً ولدي مجموعتان فيها إلا أنني لم أنشر شيئا منها حتى الآن اللهم إلا بعضها عبر صفحتي في الفيس من حين لآخر، أول ما نشرته في حياتي كان مساهمة متواضعة جداً مني أرسلتها إلى مجلة الأطفال الليبية الأولى “الأمل”، وكم سعدت جداً حينما وجدتها منشورة في العدد الخامس الصادر في ديسمبر 1974 (أي حينما كنت في الـ11 من عمري!).
أما أول إصدار أدبي لي فهو قصيدة كنت قد نشرتها أيام دراستي الجامعية في صحيفة “الطالب” سنة 1988، أي بعد 14 سنة من تجربتي الأولى مع مجلة الأمل، أما أول قصة لي – بعد تجربة الطفولة _ والتي لم تعد تتوفر لدي للأسف فقد كانت قصة “قصاصة زمن” وهي من أدب الخيال العلمي للكبار نشرتها في مجلة المجرة التي يصدرها النادي العلمي الكويتي (العدد 188 الصادر في الشهر السادس 1998)، كما نشرت عدة قصص أخرى في أعدادها التالية، أما أول كتاب أدبي صدر لي فهو “مشكلة إيمانية” في 2006، وهو ليس فقط أول مجموعة قصص خيال علمي للكبار أنشرها بل يعتبرها الكثير من النقاد أول مجموعة قصص خيال علمي حقيقية ليبية للكبار.
مشكلة إيمانية ردا” على سؤالنا عن عدد إصداراته الأدبية وأيٍ من الكتب و القصص المفضلة لديه ..
أجاب الكاتب عبدالحكيم الطويل
: لدي العشرات من المقالات المنشورة في العديد من المطبوعات المحلية والعربية، أما الكتب فقد صدر لي كتابي الأول بعنوان “الطاقة النووية في بيتك” سنة 1992 ،بصفته أول كتاب ليبي يتخصص في ذكر “محاسن” الأشعة النووية، لكنه ليس كتابا علميا بقدر ما هو كتاب تثقيفي يخلو من المعادلات والقواعد العلمية ثري بالصور التوضيحية في كل صفحة فيه تقريباً، و صدرت في سنة 2004 نسخة منقحة له ، وفي 2006 صدر كتابي الثاني وهو مجموعتي الأولى في أدب الخيال العلمي للكبار بعنوان “مشكلة إيمانية”، في 2008 صدر كتابي الثالث عن موقع أثري ليبي “دولي” اكتشفته بالصدفة: المقبرة البروتستانتية في طريق الشط بطرابلس كأول كتاب يصدر عن هذا الموقع الهام، كما نُشِرَت سيرتي الذاتية وبعض قصصي في الجزء الثالث من معجم القصاصين الليبيين لمؤلفه د عبدالله مليطان بصفتي أحد القصاصين الليبيين الذين صدرت لهم مجاميع. وعام 2011 صدر كتابي الرابع بعنوان “حجر الرجبان” عن بعض تاريخ وآثار مدينة الرجبان الجبلية، ليس لأنني أو زوجتي ننتمي إليها_ أبداً _وإنما أثارني ثراؤها بالثقافة والعراقة دون أن يكتب عنها أحد، فكان هذا الكتاب الأول حولها
في 2019 أصدرت دار فانتازيون للنشر والتوزيع من مقرها في مصر مجموعتي القصصية الثانية في أدب الخيال العلمي للكبار وهو كتابي الخامس بعنوان “مخطوطة بنت أبيها” حيث شاركت في معرض القاهرة للكتاب لسنة 2020 ومعرض هذه السنة 2021.
ونشرت في 2020 إحدى قصصي في أدب الخيال العلمي كأول قصص كتاب “المقاومون” الذي أصدرته الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي، حيث ضم القصص الفائزة في المسابقة التي عقدتها هذه الجمعية حول المقاومة في أدب الخيال العلمي، ترتبت قصصه حسب ترتيب فوزها في المسابقة، ولهذا جاءت قصتي في أولها لأنها كانت قد فازت بالترتيب الأول في هذه المسابقة
كما أنتظر في نهاية هذا العام (2021) صدور كتاب آخر عن الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي باللغة الإنجليزية بعنوان Arab and Muslim Science Fiction يعرض أحوال أدب الخيال العلمي عند العرب والمسلمين باللغة الإنجليزية، ويضم نبذة عن سيرتي وترجمة إنجليزية لإحدى قصصي في هذا اللون الأدبي.
وأنتظر أيضا” نشر قصصي الثلاث التي فازت في مسابقة الفضائيين التي نظمتها في هذا العام (2021) الجمعية ذاتها في كتاب جديد ضمن إصداراتها ربما العام القادم (2022) . أما عن أيٍ من كتبي أو قصصي المفضلة فهي مثل أبنائي تماماً، أعجز عن التفريق بينها لأن لكل منها نكهته التي تميزه وهدفه المتساوق مع أهدافي في هذه الحياة، ولكل قصة من قصصي ذكرى عزيزة جداً خاصة على نفسي، فأنا أكتب بمتعة لإمتاع ذاتي وإرضاء فضولي لا بهدف الربح المادي الذي يعلم كل المهتمين أنه شبه معدوم في بلداننا، إذ تهمها كرة القدم وأسواق الفاكهة أكثر بأضعاف من الكتاب!
التكريم بقلادة “ليون بانيتا ” :
حول أول تكريم تحصل عليه عبد الحكيم الطويل في مجاله يذكر الكاتب
التكريم في بلادنا أغلبه لا يتجاوز شهادات تقدير أو جوائز عينية بسيطة، وقد تحصلت على العديد منها في مجالات عديدة أخرى من حياتي، سواء في عملي الوظيفي أو أيام الدراسة أو أيام التدريب العسكري، أو في مجال التصوير الشمسي الذي كان إحدى هواياتي أو تقديراً للأمسيات الثقافية التي أعقدها من حين لآخر، فإذا عنيتِ التكريم في مجال الكتابة أو الأدب فبصراحة لم أعرفه من مسؤولي بلادنا حتى الآن!
وتابع : ربما مجرد الموافقة على نشر إحدى أعمالي في بلادنا يُعد بالنسبة لي تكريماً كبيراً في حد ذاته! لهذا ربما القلادة الشخصية التي أهداني إياها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق “ليون بانيتا” شخصياً يوم زيارته للمقبرة البروتستانتية الأثرية رفقة وفد رسمي أمريكي صباح 17/12/2011 هو أول تكريم أتحصل عليه مقابل كتابي الذي نشرته عن هذه المقبرة وأهديته نسخة منه في ذلك اليوم، إضافة إلى أنها كانت عرفاناً منه بجهودي في حماية هذه المقبرة من الاندثار كما صرح لي شخصيا.
وعن انتشار أعماله يذكر الكاتب عبد الحكيم الطويل :
بالإضافة إلى ليبيا ، نشرت عدة مقالات في عدد من المجلات الثقافية في كل من البحرين والإمارات والسعودية والكويت وسلطنة عُمان وتونس، كما فزت بالجائزة الثانية في مسابقة قصصية نظمتها مجلة “شجون عربية” التي تصدر في لبنان، وقد صرت صديقاً معروفا لأعضاء ومتابعي الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي بالإضافة إلى متابعي منشورات دار فانتازيون للنشر في مصر، وفي بريطانيا ذُكِر اسمي في أكثر من كتاب حول تاريخ وآثار ليبيا ألفه كُتَّاب بريطانيون، كما ظهرت في فيلم وثائقي إسباني عن ليبيا بثته قناتيْن إسبانيتيْن (القناة الإسبانية الرسمية tve وقناة أون بورتادا الإسبانية En Portada (في المقدمة)) تحدثت فيه بصفتي مرشد سياحي عن الأهمية المتوسطية السياحية لمدينة طرابلس، كما نشر اسمي في أكثر من كتاب وبحث في عدة مجلات ومواقع إنجليزية بصفتي مكتشف المقبرة البروتستانتية، أما الكتابة في صفحات الفيس بوك وتويتر فلا شك في أنها قد ساعدت على معرفة اسمي في العديد من الدول الأخرى
كتب مفضلة لا كُتاب مفضلين
أما عن نوع الكتب التي يفضل أن يقرأها الطويل و كاتبه المفضل محليا وعربياً وعالمياً يقول الطويل : الكتب التي تختص بتاريخ مدينتي طرابلس تأتي في المرتبة الأولى، ثم كتب التاريخ الليبي عموماً، ثم ما يزيدني من جديد عن علوم الفلك والاستعمالات المفيدة السلمية للأشعة النووية، و كتب التنوير الديني تجد مكانة متزايدة في نفسي.
أما عن كُتَّابي المفضلين فقد تستغربين لو قلت لك إن لدي “كُتبا مفضلة” لا كُتّاب مفضلين!
فطوال عمري كنت أبحث عمن يقدم لي إجابات صادقة شافية عن أسئلتي الحائرة، لذا فالكاتب المفضل لدي هو الذي أجد له كتاباً يجيب عن أسئلتي التي أبحث بإلحاح عن إجابتها، بغض النظر عن كونه معروفا أو مغمورا، محليا أو عربيا أو دوليا، ليس لدي إلا الدراسة المفضلة والرواية المفضلة والفيلم المفضل بغض النظر عن كاتبها، فكم من كتاب مغمورين غير معروفين أنتجوا لنا روائع في الأدب والخيال وحتى في العلوم وأجابوا عن أسئلة ملحة كانت تجول في خاطري
الفوز بالمرتبة الأولى و الثالثة والتاسعة في فضائيون !
و يسترسل كاتبنا عند سؤاله عن مسابقة الفضائيون فيذكر : أعلنت عن هذه المسابقة الجهة المنظمة وهي الجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي على صفحتها الخاصة التي أتابعها منذ سنوات، ومثلما حدث مع مسابقة الجمعية بعنوان “المقاومون” التي نظمتها في 2019 وكنت قد تحصلت فيها على الترتيب الأول ،وجدت أن شروط المسابقة تنطبق على ثلاث قصص من قصصي غير المنشورة، وفي خضم حيرتتي عن اختيار القصة المناسبة للمشاركة ، استشرت المسؤول عن هذه المسابقة في الجمعية فرحب بإرسال ثلاثتها، وكان ذلك في منتصف شهر 7 الماضي، ومثلما حدث مع المسابقة السابقة كلفوا شخصية أدبية مصرية معروفة من خارج الجمعية ليقوم بتقييم كل القصص التي وصلت الجمعية، وفي أول أيام شهر 10 وجدت منشورا ظهر في آخر الليل على صفحة الجمعية قائمة بالقصص الفائزة، غير أن عيناي جمدتا على اسم القصة الفائزة بالترتيب الأول، فقد كان اسمها مألوفاً لدي! كانت إحدى قصصي!
وما إن حاولت ترك المنشور إلى منشور آخر حتى لفت نظري أن اسم القصة الفائزة بالترتيب الثالث ليس غريباً عني كذلك !
كانت القصة الثانية التي أرسلتها للمسابقة!
ثم كانت ثالث صدماتي حينما وجدت القصة التي فازت بالترتيب التاسع هي ثالث قصصي التي أرسلتها، حقيقة كانت نتيجة مذهلة بالنسبة لي بصدق أولاً لأنها أثبتت لي كم أن رئيس وأعضاء هذه الجمعية على درجة عالية من النزاهة والمصداقية بحيث يسمحون لكاتب ليس عضوا في جمعيتهم بل وليس حتى مواطنا في دولتهم أن يفوز بالترتيب الأول والثالث! فهذه لن يسمح بها إلا فرد في مجتمع راقٍ نزيه على درجة عالية من الإيمان بالعدالة والمثل العليا السامية. أما سبب ذهولي الثاني فهو فوز ثلاثة من قصصي وأنا الليبي الذي لم يجد أي اهتمام يذكر في بلاده بالتراتيب الأولى من بين مجموعة كبيرة من الكتاب العرب المخضرمين في مجال أدب الخيال العلمي، من بينهم رئيس ومؤسس الجمعية وأحد أعضائها المخضرمين!
لقد أحسست أن هذا الفوز هو فوز في صمت لكل الليبيين المبدعين المهمشين. إن القصة التي فازت بالترتيب التاسع كانت بعنوان “تحرُّر أم خيانة” حيث أخطأت بعض الجهات التي نشرت خبر فوزي في تهجئتها الصحيحة هذه، هذه القصة حاولت عبرها التأكيد على أهمية مفهوم المواطنة التي نفتقده للأسف، فحكيت قصة تحقيق جنائي/سياسي مع ضابط (في المستقبل البعيد طبعاً)
وجد نفسه بين قوتيْ جذب تتجاذبانه بين ولائه للأرض أُم البشرية وأرض أجداده ، وبين أهله الذين ولد وعاش بينهم في مستوطنة أرضية بعيدة على أحد أقمار كوكب المشتري تطالب دائماً بالاستقلال، في النهاية تخلى عن ميزاته كضابط أرضي مسؤول باستتباب الأمن واستمرار ولاء هذه المستوطنة للأرض وانحاز إلى أهله هناك مما جعله عرضة للاعتقال وتحمل تبعات ذلك.
أما القصة التي فازت بالترتيب الثالث كانت بعنوان “مثل جذور الفطر” وهي تحاول عرض فرضية إمكانية حُب فتاة آلية وبشري!
لأنه في قصص أخرى لي عرضت للعلاقة العكسية (حُب بشري لآلية!) وكيف أنها يجب أن لا تكون غريبة طالما أن الآلية تقترب في صناعتها من المثالية ويحاول صانعها تجنب الأخطاء البشرية فيها التي تسبب في فشل العلاقة بين الرجل والمرأة، في هذه القصة حاولت مناقشة فرضية ربما تحدث يوماً ، معتمدا” في هذه العلاقة على حدوث علاقات حب ناجحة وغريبة في التاريخ الإنساني مثل تلك العلاقة الناجحة بشكل متميز جداً بين الإنسان والقطة أو الخيل أو حتى الكلب أكرمكم الله، القصة تحاول فهم سر عاطفة الحب التي تربط أحياناً بشكل غريب بين قبيح وجميلة أو بين قبيحة ووسيم، بين فاضلة وتافه أو العكس!
حيث أحاول أن أعرض رأيي الشخصي فيها وهو أن العلاقة العاطفية بمتناقضاتها قد تكون قانونا من القوانين السرية العظمى التي يسير الكون وفقها ومازلنا نكتشف تفاصيل جديدة حولها
وأخيرا” القصة التي فازت بالترتيب الأول عنوانها “صورة لعظام بالية” وهي تعرض جدلية الهوية بأسلوب مستقبلي استثنائي أعطيته غطاء لاختراع الاستنساخ، إذ تصورت مجتمعا بشريا سعيدا ناجحا قد تأسس على كوكب المريخ الناس فيه في شباب دائم، ثم تبين أنهم مجرد نسخ لشخصيات أرضية متنفذة يتم استبدالهم بسرية كل 4 سنوات وهذا هو سر شبابهم، غير أن صدمة بطل القصة كانت مضاعفة حينما اكتشف أنه لم يكن نسخة من شخصية أرضية متنفذة وإنما نسخة من مومياء ما قبل التاريخ!
كانت محفوظة في أحد المتاحف!
هنا حسد أبناء مستوطنته الذين عرفوا رغم الصدمة بأنهم نسخ من شخصيات متنفذة وغنية، بينما اكتشف هو أنه نسخة من مومياء قديمة جداً جداً مجهولة الاسم والأصل، لا علاقة لها لا بالحضارة ولا الثقافة ولا العلم!
وخطط مستقبلية : “الرايس مراد
ويقول الكاتب عبد الحكيم الطويل عن خططه المستقبلية : لا زلت مستمر في العمل على إنهاء ونشر العديد من الكتب الجديدة في التاريخ الليبي وفوائد الأشعة النووية، كما أحاول نشر ديواني الشعري الأول ومجموعة قصصية ثالثة في أدب الخيال العلمي للكبار ولا أدري متى أنتهي من كتابة ونشر روايتي الأولى بصراحة!
وعند سؤالنا الكاتب عبدالحكيم الطويل : هل هناك عمل قادم حصري لفسانيا؟
أجاب بكل لطف : نعم إليكم عدة أعمال حصرية لا واحدا ! فإذا سارت الأمور على ما يرام ووفقني جل شأنه فستتاح لي الفرصة قريباً لنشر جزء أول من كتاب جديد لي عن آثار مدينة طرابلس خارج مدينتها القديمة، وهو العنوان الذي شغلني منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي، كما يسعدني أن أصرح بأنني قريباً سأنتهي كذلك من كتاب عن السيرة الذاتية لآمر البحرية الليبية الأشهر في أواخر العهد القرمانلي “الرايس مراد” في أول عمل ينجز له في حياته، بالإضافة إلى ترجمة عربية تجرى لأول مرة لمذكرات أسير أمريكي كان من ضمن طاقم السفينة فيلادلفيا في طرابلس منذ أكثر من 200 سنة، وأعمل كذلك على نشر – ربما على حسابي الخاص –
أول ديوان شعري لي يضم أولى قصائدي التي كتبتها منذ أيام الجامعة والتي لم أنشر أغلبها باستثناء صفحتي على الفيس بوك، تمتزج فيها المصطلحات النووية بالتاريخية بالآثارية بالفلكية مع لوحات نفذتها بنفسي!
وعن النصيحة التي يوجهها عبد الحكيم الطويل للكتاب الجدد من خلال خبرته في المجال الأدبي يؤكد : القراءة والقراءة والمزيد من القراءة، على أن تكون متنوعة، فأنا أنصح بتنويع قراءتنا لتشمل كل شيء مكاناً وزمانا وموضوعا، فكلما تنوعت زاد رصيدنا الشخصي من الأفكار والمصطلحات والأساليب البلاغية الأدبية، ثم العمل بجدية على الإلمام بأهم قواعد الكتابة والبلاغة العربية فهي ليست سهلة حتى على كبار الكتاب، لكن الأهم من كل هذا هو ضرورة أن نعمل على غرس عشق الثقافة في نفوسنا والعمل على سقيها باحترامنا التام للمثقفات والمثقفين الوطنيين (لا المتسلقين على الثقافة!) فهم أصحاب تجربة سابقة، وسيكون فيها الكثير من الدروس والحكم التي ستساعد الجدد على اختصار الكثير من العقبات التي تنتظرهم في الطريق، أتمنى كذلك أن لا يقدموا المال على الإبداع الأدبي، ولا يقارنوا أبداً حال الثقافة والمثقفين الصادقين الوطنيين غير المتلونين بحال رجال الأعمال! فلكل وسيلته في الحياة.
وختاما: يظل سؤال ما هو الإرث أو الأثر الذي سيتركه عبد الحكيم الطويل في المجال الأدبي؟ أجاب كاتبنا المبدع : ربما ستعرفني الأجيال القادمة بأنني أول ليبي كتب ونشر في أدب الخيال العلمي للكبار، وأول من كتب عن الاستعمالات المفيدة الإيجابية للأشعة والطاقة النووية في ليبيا والدول العربية. و بكل لباقة أنهى الكاتب عبدالحكيم الطويل حوارنا له بقوله : حقيقة أسئلتك مميزة وأغلبها لأول مرة يسألني إياها أي صحفي، مما ساعدنا على فتح نوافذ جديدة عن سيرتي لأول مرة بعد أن كانت مجهولة لدي متابعي مناشطي حتى تاريخ نشر هذه المقابلة، بل ربما أنا أيضاً نسيتها في زحمة تفاصيل الحياة وتذكرتها الآن بفضلك، فشكراً لاهتمامك وتميزك ودرايتك وذكاءك.