- قصة قصيرة :: عبدالرحمن جماعة
عندما سمعتْ أغنية (قبل الوعد) للفنان محمد عبده، أطربها اللحن، تمايلت طرباً، وتمايل معها شعرها الأشقر انسياباً، مما جعل صديقها العربي يتحمس ويورط نفسه في ترجمة كلمات الأغنية..
فهمت وتفهمت لهفة العاشق الذي يأتي قبل موعد اللقاء، وفهمت وتفهمت دلال المعشوق الذي يتأخر عن الموعد ليزيد من لهفة عاشقه، وفهمت وتفهمت أن يقوم العاشق بشحذ لغته وشحن قاموسه بمفردات العشق والغرام، وفهمت وتفهمت كيف تقوم العيون بخيانة التراتبية فتتكلم قبل اللسان وتقول كل شيء!.
لكن تلك الفتاة الإفرنجية لم تُسعفها لغتها، ولا منظومتها القيمية ولا ثقافة مجتمعها ولا خيالها ولا حتى صديقها العربي ليترجم أو يفسر لها ما علاقة الغيم بالموضوع! ولماذا يخاف العاشق العربي من الغيم؟! أم أن العرب يتطيرون من الغيم ويعتقدون بأنه يُفسد العلاقات الغرامية؟ أو أنه يُبطل العشق أو أن الحب لا يصح في حضرة الغيم؟!.
لكنها استبعدت تلك الفكرة لأن صديقها العربي اعتاد أن يقابلها رغم كثرة الغيوم فى بلادها!. أراد صديقها أن يتفيقه فقال لها: المقصود من الغيوم الناس!
وبدل أن يُريح أسئلتها ويُشبع فضولها أوقعها في حيرة أشد، وأثار في ذهنها أسئلة أخرى، فسألته: وما وجه الشبه بين الغيوم والناس؟! وما علاقة الناس بعاشقيْن تقابلا؟!
تلعثم ذلك العربي البائس الهارب من بلاده ليسرق لحظة متعة بعيداً عن أعين الغيوم ليجد نفسه حائراً وعاجزاً عن ترجمة ثقافة تجذرت في أعماقه ولم يقتنع بها إلى ثقافة تقنَّع بها ولم تتجذر فيه!.
ثم أجابها إجابة صادقة ومراوغة في نفس الآن: في بلادنا يوجد شيء اسمه (فوبيا الغيوم)!.