فخ الانتخابات

فخ الانتخابات

بقلم :: فتحي بن عيسى 

نردد يبدو ببلاهة ان المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، بينما نحن نلدغ من نفس الجحر وبنفس الطريقة مرات ومرات تجاوزت المئتين، فإما نحن غير مؤمنين وإما ساذجين وأخشى ما أخشاه أن نكون جمعنا بين هاتين الخصلتين.
الدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية، في أحسن الأحوال هي محاولة للهروب للإمام ككل مرة، نرحل مشاكلنا إلى المستقبل لتتفاقم، وهذا إما لأننا عجزنا فعلا عن حلها بسبب عدم المقدرة على تشخيصها أو خشيتنا من نتائج مواجهتها كون الحل سيفقدنا مصالح ومزايا لا يمكن أن تستمر إن انتهت هذه الفوضى المصطنعة وبامتياز.
دعاة الانتخابات لم يخبرونا سهوا أو عمدا، ما موقفهم من الاتفاق السياسي الذي يرعاه المجتمع الدولي وصدرت القرارات تلو الأخرى بأنه الإطار “الوحيد” المقبول لحل الأزمة الليبية، مع براح بتعديل أجزاء منه وفق الآلية المعتمدة داخل هذا الاتفاق.
إذا قالوا انهم مع الاتفاق السياسي، فدعوتهم تعني الغاء مجلس النواب الحالي واستبداله بآخر مع بقاء المؤتمر الوطني المتجدد بثوب مجلس الدولة!! وهنا سيطعن النواب الخاسرون أسوة بما فعله المؤتمرون وسيصبح الاتفاق السياسي هو طوق نجاتهم كون المجالس الحالية استمدت شرعيتها من هذا الاتفاق وعلى أساسه نالت اعتراف المجتمع الدولي، فكل الأجسام الحالية دون هذا الاتفاق بلا شرعية، فمنها ما انتهى بانتخاب، ومنها ما انتهى باستيفاء المدة، وما بينهما أحكام وقضايا لا تجد طريقا للتنفيذ إذ غلب عليها التأويل وكل يغني على مصالحه ومزاياه!!
كما أن منصب الرئيس غير موجود في الاتفاق السياسي الذي نص على مجلس رئاسي، وهذا يتطلب تعديل الاتفاق، ومأزقنا حاليا عدم قدرتنا على تعديل الاتفاق لأننا لا نعرف ماذا نريد يقينا؟ وبالتالي كيف نحققه؟ إذ المواقف تتخذ بنظرية “البونتو الليبي”.
والنتيجة جسم آخر يضاف لهذه الأجسام، وعلى المواطن دفع مرتبات الأعضاء وحوافزهم من دمه وأعصابه وأمنه!!
إما إن رأى دعاة الانتخابات فيها انهاء للاتفاق السياسي، فهذا رأيهم ولا يلزم سواهم، كون الاتفاق السياسي حدد الإطار الزمني لانتهاء العمل به وهو إقرار الدستور، الحل المسكوت عنه، وكما تجاهل مجلس النواب قانون انشائه بأنه لا يجوز له التمديد لنفسه إلا باستفتاء شعبي، سيكون للمتضررين من وقف العمل بالاتفاق السياسي نفس الموقف، دون اغفال عامل المجتمع الدولي وقراراته وماراثون طويل عريض من المفاوضات والسجالات.
ثم هب ان الانتخابات تمت، فتحت أي قانون ستتم؟ إذا كان نفس القانون فالنتيجة جربناها سنتين، “واللي يجرب المجرب عقله مخرب” كما أخوتنا الشوام، وإذا تحدثوا عن تغيير قانون الانتخاب، فمن سيقوم به؟ ومتى وكيف سيتم اعتماده؟ وهل ستقبل كل الأطراف “المؤثرة” التي لديها قوة على الأرض فعلية ولا تحفل بالبكائيات الفسيبوكية؟
لماذا لم تنقذ انتخابات مجلس النواب السابقة ليبيا من أزمتها؟ وما الذي يمنع من تكرار نفس السيناريو الذي تم عقب تلك الانتخابات؟ ما الضامن؟
الانتخابات هي تتويج لتوافق وتطبيق عملي لاتفاق ضمن قواعد رضي بها “المؤثرون”، عدا ذلك في رأيي، هو اهدار للوقت، وترحيل للأزمة وتعقيدها.
ستقول لي ما الحل يا فالح !!
أقول في رأيي القاصر الحل يكمن في “اخلاص النوايا” فمتى صفت النية استوى الحساب، وإعادة توصيف الصراع الذي نسوق بأنه صراع بين حق وباطل، وطنين وغير وطنيين، إرهاب وكباب، إلخ.
الصراع في جوهره هو صراع على الاستفراد بالسلطة والحكم، تحت مسميات شتى ليست من بينها في رأيي الخوف على وطن ولا مواطن.
تريد دليلا، هناك أدلة وسأكتفي ببعضها، ألم يتم اتهام بوسهمين والغويل بأنهما أس البلاء وأنهما وراء دعم الإرهاب بالعتاد والعتدة، وفجأة يصافح عقيلة صالح الذي وصف في أغنية حديثة بأنه “العقل” بوسهمين ويلتقي به في عاصمة فرسان قديس يوحنا ويكشف عن اتصالات بين الغويل “اللي صفته ونعته” مع الثني “الوطني الغيور” ومساع لتشكيل حكومة واحدة تجمع الأشرار والطيبين!!
وقس عليها!! إنه صراع تقاسم السلطة والنفوذ، ولن تحله انتخابات مؤسسة على قواعد غير متفق عليها وفق دستور له قوة تحميه.
ملحوظة:
عزيزي القارئ .. ما كتبته آنفا ليس تحليلا ولا أدعيه، هي مجرد محاولة لأفهم أنا، أعرضه عليكم أملا أن تتفضلوا بالتصحيح والتصويب. فتحي بن عيسى

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :