قانون المسؤولية الطبية في الميزان

قانون المسؤولية الطبية في الميزان

المحامية :: فاطمة معاذ محمد

يثير موضوع المسؤولية الطبية الكثير من التساؤلات ولاسيما في العصر الحاضر مع التطور الطبي ومايصاحبه من أخطاء من ناحية، والوعي القانوني للأفراد من جهة أخرى ولا شك أن المسؤولية الطبية ليست وليدة العصور المتأخرة من تاريخنا البشري ، ومن هنا يتحتم علينا توضيح مبدأ التقاضي وموقف القضاء الليبي اتجاه المسؤولية الطبية ، إن الأصل العام في التقاضي حرية القاضي في استخلاص الدليل من المصدر الذي يراه ، وحريته في الأخذ بالدليل أو طرحه وفقاً لما يقتنع به ، ولا يجوز الخروج عـن هـذا الأصل العام إلا بنص صريح في القانون يحدد طريقاً معينا للإثبات. وحيث إن المادة السابعة والعشرين من القانون رقم 17 لسنة 1986 بشأن المسؤولية الطبية تنص على : ” يختص بتقرير مدى قيام المسؤولية الطبية مجلس طبي يتبع أمانة الصحة ، ويتكون من عدد مـن ذوي التخصصات العالية في المهن الطبية والمهن المرتبطة بها . . وتسري في شأن المجلس المذكور الأحكام المتعلقة بالخبراء المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية ، وذلك بما لا يتعـارض مع أحكام هذا القانون ” . ومنذ صدور قانون المسؤولية الطبية حصل جدل قانوني قضائي كبير في مدى التزام المحاكم بوجوب إحالة قضايا المسؤولية الطبية إلى المجلس الطبي، وقد سار القضاء في تطبيق هذا القانون إلى منهجين: الأول، أن المحكمة تأخذ برأي المجلس الطبي دون نقاش فكأن المجلس الطبي أصبح هو المحكمة ومنهج آخر وهو وجوب العرض وعدم لزوم الأخذ برأي المجلس ، وترتب على ذلك صدور أحكام متناقضة في إجراءاتها وقد حسم ذلك الخلاف من خلال المبدأ الذي أعاد الأمور إلى نصابها. وهذا المبدأ الذي أرسته الدوائر المجتمعة بالمحكمة العليا في القانون الصادر في المسؤولية الطبية والذي نص (( قررت المحكمة – بـدوائرها مجتمعة – العدول عن المبادئ التي تقضي بإلزام المحكمة بعرض قضايا المسؤولية الطبية على المجلس الطبي والالتزام بما يرد في تقريره بشأن مدى قيام المسؤولية الطبية ، وإرساء مبدأ مفاده حق المحكمة في اختيار طـريق الإثبات الذي تـراه مـؤدياً إلى ذلك . )) حيت أن الأخطاء الطبية تنتشر على نطاق واسع دوليا ففي أمريكيا أصبحت تشغل المركز الثالث في أسباب الوفاة وقد قدر تقرير معهد الطب مابين 44000 إلى 80000 أمريكي يموتون بسبب الأخطاء الطبية. وللأسف لا نملك نحن أي إحصائية وذلك لغياب الشفافية والمصداقية والاعتراف بالخطأ في الهيئات الطبية لذلك وجب عدم وضع أي قيود للمحاكم في تقدير مدى توفر الخطأ الطبي من عدمه، والمسؤولية الطبية يجب أن تخضع للميزان.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :