سليمة محمد بن حمادي.
الحياة جبرة خاطر.
آه لو تدركون يا من توهمتم السبيل إلى الطريق القويم أن كبار السن قد سبقوكم إلى هذه الدنيا و قد مر عليهم عمركم هذا..وعاشوا تفاصيل المراهقة والشباب وما قبلهما من مراحل وما بعدهما، فكان هو الأقوى في أسرته عندما كان رب الأسرة الأب وصمام الأمان في أسرتها عندما كانت الأم يالا فرحته عندما بشّر بقدومك وكيف ادخر الدينار تلو الآخر ليكون في الموعد و يذبح ( عقيقتك ) التي أوصى بها الله تعالى و الرسول الكريم فإن كان المولود ذكرآ (خروفان) واٍن كانت أنثى (خروف واحد).كما تعلمون، وكيف تابع ووالدتك مراحلك العمرية خطوة بخطوة وكيف أعطياك من وقتهما وصحتهما و مالهما و راحتهما كي تكون، وتشق الحياة. وتنسى عندما تدب فيك القوة واجبك نحوهما بل وتجحف في حقهما و تتناسى حقوقا لهما عليك وتأخذك الحياة بغطرستها بعيدا… أتعلمُ أنهما كمن يجلس في قاعة الانتظار كي يٌلبي نداء المنادي للرحيل من هذه الدنيا؟
وأنهما قد غادرا منذ زمن حياة المتعة التي تسعى جاهدا أنت إليها في كل وقت وحين؟ يا صديقي .. أعني بحديثي هذا كبار السن عامة الوالدان والجد والجدة و ذوو القربى وغيرهم. إنهم إن منحتهم من وقتك لتسايرهم بالحديث والاهتمام بعناوين كلامهم قد صنعت بهم جميلا وأدخلت على قلوبهم شيئا من الفرحة و السعادة قد تغمرهم أياما و أياما فالفراغ أصبح صاحبا لهم عندما غادر الحياة أصحابهم وأصدقاؤهم الذين شاركوهم ذكرياتهم أعواما لا تستهِنْ بلمساتك الطيبة عليهم هم كبروا في العمر ولم تصغر عقولهم فهم بفطرتهم أذكياء ويعلمون جيدا التفريق بين سياسات أولادهم لهم . ..فهم يعلمون بفطرتهم الابن البار الذي يسعى جاهدا في مرضاتهم مأربه الوحيد هو البر بهم.. ويدركون التفريق بينه وبين غيره من الأبناء ممن لايعدمون الوسيلة في سبيل نيل مصالحهم منك ولكن إجابة الصمت و عدم المبالاة والاكتراث التي يتخذها الأبوان سلوكا فيها الكثير من الحكمة التي تغنيه عن المناكفة والمجادلة و يكتفون بإيداع لحقيقة في صدورهم كم يؤلمهم بعدك عنهم بالانصراف من جوارهم وانشغالك بهاتفك في وجودهم. آه لو تدرك كم يشتاقون لوجودك بقربهم وإن كنت بقربهم… فالحياة محورها أنتم ،نعم أنتم يا من تذكرونهم بزهرة أيامهم التي قدموها قرابين لعتبات حياة كلها سعادة وسرور لتنعموا بها وأحبابكم كم هي موحشة أيامهم من دونكم. لاشيء ينافسكم الحب لديهم سوى أولادكم لأنهم يذكرنوهم بطفولتكم و تتكرر الصور في الذاكرة و تتجدد وتتساوى المواقف.. أصبحت الكلمات التي تزور مسامعهم بلسما و أحيانا سُمًا وأخرى طلاسما.. فحافظوا على مفرداتكم ليت الرحمه تكون العنوان في تعاملهم فالأيام ملّتهم و ملّوها..وأصبحت قلوبهم أشلاء منكسرة من مفاجآت الحياة ومن فقد الأحباب والأحزان تغزو قلوبهم حوائجهم أبعد بكثير من مأكل وملبس و دواء و ماديات أخرى. ليتكم تعلمون أن مطلبهم شرعي لا يريدون منكم شيئا سوى محبة و قدرا فالسعي في مرضاتهم عبادة و كم احتياجنا نحن إلى دعائهم الذي ليس بينه وبين الله عز وجل حجاب. كاحتياجهم هم للكلام الطيب و الابتسام والقلب الواسع المليء بالود و جبر الخاطر