عبدالعظيم باقيقة
حكاية مرجاوية قديمة
……….
محاولاً اصطياد الذبابة اللعينة التي أقلقتتي ،التقطت العصا الصغيرة التي كان ( سي علي ) يخط بها بعض الدوائر على التراب ، رفعت العصا بهدوء بمحاذاة كتفي وهويت بها بسرعة على ركبتي التي اقلعت منها الذبابة بكل هدوء وكأن محاولة قتل لم تحدث ،
ابتسم عمي علي وخاطبني قائلاً :
_ ( ليس هكذا يا ( غشيم ) ..)
قبل ان يضيف وهو يشعل سيجارته السفير :
_ اسمع .. إذا اردت أن تتعلم عليك أن تحدد هدفك اولاً وتدرسه جيداً ، الذبابة هدف متحرك لايمكن إصابتها بطريقتك الغبية هذه .. عليك ان تحدد الإتجاه الذي ستطير إليه أولاُ ، انظر .. حرك سي علي فكه مشيرا ً إلى ذبابة حطت للتو على فخذه بعد ان أشار إلي باصابعه لأناوله العصا قائلاً بصوت أقرب إلى الهمس :
_ جناحا الذبابة متجهان للشمال ناحية مطحن ( بو غالية ) مما يعني أنها ستطير جنوبأ .. لذا ستكون ضربتي أمام راس الذبابة بمقدار عقلة إصبع ، سوف تحتضن حتفها على ركبتي او أسفل قليلاً .. والآن أكتم أنفاسك .
رفع ( سي علي ) العصا خلفه وهوى بها مسرعاً على الذبابة التي طارت وحطت بثقة على أنفه ، طردها بيده قبل ان يلتفت إلي قائلاً :
_ أرأيت ؟ .. هكذا
_ ولكنك لم تصبها بأذى ( سي علي ) . قلت له مستغرباً
_ ويحك .. هل تريدني أن أسيل دمها على بنطلوني العربي الجديد .. ماذا سأقول لعمتك ( رايقة ) بعدها .
حين اخبرت والدي بالقصة ضحك قائلاُ :
_ يابني بعضنا مثل عمك علي ، لايعترف بهزيمته بسهولة .
_ والبعض الآخر يا أبي ؟
_ لا ادري ، ربما يكونون كالديوك التي تؤذن وأرجلهافي الوحل .. اقول ربما .
ستون عاماً مرت على حادثة ذبابة ( سي علي ) ولم يتغير الشيء الكثير ، أللهم ازدياد طنين الذباب مختلطاً بصياح ديكة غارقة في الوحل ويؤذن اغلبها خارج نطاق الوطن .