في افتتاح مهرجان اللجم للموسيقا السمفونية ، احتضان موسيقا الثقافات المتعددة على ركح الحضارة والتاريخ الروماني

في افتتاح مهرجان اللجم للموسيقا السمفونية ، احتضان موسيقا الثقافات المتعددة على ركح الحضارة والتاريخ الروماني

خاص / تونس.

متابعة: نيفين الهوني.

تصوير إدارة المهرجان / سفارة إسبانيا.

  افتتحت الأيام القليلة الماضية الدورة ال 37 لمهرجان اللجم الدولي للموسيقا السمفونية بحضور الإخوة معتمد اللجم والمندوب الجهوي للشؤون الثقافية ورئيس و أعضاء المجلس المحلي و الكاتب العام المكلف بتسيير شؤون البلدية وجمهور الفن الكلاسيكي  بعرض من إنتاج مسرح أوبرا تونس تحت عنوان: كارمن حيث تواكب مدينة اللجم (200 كلم جنوب العاصمة تونس) بولاية المهدية وعلى مدى أكثر من أسبوعين يستمر مهرجانها الدولي للموسيقا السمفونية والذي يجمع بين الثقافات فوق ركح الحضارة والتاريخ ، ركح المسرح الروماني وهو ثالث أكبر مسارح رومانيا في العالم و تحتل تونس بمشاركتها الصدارة حيث خصص لها ثلاثة عروض موسيقية في الاختتام بعرض إنتاج تونسي مسرح أوبرا تونس وهو عرض كارمن الذي شد جمهور الافتتاح بكل جوارحه وحواسه مواكبا لمشاهده الفرجوية الموسيقية والراقصة وعرض الختام وهو مشاركة المعهد العالي للموسيقا بسوسة بعرض يحمل عنوان: (ألحان متوسطية) في المنتصف سيكون هناك عرض لموسيقا الجاز وهو عرض رباعي تشارك فيه سويسرا لمنصف قنود وسهرة لموسيقا الجاز والبلوز في سهرة لرفيق الغربي من تونس وناصر بن دادو من فرنسا وهو من أصل جزائري.

عرض باذخ بالمشاهد والتنوع ومفعم بالمشاعر والشجون

بعرض أوبرالي فرجوي راقص بعنوان كارمن ضم فريق عمل ضخم وشد الجمهور المحب للأوبرا الكلاسيكية، افتتح المهرجان على مدى ساعتين ونصف تقريبا بين جنبات مدينة اللجم التاريخية وعلى ركح مسرحها الأثري  أوبرا كارمن وهي أوبرا مسرحية ألفها جورج بيزيه بالفرنسية “l’amour est un oiseau rebelle” بالإنجليزية “habanera carmen” وهي مكونة من أربعة فصول وعرضت أول مرة في «المسرح الوطني للأوبرا المسرحية» في باريس. وتعد هذه الأوبرا كما جاء في المصادر أشهر أعمال جورج بيزيه والمبنية على رواية تحمل نفس الاسم كتبت في عام 1846م ألفها الكاتب الفرنسي بروسبير مريميه، ألف بيزيه دور البطولة لميزو سوبرانو وذلك في صيف 1873م ولكن لم يتم الانتهاء منها قبل عام 1874م، عرضت كارمن لأول مرة في 3 مارس 1875م بأوبرا Comique بباريس، ولم تلق في البداية استقبالا جيدا رغم أنها عرضت 37 مرة خلال الثلاث شهور اللاحقة أي بمعدل ثلاث مرات بالأسبوع.

لكن هذه الأوبرا التي يقال عنها تاريخيا أنها لم تلق استقبالا جيدا في البداية صارت بعد ذلك قبلة العشاق ممن يعشقون الحكايا الرومانسية والنهايات الدرامية فالحكاية الأصلية تقول كما جاء في ويكبيديا وكما شاهدناها مجسدة على الركح :(هي قصة رومانسية تحكي قصة رجل باسكي عشق امرأة غجرية متقلبة العواطف حولته من جندي مطيع إلى شقي خارج على القانون مطلوب رأسه، ليقوده هذا الحب الجارف أخيرا إلى ساحة الإعدام بعد أن طعنها بسكين في صدرها. وأخيرًا جاء كارلوس ساورا ليعيد كارمن إلى أصولها الدرامية والموسيقية مستعينًا بمصمم الرقصات الشهير أنطونيو جاديس ليقدم من خلاله ومن خلال موسيقا الفلامنكو إعدادًا سينمائيا لا ينسي لكارمن من خلال مخرج يبحث عن ممثلة تلعب دور كارمن وعندما يعثر عليها يعيش المأساة التي عاشها دون جوزيه العاشق المسكين، الذي دفعه حبه وغيرته عليها إلى قتلها على أدراج الاستاد الكبير، قبل أن تذهب لملاقاة عشيقها الأخير مصارع  الثيران الذي يقود مباراته الأخيرة وتلفظ كارمن أنفاسها الأخيرة وهتاف الجماهير يشتد محييًا المصارع، وتأوهات دون جوزيه أمام الجسد القتيل وصرخاته الأليمة (لقد قتلت المرأة التي أحب).

كارمن هي غجرية تؤمن بحرية جسدها، تتنقل كالفراشة بين وردة وأخرى. لا تعرف قيدًا ولا تعترف بحاجز، يقبض عليها الشرطي (دون جوزيه) عندما ضربت زميلة لها بالسكين وشوهت وجهها، لكن كارمن تغري دون جوزيه بأن يتركها تهرب، مقابل ليلة هوًى تقضيها معه، ويوافق المسكين الذي سقط في شرك هواها ولا يكتفي بليلة حب واحدة، بل إنه يهجر جهاز الشرطة الذي ينتمي إليه ويحيا مع عشيقته حياة الخارجين عن القانون، والمهربين، والهاربين من وجه العدالة. لكن بينما يزداد حب جوزيه لكارمن والذي يدفعه إلى هجران خطيبته البريئة والجميلة، فتبدأ كارمن في الإحساس بضرورة التحرر من قيد هذا الحب الذي يرهقها ويمنعها من مزاولة حريتها الكاملة. لذلك تحاول قطع علاقتها بدون جوزيه، وإقامة علاقة أخرى مع مصارع ثيران شاب أثار إعجابها. ولكنها هذه المرة تدفع حياتها ثمنًا لتحررها.

تصريحات إسبانية  : أمسية لا تنسى في حب تونس.

شاركت الفرقة الإسبانية كونشيرتو مالقا من مؤسسة الموسيقا الإسبانية في السهرة الثانية لمهرجان اللجم بإحياء الحفلة الموسيقية بحضور عشاق الموسيقا والسمفونيات الكلاسيكية بمشاركة 6 عازفي كمان وعازفي تشيللو وعازف كونتروباس وعازفي كمان آلتوا  تحت شعار نحب تونس، تشارك الفرقة الإسبانية كونشيرتو مالقا إعلانا في حسابهم الرسمي عن حفلتهم ومشاركتهم الثانية والتي أقيمت ضمن فعاليات المهرجان حيث سبق أن شاركوا في المهرجان عام 2019. أما السفارة الإسبانية فقد كتبت عن الحفلة في حسابها الرسمي (أمسية لا تنسى يوم السبت 20  يوليو ، حظيت إسبانيا بشرف المشاركة في “ليالي اللجم  بالأوركسترا المتألقة كونشرتو مالقا وكانت أمسية ساحرة ضمن فعاليات مهرجان اللجم الدولي للموسيقا السمفونية الذي تنظمه مؤسسة الفنون والثقافة التابعة للاتحاد الدولي للبنوك. وفي ذات السياق صرح المايسترو قائد الفرقة الموسيقية المشاركة بقوله : مرحبا أصدقائي الأعزاء. أنا المايسترو البروفيسور خوسيه مانويل جيل دي غالفيز قائد كونشيرتو مالقا  وأريد أن أعبر عن سعادتنا البالغة للعزف مرة أخرى في مدرج ثيسدروس في تونس، كجزء من البرمجة الاستثنائية لمهرجان اللجم الموسيقي الرائع. وقد كتبوا عن الحفلة بعد انتهائها ليلة ساحرة واحدة تعبيرا عن نجاحها وتميزها.

الجاز والبلوز تماهيا مع رغبة الجمهور.

وحسب التصريحات الإعلامية للأخ مدير المهرجان مبروك العيوني في الندوة الصحافية التي أقيمت بالتزامن مع اليوم العالمي للموسيقا فإن هذه الدورة تفتح الباب على مصراعيه لموسيقا الجاز فتبرمج له عرضين من أصل تسعة عروض موسيقية أي في مقابل سبعة عروض للموسيقا السمفونية وهما سهرة لموسيقا الجاز والبلوز في سهرة لرفيق الغربي من تونس وناصر بن دادو من فرنسا وهو من أصل جزائري وأيضا مع الجاز في عرض رباعي من تونس وسويسرا لمنصف قنود وذلك استجابة لطلب الجماهير المحبة لهذا النمط من الموسيقا. كما صرح أيضا بأنه سيتم مستقبلا تنظيم تظاهرة على مدى يومين قبل  افتتاح مهرجان الموسيقا السمفونية باللجم، تحمل عنوان «جاز اللجم » وتكون مخصصة لعروض الجاز وفق ما أكده خلال ندوة صحفية عقدتها لجنة التنظيم بتونس العاصمة حسب ما ورد في السوشيال ميديا.

التأسيس وآخر الإنجازات

ومهرجان اللجم لموسيقا العالم الذي أسس بطلب من وزارة الثقافة للمحافظة على خصوصية المهرجان السيمفوني و تمديد فترة تنشيط المسرح الأثري ، سعيا إلى العالمية بعروض متنوعة تونسية و أجنبية عام 1986. قرر في الدورة 37 من هذا المهرجان العريق أن يجلب معه الجديد وذلك عبر تطبيقة رقمية للتعريف بقصر اللجم في الماضي وعدد من المواقع الأثرية الأخرى، وذلك على غرار المواقع الأثرية قرطاج ودقة والحمامات، وتحمل التطبيقة اسم «هيستوريا » ويمكن للزوار والجمهور تحميلها على الهواتف النقالة، ليتعرف من خلالها الزوار على كيف كانت هذه المواقع سابقا  وفيما كانت تستخدم وكيف تم تحويلها وتحوير أعمالها والتوسع فيها من مجرد حلبة مصارعة إلى براح للفن والحياة.

جوائز من أجل دعم التراث.

هذا بالإضافة إلى الإعلان عن إطلاق جمعية مهرجان اللجم بالتعاون مع عدد من شركائها، لجائزة اللجم للنهوض بالتراث، وهي جائزة سيقع تسليمها في أكتوبر 2024 بمتحف اللجم. وتقام بالتعاون مع برنامج «ماد21″ وستحمل اسم « بري ماد اللجم » وتقام بدعم من المؤسسة البنكية الراعية للمهرجان. وتهدف الجائزة إلى التعريف بالتراث وتطويره والتعريف به لدى الجيل الجديد من الشباب بحسب ما أكده مدير المهرجان الذي أشار إلى أن «تسليم الجائزة سيكون في 25 أكتوبر 2024 بفضاء متحف اللجم الذي يزخر بتراث فسيفسائي ومعماري هام وثري .

مسرح اللجم بين الأمس واليوم

 مسرح اللجم َأو قصْر اللجَمّ  الروماني حيث تقول ويكبيديا إن  اسمه الروماني هو كُولُوسِّيُومْ تِيسْدْرُوسْ وتطلق عليه بعض الكتابات العربية القديمة اسم قصر الكاهنة، هو مسرح أثري يقع بمدينة اللجم (تِيسْدْرُوسْ  ) وهذا اسمها  في العهد الروماني في ولاية المهدية في تونس. وقد أدرج سنة 1979 على لائحة مواقع التراث العالمي في منظمة اليونسكو. حيث يضم حلبتيْ مصارعة تدل على تاريخ المصارعات بين أسرى الحرب والمتجالدين حيث كان الوحوش والمصارعون يُؤسَرُون في غُرَف تحت الحلبة. وأيضا سباقات العربات في العهد الروماني حيث يجلسون الرومانيين في المدرجات لمشاهدة الاستعراضات ، وقد صار اليوم  مسرحا عالميا يزوره أشهر الفنانين والموسيقيين في العالم ، لتقام فيه  مهرجانات وحفلات تنوعت واختلفت حتى ذاع صيتها في العالم أجمع.

استمرار العروض والاختتام بعرض تونسي.

من الجدير بالذكر أن فعاليات المهرجان تستمر منتصف شهر أغسطس 2024 و يتضمن تسع سهرات موسيقية متنوعة من ستة بلدان لعروض موسيقية أوبيرالية لفرق أوكسترا من إسبانيا وإيطاليا ، النمسا، فرنسا مع الأوبرا التونسية بالتأكيد  التي تؤثث المهرجان بـخمسة عروض للتعريف بالموسيقيين التونسيين وإبداعاتهم الشبابية. وفي هذا الإطار تأتي مشاركة المعهد العالي للموسيقا بسوسة الذي سيحيي حفل الاختتام بعرض يحمل عنوان:(ألحان متوسطية ) ويضم المهرجان عروضا لموسيقا (الصوفية – الجاز- البوب- القوسبال- البلوز) وسيستمر المهرجان في تقدمة عروضه التي تتواصل مع « كونسيرتو مالقا » من إسبانيا والتي سبق أن شاركت عام 2017 ، وعرضين من إيطاليا تقدمهما من إيطاليا فرقة من نابولي لموسيقا الأوبرا الإيطالية « أوركسترا أكاديمية سانتا صوفيا » و »أوركسترا الحرس الديواني الإيطالي التي تحتفل بالذكرى 250 لتأسيس الجمارك الإيطالية، ويقام هذا العرض في إطار التعاون الثقافي التونسي الإيطالي احتفالا بهذه الذكرى التي قدمت احتفاء بها العديد من العروض في دول عدة  وسيكون عشاق الموسيقا السمفونية على موعد في مهرجان اللجم لهذه الدورة كالعادة مع « أوبرا فيينا » التي تعود للمشاركة للمرة ال26 من عمر المهرجان بالإضافة لما ذكر سابقا سهرة لموسيقا الجاز والبلوز في سهرة لرفيق الغربي من تونس وناصر بن دادو من فرنسا وهو من أصل جزائري. وأيضا مع الجاز في عرض رباعي من تونس وسويسرا لمنصف قنود.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :