فسانيا :: تحاور أسعد زهيو رئيس الهيئة التأسيسية للتجمع الوطني الليبي سابقاً

فسانيا :: تحاور أسعد زهيو رئيس الهيئة التأسيسية للتجمع الوطني الليبي سابقاً

  • حاوره :: سالم الحريك

لم نقم بترشيح أي كادر من كوادرنا لتولي أي موقع في السلطة التنفيذية الجديدة، من جهة لأنه لم يطلب منا ذلك ومن جهة أخرى لم نرغب في الدخول في هذا البازار والتزاحم على المواقع والمناصب، والتجمع يؤمن بأن الطريق الأسلم والأنسب للمشاركة في السلطة يأتي عبر صناديق الاقتراع ومن خلال الشعب، وهو ما يعمل عليه ويعد نفسه له منذ الآن. حوارنا مع رئيس التجمع الوطني الليبي الأستاذ أسعد زهيو.

أسعد زهيو رئيس الهيئة التأسيسية للتجمع الوطني الليبي سابقاً

بداية ما هو التجمع الوطني الليبي؟

التجمع الوطني الليبي هو تنظيم سياسي للقوى الوطنية الليبية، وكيان جامع لليبيين المؤمنين بالعمل تحت مظلة الوطن ومن أجله، وهو يتجاوز الانتماء الأيديولوجي والقبلي والجهوي نحو هدفٍ سامٍ ورئيسي، هو بناء دولة وطنية حرة ومدنية وديمقراطية، تضم كافة الليبيين بحقوق متساوية وفرص متكافئة، لخدمة البلد وتنميته، وإحلال السلام به، وتوظيف ثرواته بطرق تضمن الاستقرار والنماء لكل أبناء ليبيا.

ويسعى التجمع الوطني الليبي للعمل في وسطه الاجتماعي المتنوع الأصيل، بوصفه وعاءً لتجميع الطاقات الراغبة في التغيير والتطلع إلى مستقبل أفضل، بعيدًا عن أيّة ولاءات حزبية ضيقة أو تمييز جهوي يحدّ من حركته أو يعرقل عمل مناضليه واندفاعهم نحو المستقبل، و يفتح ذراعيه لكافة الليبيين والليبيات المؤمنين بليبيا الجديدة، التي تؤمّن حقوق جميع مواطنيها وتحترم هوية كل الأطياف الليبية وخصوصياتها، كما يتخذ التجمع مقولة (وطن واحد لشعب واحد) شعارًا رسميًا له.

حدثنا عن ظروف نشأة التجمع وهل واجه أي صعوبات خلال مرحلة التأسيس؟

بدأ التفكير في تأسيس كيان وطني ليبي جامع في أواخر عام 2014 وكانت هناك أسباب استدعت وجوده نذكر منها : • المأزق الذي تردّت إليه الحالة الليبية العامة بعد تفاقم النزاعات والصراعات الأيديولوجية والسياسية والعسكرية في البلاد. •

إخفاق النخبة في إيجاد الحلول المناسبة للتعاطي مع الواقع الذي أفرزه التدخل الدولي عام 2011 وسيطرة الميليشيات المسلحة على الأوضاع، والنزاعات المسلحة التي شهدتها البلاد بشكل متكرر وعنيف.

انسداد الآفاق السياسية وطغيان صوت القوة العسكرية بالداخل وعدم جدية المجتمع الدولي في دعم إرادة المواطن الليبي التي أفرزتها الانتخابات آنذاك.

• تفاقم الأزمة الاقتصادية والتبديد الجنوني للموارد.

مأساوية أوضاع المهجّرين بالخارج والنازحين بالداخل وتجاهل الأطراف السياسية لحقيقة معاناة الليبيين وقصور مقارباتها وغياب التطبيق الجدي لمضامين الخطاب السياسي.

حاجة المجتمع الليبي إلى نخبة جديدة براجماتية متحررة من الضغوط الجهوية والأيديولوجية والطائفية، تغلّب المصلحة الوطنية على المغانم الشخصية والفئوية.

خطورة الأزمة الراهنة التي يمكن أن تؤدي إلى اضمحلال الكيان الليبي الجغرافي والسياسي نحو التقسيم وانفراد كل طرف بما تحت يديه من موارد وأراضِ، وكارثية هذا السيناريو على الليبيين ونسيجهم الاجتماعي الذي تأثّر أيّما تأثير بفصول أزمة بلدنا.

خطورة المسار التفاوضي الذي كان يجري مع ما يسمى بفجر ليبيا وتيار الإسلام السياسي المدعوم بالإمكانيات واللوبيات الضاغطة وبخبرته التنظيمية وقدرته العالية على المناورة، وهو ما شكل فيما بعد ما يعرف باتفاق الصخيرات.

حاجة الدولة الليبية إلى التفاف القوى المدنية والديمقراطية حولها والعمل معاً من أجل مشروع وطني إنقاذي. ثبوت فشل أسلوب الهدم لأجل إعادة البناء في الحالة الليبية بما في ذلك من عزل وإقصاء واجتثاث وتمييز، وتبديد للمقدرات واختلاق للعداوات.

اقتناع الشباب الليبي مؤسس مبادرة التجمع الوطني الليبي بأن ترميم البيت الليبي وكيان الدولة لا يزال أمرا ممكناً وهو الأكثر جدوى وتوفيرا للوقت والموارد والجهد، وأن خيار الهدم الكلّي قد كان خيارا انتحاريا متهوّرا وموجّها من قبل أعداء الدولة ومؤسساتها، الذين سيطروا على الليبيين بالسلاح والمقولات الأيديولوجية والشحن الجهوي لغرض إفشال مشروع الانتقال الديمقراطي السلمي وتوحيد القوى المدنية الليبية.

كل هذه الأسباب وغيرها استدعت الحاجة لانطلاق وتكوين إطار التجمع الوطني الليبي، وبالحديث عن ظروف نشأة التجمع فلقد قمنا نحن مؤسسو هذا الكيان بالتنقل بين المدن والقرى والجلوس مع النخب السياسية والاجتماعية والثقافية والتركيز على شريحة الشباب، وأذكر أننا وصلنا لأقصى الجنوب الليبي بتكويناته الثقافية المختلفة كذلك تنقلنا في كل مدن ومناطق الشرق الليبي والوسط والغرب، ولا أبالغ إن قلت إننا لم نترك قرية أو مدينة إلا وذهبنا إليها باستثناء مدينة سرت ودرنة لأن تنظيم الدولة الإسلامية كان يسيطر عليهما في ذلك الوقت، وكذلك أجزاء من مدينة بنغازي التي كانت تشهد مواجهات مسلحة. على مدى قرابة الستة أشهر قضيناها في التنقل وعقد اللقاءات المباشرة والتحاور مع الناس بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم، حتى وصلنا لصيغة التجمع الذي أعلنا عنه في وقت لاحق من ذلك العام. تم الإعلان رسميا عن تأسيس التجمع الوطني الليبي يوم 15 أغسطس 2015 من داخل مدينة طبرق الليبية بمبادرة من مجموعة شبابية من داخل ليبيا وخارجها انتظموا في الهيئة التأسيسية للتجمع بعدد فاق ال 100 من الرجال والنساء، وقد صاغوا تعريفا لهذا الكيان السياسي ووضعوا مبادئه وأهدافه الرئيسية واختاروا قيادته المؤقتة وأذنوا بانطلاق أعماله وصولا لتحقيق أهدافه، وبتوفيق من الله العلي القدير نجحت الهيئة التأسيسية في عقد مؤتمرها العام التأسيسي الأول في 15 أغسطس 2016 بمدينة الأصابعة بحضور أعضاء الهيئة التأسيسية والأمانة العامة وأمانات الفروع ولفيف من الضيوف والمهتمين، وقد تم عرض وثائق التجمع ومناقشتها واعتمادها … وحافظ التجمع على محطاته الدستورية فعقد مؤتمره العام الثاني في 15 أغسطس 2018 بمدينة طرابلس وقام باختيار قيادة جديدة له في إطار تداول قيادته من أبنائه.

هذا عن مرحلة التأسيس. بعد أن أعلن التجمع عن نفسه هل لاقى قبولاً من شرائح مختلفة من المجتمع الليبي؟وهل حظيتم بتواصل مستمر من النخب لغرض الاستفسار أو الانضمام للتجمع؟

بطبيعة الحال لم يكن الأمر بسيطا وكان هناك صعوبات كبيرة تمثلت في رفض شرائح معينة لمشروع التجمع بل ومحاربته وتضييق الخناق على عناصره وكوادره، وصل الأمر لاعتقال عدد من قياداته. لأن التجمع يطرح رؤية مختلفة لمعالجة القضية الليبية، كما أنه يمثل لونا مختلفا قد لا يتماشى مع اللغة السائدة في البلاد وهو تجاوز كل عثرات الماضي والحاضر لمستقبل أرحب، لا يؤمن بالإقصاء والعزل والتهميش، وإنما يؤمن بضرورة إشراك الجميع في لملمة الجراح ومداواة آثارها. بالمقابل كان هناك ترحيب واسع بمن يؤمنون بالمشاركة وتقديم التصورات العملية لإنقاذ الوطن، من عموم شعبنا. خلقنا علاقة جيدة مع عديد الأطراف في المشهد السياسي الليبي وكذلك مع الشركاء الدوليين من خلال الأمم المتحدة التي كثيرا ما اعتبرتنا شركاء أصيلين في مساعي التسوية وكنا جزءا من أغلب الحوارات السياسية التي رعتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طوال الأعوام الماضية وصولا لمسارات برلين الأخيرة. كذلك ربطتنا علاقات جيدة مع المنظمات الدولية والإقليمية والدول المنخرطة في الملف الليبي بما يعزز الإرادة الوطنية ولا ينقص منها أو يتعدى عليها.

هل تعني بذلك أن التجمع الآن يقف على أرضية صلبة ويحظى بتعاون وتأييد جيد من قبل بعض الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية؟

الأمر نسبي، يمكن القول بأن التجمع نجح في فرض نفسه على الساحة بمثابرة قياداته وتماسكهم واستمراريته، وكون علاقات جيدة عبر مسيرته، وكان شريكا في بعض التسويات مما يعطيه مساحة جيدة للعمل والبروز. خلق علاقات تعاون جيدة مع الشركاء الدوليين من خلال تقديم رؤاه ومقارباته لمسار التسوية، كما أنه يعمل بشكل جيد ضمن قواعده، وهو الآن يستعد لمواجهة استحقاقات المرحلة بثبات واتزان.

هل نجح التجمع حتى الآن في استقطاب ربما شخصيات من توجهات مختلفة وخلفيات فكرية متنوعة؟وإن أمكن هل توجد أمثلة لذلك؟

التجمع لا يعكس لونا معينا أو تيارا سياسيا مؤدلجا، بل هو وعاء جامع لمختلف التوجهات التي لا تتعارض مع القضايا الوطنية ذات الإجماع. وبالتالي فإن عناصر التجمع يمثلون حالة وطنية متخلصة من الثنائيات والتعصب الفكري أو المناطقي أو القبلي، منهم من أيد فبراير ومنهم من عارضها ولكنهم متفقون على أنهم معنيون بالعمل معاً لإنقاذ الوطن من الضياع. ليبيا اليوم تبحث عن من ينتشلها من هذا الوضع الذي تردت إليه، وهذا لن يتأتى والجميع يتخندق خلف توجهات سياسية أو فكرية محددة، وإنما بتكاثف كل الجهود معاً.

على كل حال هذا ربما يعتبر شعارا للعديد من التنظيمات السياسية. لكن بنوع من التجرد هل ترى أن التجمع فعلا منذ مرحلة التأسيس إلى الآن استطاع توحيد قوى سياسية مختلفة تحت رؤية وأهداف التجمع؟

اسمح لي أن أعارضك في قولك بأن هذا التوجه هو شعار يرفعه العديد من التنظيمات السياسية، فأنا لم أجد تنظيما ليس فبرايريا أو سبتمبري الهوى وإن وجدت دلني عليه. وعندما نقول إن التجمع يعبر على تنوع في التوجهات والمنطلقات أنا أعني ما أقول، وهو ما تفتقر إليه جل التكوينات السياسية الأخرى. أما عن السؤال حول قدرة التجمع على توحيد قوى سياسية مختلفة، فالحديث هنا حول جهود ونتائج وهي بالتأكيد تبقى جهودا محدودة وفق قدرات التنظيم وإمكانياته وهو ليس جسما تشريعيا أو تنفيذيا حتى ينجح أو يفشل في تحقيق أحد أهم المعضلات التي تواجهها بلادنا وهي الاختلافات السياسية الحادة، والنجاحات هنا تحسب وفق المساحة التي يستطيع وفقها التجمع التحرك والعمل والنشاط وهي بلا شك محدودة كما أسلفت. مشكلتنا في ليبيا ليس الاختلاف لأنه ظاهرة صحية وطبيعية، بل مشكلتنا الجوهرية تكمن في عجزنا على إدارة اختلافاتنا وتحويلها لمعارك وتفريط في سيادة الوطن وتحولت بذلك بلادنا إلى غنيمة.

ماهي رؤية التجمع للمرحلة القادمة وفقاً للمعطيات الموجودة اليوم؟

يتأسس مشروع التجمع السياسي وفقا لما تم صياغته في الرؤية السياسية وفقا لما يلي: دون الإخلال بمبدأ حق الليبيين في اختيار شكل دولتهم ونظامهم السياسي المناسب لحياتهم وطبيعة تكوينهم الثقافي والاجتماعي والحضاري فإن ملامح الدولة الليبية الديمقراطية كما يراها التجمع الوطني الليبي تتمظهر فيما يلي: بعد نجاح الفترة الانتقالية في تهيئة البيئة الداخلية الليبية لاستيعاب التحولات المُرجوّة نحو الاستقرار الدائم، يواصل المجتمع الليبي سعيه نحو استكمال بناء دولته الديمقراطية الجامعة، والتي نرى ملامحها في النقاط التالية:

1-​ ليبيا دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تقوم على مبدأ المواطنة وتُساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات وفق أحكام الدستور والقوانين.

2- ​الدولة الليبية تعترف رسمياً بمختلف المكونات الثقافية للمجتمع الليبي، وتؤكد حقّ كلّ مكوّن في استخدام لغته وتقاليده الخاصة، وممارسة طقوسه في جوّ من الحرية يكفله القانون.

3- ​تنتهج الدولة الليبية الجديدة النظام الديمقراطي الانتخابي خياراً لها، بما يؤسّس لتعدديّة سياسيّة واسعة حقيقية ومُثمرة، والتّداول السّلمي على السلطة.

4- ​تعتمد ليبيا مبدأ الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب في هيئة تشريعية مكونة من غُرفتين برلمانيّتين الأولى مجلس النواب، ومنه تتشكل الحكومة. والثانية، مجلس الشيوخ يمثل المناطق الليبية الثلاث بشكل متساو، ومهمّته مساعدة النواب في التشريع والرقابة.

5- ​تُعتمد آلية الانتخاب لاختيار رئيس الدولة لمدة محددة لا تتجاوز الخمس سنوات، ولدورة قابلة للتجديد مرة واحدة دون تمديد أو تجديد.

6-​اعتماد مبدأ الفصل التام بين السلطات الرئيسيّة بالدولة بحيث تستقل كل سلطة عن الأخرى، تحقيقاً لمبدأ الرقابة المتبادلة بينها بحيث تستقل السلطة القضائية تماماً عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.

7-​المؤسسات الأمنية الجديدة من جيش وشرطة هي مؤسسات وطنية محايدة تقوم على الانضباط والمهنية مهمتها حماية وتأمين الوطن من أي عدوان خارجي.

8-​الملكية الخاصة حق مدني راسخ تحفظه الدولة ضمن إطار سياسات اقتصادية تشجع المشاريع الإنتاجية والانفتاح التجاري والاستثماري.

9-​ليبيا عضو رئيسي في جامعة الدول العربية ومن مصلحتها أن تعمل على توطيد علاقات الأخوة والتعاون الاستراتيجي مع جوارها الطبيعي العربي، بالإضافة إلى امتدادها الجغرافي القاري في أفريقيا.

10-​كما تقف ليبيا مع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والمشروعة في إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس، بالإضافة لكافة قضايا القارة الأفريقية.

11-​لليبيا مصالح استراتيجية متزايدة مع جوارها الأوروبي عبر الضفة الشمالية للمتوسط، يجب الحفاظ عليها وتعزيزها بكافة الآليات الممكنة.

12-​تحترم ليبيا المواثيق الدولية، التي تؤسس للعدالة والسلام الدوليّين.

خلال المدة الماضية قمت بالتقدم للترشح لمنصب رئيس المجلس الرئاسي. هل كان ذلك دعماً وتحفيزاً من التجمع أم نابعا من رغبة وحافز ذاتي؟

الترشح لم يكن من الأساس لهدف الوصول للسلطة التنفيذية الجديدة في هذه المرحلة على الأقل، وأنا سعيد بالتجربة التي خضتها من خلال ترشحي لعضوية المجلس الرئاسي القادم، وهي تجربة أعتبرها مهمة وغنية، مكنتني من تقديم رؤيتنا ومقاربتنا كتجمع للحل والتعامل مع ملفات الأزمة الليبية المعقدة لأعضاء لجنة الحوار ومن خلالهم للشعب الليبي.

أعتبر نفسي حققت شيئا مما كنت أطمح إليه، لعل أهمه كسر مفهوم احتكار السلطة لصالح فئة محددة سياسياً أو اجتماعيا أو مناطقياً، رغم تجذر ذلك المفهوم لدى الكثيرين والذي بانت معالمه بشكل واضح في تشكيل القوائم، إلا أن قناعاتي كانت ولازالت تؤمن بأن العمل والمحاولة هي فقط الكفيلة بترسيخ مفهوم المواطنة والكفاءة وتكافؤ الفرص، رغم ما يبدو أننا لم نصل إلى هذا المستوى بعد إلا أن مثل هذه المحاولات ستصل بنا لا محالة إلى هذا المناخ الذي ننشد. كان الهدف الحقيقي هو التدرب على الممارسة الديمقراطية وتحفيز عناصر التجمع وشعورهم بتواجدهم في الساحة السياسية.

ولم يكن الأمر بدافع شخصي أو لتحقيق مغنم شخصي، بل كان عملاً تنظيميا بكل ما للكلمة من معنى، شارك أعضاء التجمع في صياغة الأفكار التي قدمتها في برنامجي أمام أعضاء لجنة الحوار، وكان من الممكن أن أكون ضمن أي من القوائم وقد عرض علي ذلك، إلا أني وكما أسلفت لم يكن مصمما للترشح للمضي إلى أكثر مما وصل إليه وحسب اعتقادي فلقد تحقق الهدف على أكمل وجه.

أود هنا سؤالك بشكل محدد عن النقطة الرابعة في هذه الرؤية وهي وجود هيئة تشريعية مكونة من غرفتين برلمانيتين مجلس النواب ومجلس الشيوخ. تحديدا السؤال هنا عن مجلس الشيوخ وما المقصود بمساعدة النواب في التشريع والرقابة؟ هل يتمتع عضو مجلس الشيوخ بنفس صلاحيات النائب في مجلس النواب؟

فكرة الغرفتين البرلمانيتين هي فكرة موجودة في أغلب دول العالم وهناك ضوابط تحدد اختصاصات كل مجلس على حدة، وجاءت فكرة مجلس الشيوخ هنا والتي نصت عليها الرؤية السياسية للتجمع المعتمدة في المؤتمر التأسيسي عام 2015 قبل بروز مشروع الدستور في حلته الموجودة اليوم والذي يتضمن وجود غرفتين برلمانيتين وهما مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وبالعودة لأسباب هذا الاقتراح، إضافة لوجود حزمة من الاختصاصات التي يتمتع بها مجالس الشيوخ في أغلب أنظمة الحكم في العالم، من مساعدة مجلس النواب وكذلك الرئيس في العديد من القضايا وفي مقدمتها تقديم المشورة حول القرارات المصيرية للبلاد، والاتفاقيات الدولية ودراسة القوانين وتقديمها لمجلس النواب وغيرها من الملفات، إلا أن وجوب وجود هذا المجلس في الحالة الليبية إضافة لما تقدم، هو طبيعة النظام الاجتماعي في البلاد واعتزاز الليبيين جميعاً بانتماءاتهم الاجتماعية، ولأن بلدنا في ظرف استثنائي، حيث أنها مرت بسنوات اقتتال واحتراب وتحتاج لمصالحات وطنية واسعة، يحكمها العرف إضافة للقوانين الوضعية، ولأن البلد أيضا في مرحلة تأسيسية تحتاج فيها لمشرع يتمتع بخصوصية يراعى في اختياره الفئة العمرية والتوزيع الجغرافي وكذلك يمتلك القدرة ولديه الوقت الكافي بعيدا عن سن التشريعات والقوانين التي غالبا ما تثقل المجلس النيابي وتأخذ أغلب وقته.

فيما يتعلق بمجلس الشيوخ وفق رؤيتكم. هل توجد آلية محددة لعضوية هذا المجلس وكيفية تكوينه أم أن الأمر متعلق بأهمية وجود هذا المجلس كداعم ورافد لمجلس النواب دون الحديث عن كامل تفاصيله ؟

دعنا نتفق أولا على أهمية وجوده، ومن ثم يمكن تنظيم عمله وتحديد اختصاصاته وكذلك معايير وشروط عضويته، وهذه أشياء يمكن التوافق عليها وبالمناسبة هناك جزء من مشروع الدستور يتحدث عن هذا الجسم واختصاصاته وكل تفاصيله.

فيما يتعلق بالظروف الحالية للمشهد السياسي الليبي. هل تتوقع نجاح المجلس الرئاسي و حكومة الوحدة الوطنية المقترحة وتحديدا ما أبرز ما يعزز نجاحهم وأبرز العوائق التي قد تسبب فشل هذين الجسمين في الوصول بالبلاد إلى بر الأمان ؟

نجاح السلطة التنفيذية متوقف على قدرتها على التعاطي والتعامل مع الملفات والاختناقات التي أمامها اليوم وأهمها النجاح في توحيد المؤسسات، ومن ثم تأتي عوامل أخرى منها تعاون الجميع لنجاح المرحلة والإيفاء باستحقاقاتها الملحة. لا شك أن الوضع صعب ولكنه ليس مستحيلا وإذا توفرت الإرادة والنية الصادقة بالإمكان الخروج من هذا النفق المعتم الذي نعيش. على السلطة الجديدة عدم تشتيت جهودها والتركيز على استحقاقات المرحلة فهي غير معنية بمشاريع التنمية أو إعادة الإعمار أو ما إلى ذلك، بل هي معنية بشكل مباشر حول تهيئة الظروف الملائمة للوصول إلى الانتخابات القادمة بسلاسة.

ماهي رسالتك لأعضاء مجلس النواب الليبي في ظل التباين حول انعقاد جلسة المجلس والاختلاف على مكان الانعقاد؟

إن هذا الفشلَ المُركّبَ الذي نعيش هو إخفاقٌ تشريعيٌّ شنيع عطّل الانتقال وخيّب الآمال في فرص مرور سلمي نحو المؤسسات المستقرة والدائمة عبر إشراك الشعب في اختيار نظامه والاستفتاء على نصوصه الدستورية كي يتحمل مسؤولية اختياراته ويمارس الأدوار المنوطة به كأي شعب يعيش انتقالا ديمقراطيا ينتهي بمنح المؤسسات الشرعية الصلاحيات التي تحتاجها لممارسة مهامها، والثقة الضرورية لجمع كافة الليبيين وإعادة إيمانهم بالدولة وبالكيان الوطني الواحد.

وما يؤسف هنا هو إخفاق المؤسسات التشريعية سواء مجلس النواب أو المجلس الأعلى للدولة في التعاطي الناجع والفعّال مع التطورات لأسباب عدّة أهمها أننا إزاء أجسام تلاشت شرعيتها ولم تعد تستطع تلبية تطلعات الليبيين، وفقدت كل قدرة على المبادرة بسبب انقساماتها ومناكفاتها الداخلية، لذلك كان من الطبيعي أن تصدر مواقف متباينة تعكس هذا العجز وهذا الانقسام.

إن تقاعس مجلس النواب وأعضائه –أو غالبيتهم على الأقل – وعدم جدّيتهم في أداء مهامهم على الوجه الأكمل، في إساءة واضحة لأنفسهم ولناخبيهم ولمستقبل الممارسة النيابية والحياة الديمقراطية في البلد، أحد أهم الأسباب التي وصلت بنا لهذا الحال ، اليوم هناك حالة من الترقب تنتاب الجميع حيال الإيفاء بإنجاز الاستحقاق الانتخابي الذي مقرّر إجراؤه نهاية هذا العام، وما يسبقه من خطوات من مجلس النّوّاب وترتيبات أهمها اعتماد مخرجات لجنة الحوار ومنح السلطة التنفيذية الجديدة الثقة، وهو ما يعتبره الكثيرون نقطة فاصلة نحو الاستقرار، وما نلاحظه من تقاعس ومناكفات ترمي بالكثير من ظِلال التشاؤم على مساعي الحلحلة.

لا يمكن ونحن نتطلع لمرحلة جديدة، إلا أن نتفاءل خيرا، غير أن تفاؤلنا لا يمنعنا من توجيه نداء حقيقي لأعضاء مجلس النواب لأن يتطلعوا بدورهم الحقيقي وأن يضعوا معاناة وآلام الناس نصب أعينهم وأن ينتهزوا هذه الفرصة الثمينة التي قد لا تتكرر لإنقاذ الوطن والتعالي على المصالح الضيقة.

هل دفع التجمع بشخصيات ما لتولي بعض المناصب والحقائب في الحكومة القادمة؟

على الإطلاق لا. لم يقم التجمع بترشيح أي كادر من كوادره لتولي أي موقع في السلطة التنفيذية الجديدة، من جهة لأنه لم يطلب منا ذلك ومن جهة أخرى لم نرغب في الدخول في هذا البازار والتزاحم على المواقع والمناصب، والتجمع يؤمن بأن الطريق الأسلم والأنسب للمشاركة في السلطة يأتي عبر صناديق الاقتراع ومن خلال الشعب، وهو ما يعمل عليه ويعد نفسه له منذ الآن.

في ختام الحوار، كلمة لعموم الشعب الليبي بمختلف توجهاته.

في الختام أشكرك على إتاحة هذه الفرصة، وأقول لعموم الليبيين، تمسكوا بوحدة بلدكم وسيادته، وليكن ما مررنا به من مختنقات وعراقيل دافعا للبناء والتنمية والتعمير، و يجب أن نقف على جبال الكراهية التي حاول أعداء الوطن والسلام تكديسها لنبني وطنا يسوده الحب والمودة والتعايش السلمي، ولنطوي معاً صفحات الألم والانكسار للأبد لنفتح صفحة جديدة نخط عليها مستقبلا أفضل لنا ولأبنائنا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :