تقرير :: ابوبكر مصطفى خليفة
صراع عسكري في الهلال النفطي تصريحات متضاربة هناوهناك لمسؤؤلين ليبين في عواصم العالم المختلفة حوار متوقف بين اطراف الصراع وسط جهود قبلية بين بعض القبائل الليبية لتسوية الصراع على السلطة في وقت يؤكد فيه الجمبع انهم وحدهم لهم لديهم الشرعية فيما يعاني المواطن الليبي بين توفير احتياجاته اليومية والصراعات بين الكتائب المسلحة في طرابلس وغيرها من المدن فيما يظل الطريق الساحلي مقفل بين طرابلس والزاوية كل هذه المعاناة ومع ذلك يظل الغموض في المشهد السياسي الليبي سيد الموقف في وقت تشهدفيه الساحة السياسية الليبية تطورات متسارعة ومتلاحقة، بعضها يحمل في طياته جوانب إيجابية وجلها سلبي، حيث لم تسفر الجهود الدولية والإقليمية عن أي تغيير ملموس في الواقع الليبي المؤلم بل إن بعض تلك الجهود أسهم في المزيد من حالة الانقسام بين الفرقاء الليبيين مازال المشهد السياسي والأمني في الدولة الليبية يتجه نحو المزيد من الضبابية، رغم بصيص الأمل الذي بدأ يلوح على فترات متقطعة، من أجل حلحلة الأزمة بعد أحاديث ومطالبات من الداخل الليبي، بضرورة توحيد الجيش الليبي وإعادة تسليحه، رغم الصعوبات والعراقيل على أرض الواقع، حتى يستطيع درء المخاطر، وتوطيد أركان الأمن والاستقرار الغائبين عن الأراضي الليبية.
مجلس النواب الليبي بطبرق يرفض بنود مذكرة التفاهم
فعلي سبيل المثال لا الحصر رفض مجلس النواب الليبي بطبرق بنود مذكرة التفاهم التي وقع عليها رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج أواخر شهر يناير 2017، التي تنص على دعم وتدريب قوات خفر السواحل الليبي وقوات البحرية لوقف تدفق المهاجرين، وتوفير برامج لرفع كفاءة الليبيين وتمكينهم من إدارة حدودهم البحرية. وأعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لتنفيذ بنود المذكرة، مؤكداً توفير ميزانية قدرها 200 مليون يورو.
لم تقتصر الانتقادات ومظاهر الرفض لمذكرة التفاهم الليبية- الإيطالية على الداخل الليبي فقط بل امتدت إلى الخارج، حيث قالت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية، في تقرير نشرته يوم 4 فبراير الماضي أن مذكرة التفاهم بشكل عام فوضوية وغير مؤثرة، مشيرةً إلى صعوبة تطبيقها بسبب عيوبها المتعددة، مؤكدةً أن الوضع في ليبيا تكتنفه الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار، وهو ما يجعل من الصعب تنفيذ أي اتفاق مع أوروبا في الوقت الراهن،ويكشف الواقع أن الأزمة الليبية أضحت مثل مرض عضال من الصعب أن يتم علاجه، حيث لا توجد دولة في العالم لديها ثلاث حكومات تعمل في وقت واحد سوى ليبيا، فهناك أولاً: الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، وثانياً: هناك حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل، وثالثاً: هناك المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، وهناك جيشان الأول بقيادة حفتر في شرق ليبيا والآخر يعمل تحت إمرة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ويسيطر على أجزاء من مدينة طرابلس، فضلاً على العشرات من الكتائب والميليشيات المسلحة التي تسيطر على جل المدن والقرى الليبية، هذا من جانب.
لا مستقبل للتسوية السياسية الشاملة بين الفرقاء في ليبيا
ومن جانب آخر لا يبدو في الأفق القريب أن هناك مستقبلاً للتسوية الشاملة أو المصالحة الوطنية بين الفرقاء، حيث تتضاءل فرصة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في التوصل إلى اتفاق مع حفتر ،و رجح تقرير نشرته وكالة أنباء بلومبيرج الأمريكية في أوائل شهر فبرايرالماضي أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سيسير على خطى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في التعامل مع الملف الليبي من خلال تأكيد أهمية الموقع الليبي المميز على البحر المتوسط، وكذلك إنتاجها للنفط ودعم حفتر ، يضاف إلى هذا التردد الفرنسي والأوروبي في الدعم الكامل لحفتر أن العديد من المناطق الليبية .
ما زالت خارجة عن السيطرة الفعلية للجيش والشرطة سواء التابعة لحفتر أو المجلس الرئاسي، ومما يدل على ذلك الأمر ما شهدته مناطق ابوسليم و جنزور والصياد غرب العاصمة طرابلس خلال شهر فبراير من اشتباكات بين عدد من الجماعات المسلحة أسفرت عن سقوط ضحايا خلال تلك الاشتباكات، وهكذا فإن الأحداث والتطورات الحاصلة تؤكد- بما لا يدع مجالاً للشك- استمرار فرقاء الداخل في السعي نحو حصد المزيد من المكاسب والمغانم الشخصية على حساب الوطن الذي يئن من تكالب القوى الدولية والإقليمية على نهب خيراته وثرواته الطبيعية، وتناحر القوى الداخلية على الفوز بنصيبهم من الجسد الليبي المنهك الذي قد يؤدي في النهاية إلى خسارة كل الأطراف.
تنامي الخلافات والصراع بين الفرقاء الليبيين
ورغم تعقد الأوضاع على أرض الواقع بسبب تنامي الخلافات والصراع بين الفرقاء الليبيين، وكان آخرها استقالة موسى الكوني، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في الثاني من شهر ينايرالماضي من موقعه الذي شغله لقرابة عام، مقدماً اعتذاره للشعب الليبي عمّا وصفه ب«فشله»، مؤكداً فشل المجلس في القيام بمهامه واستحالة تطبيق الاتفاق السياسي، مشيراً إلى أن المجلس الرئاسي ليس على قلب رجل واحد والقرارات الصادرة دليل على ذلك، قاصداً القرارات التي أصدرها نائب المجلس الرئاسي فتحي المجبري، بتعيين خمس شخصيات في مناصب سياسية وعسكرية وأمنية عليا خلال الأيام القليلة الماضية و جاءت استقالة الكوني، رغم إلغاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، قرارات فتحي المجبري لاحقاً، والتي تسببت في استقالة الكوني، كدليل دامغ جديد على فشل الاتفاق السياسي في تحقيق الآمال والطموحات المرجوة منه، كما أكدت على تنامي التباين في وجهات النظر داخل المجلس الرئاسي الليبي، كاشفةً أيضاً تزايد حجم الصراع داخل المجلس الرئاسي المترهل، خاصة أن عضوي المجلس الرئاسي عمر الأسود، وعلي القطراني، مقاطعان لأعمال المجلس له منذ فترة طويلة.
ومع تنامي الشعور، سواء في الداخل أو الخارج الليبي، بشأن فشل الاتفاق السياسي في تحقيق الثمار المرجوة منه، طالب المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب بطبرق يوم 6 يناير 2016، وذلك خلال لقاء جمعه بالرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، في تونس، بتعديل الاتفاق السياسي بما يتفق مع مصلحة ليبيا وأمنها واستقرارها، مؤكداً أن مجلس النواب متمسك بالاتفاق السياسي بعد تعديله من أجل الخروج من الأزمة السياسية الراهنة في البلاد.
ويبدو أن المستشار عقيلة صالح يرغب في تعديل عدد من المواد الخاصة بالاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في السابع عشر من ديسمبر 2015 .
حيث قال في تصريحات سبقت زيارته تونس، وبعد عودته من موسكو والقاهرة، إنه حصل على دعم مصري لعدة مقترحات تهدف إلى حل الأزمة، تشمل تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي، المنبثق من حكومة الوفاق، إلى أربعة، هم الرئيس وثلاثة نواب ممثلون عن الأقاليم الليبية الثلاثة، مع الإبقاء على صفة القائد العام كما هي لدى مجلس النواب، على أن يتم الفصل بين رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي، وإلغاء منصب وزير الدفاع في الحكومة المقترحة لوجود قائد عام للجيش بصلاحيات الوزير، قاصداً بذلك المشير خليفة حفتر، وبلاشك فإن الاقتراح سالف الذكر جاء بالتوافق مع القاهرة التي أصبحت الفاعل الأهم، في الوقت الراهن، خاصة بعد الجهود المضنية المبذولة من قبلها لحلحلة الأزمة المستعصية. فللمرة الثالثة، في غضون أسبوعين، استقبل الفريق محمود حجازي، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية رئيس اللجنة المعنية بالملف الليبي، وفدًا ضم عدداً من أعضاء مجلس النواب، بهدف معالجة نقاط الخلاف التي تسببت في حدوث الانسداد السياسي في ليبيا، وإيجاد آليات جديدة وفعّالة تسهم في التسوية السياسية، وإشراك كافة الأطراف ذات العلاقة بهذه الأزمة، وعلى رأسها أعضاء مجلس النواب وأعضاء المجلس الأعلى للدولة.
لم تكن القاهرة هي الطرف الأوحد الذي حاول أن يسهم في حلحلة الأزمة الليبية خلال الأيام القليلة المنصرمة، حيث شهدت تونس والجزائر زيارات متعددة من قبل الشخصيات والقوى الليبية، سواء الرسمية أو غير الرسمية لوضع حد للفوضى، ولم يكن الجانب الأوروبي غائباً عن الحراك السياسي في المشهد الليبي الحالي، حيث أكد وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، في الرابع من يناير الماضي في مقابلة مع صحيفة (لا ستامبا) الإيطالية، أن إيطاليا تسعى لتحقيق اتفاق سياسي شامل لكل الأطراف في ليبيا، والذي يضم حفتر أيضاً.
الواقع المؤلم يكشف عن استمرار تردي الأحوال الأمنية
ورغم الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في ربوع الأراضي الليبية، فإن الواقع المؤلم يكشف عن استمرار تردي الأحوال الأمنية، لذا لم يكن غريباً أن أضحت ليبيا مرتعاً خصباً للتدخل في الشؤون الداخلية ليس من جانب الدول والحكومات فحسب، ولكن أيضاً من جانب الأفراد والشركات الأمنية، ففي الخامس من شهر يناير من العام الجاري، نشرت صحيفة «فايننشيال تايمز» مقالاً ل«إيريك برانس»، مؤسس الفرقة الأمنية الأمريكية الخاصة «بلاك ووتر»، مؤكداً أنه يمتلك الحل الأمثل والأنجع لاجتثاث مشكلة الهجرة غير الشرعية القادمة من ليبيا إلى أوروبا، مقترحاً إرسال مرتزقة وفرق أمنية خاصة مدفوعة الأجر إلى الحدود الليبية مع كل من الجزائر والنيجر وتشاد، بالتعاون بين الحكومات الأوروبية ومؤسسته.
تشهد الساحة الليبية هذه الأيام تحركات سياسية غير مسبوقة ومتعددة المستويات داخل ليبيا وخارجها، أنعشت الآمال في قرب التوصل إلى تسوية للأزمة التي طال أمدها وأحالت حياة الشعب الليبي إلى جحيم لا يطاق.
اتسمت هذه التحركات بزيارات خارجية ولقاءات بين الممسكين بزمام الملف الليبي، بدأها رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح بزيارة إلى تونس، التقى خلالها الرئيس الباجي قائد السبسي، ومبعوثا الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى ليبيا السفير صلاح الجمالي ومارتن كوبلر، وبالتزامن قام رئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي بزيارة إلى الجزائر.
زيارة عقيلة إلى تونس تكتسب أهمية خاصة، لا سيما أن الموقف التونسي ظل داعماً لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، فكسرت هذه الزيارة الجمود في العلاقات بين الشرق الليبي وتونس، بعد تأكيد الرئيس السبسي أن بلاده تقف على مسافة واحدة من كل أطراف الأزمة الليبية كما تقف بقوة ضد التدخل الأجنبي في ليبيا.
ولعل اللافت في هذا الحراك التصريحات التي صدرت عن المسؤولين والتي صبت في مجملها في ضرورة الجلوس إلى مائدة الحوار، وإلى تأكيد ضرورة أن يكون الحل ليبياً – ليبياً. ولكن على الرغم من كل هذه التطورات والتحركات تظل المخاوف من اندلاع حرب واسعة النطاق بين قوات حكومة الوفاق الوطني والجيش الليبي بقيادة حفتر قائمة، وقد بدأت إرهاصات هذه الحرب بقصف الجيش الليبي لطائرة في مطار الجفرة، اختلفت الروايات حول حمولتها
وجاءت تصريحات رئيس أركان الجيش الليبي عبد الرازق الناظوري في حوار تلفزيوني، والتي أكد فيها أن الجيش سيحرر الجفرة وطرابلس قريباً لتعزز من تلك المخاوف وتدق ناقوس الخطر بأن أمراً ما يدبر، وأن النية مبيتة سلفاً للهجوم على المدينتين.
إن الحراك الليبي المحموم هذه الأيام ربما يكون الفرصة الأخيرة لليبيين لتحقيق تسوية سياسية عادلة، تنتشل البلاد من الوهدة التي تردت إليها وتسكت أصوات المدافع وتوحد الجبهة الداخلية بعد فشل اتفاق الصخيرات في توحيدها.