- محمود السوكني
في لقطة معبرة نقلت إحدى القنوات المرئية تجمع لمجموعة من الأطفال فى إحدى ساحات غزة وهم ينشدون أهازيج مبهجة يهللون على أنغامها ويضحكون إبتهاجاً لعذوبة كلماتها المستقاة من التراث الشعبي الفلسطيني الموغل في القدم وكأنهم يذكِّرون العالم الذي يشاهدهم بأن السعادة مرتبطة بصدق الإنتماء للأرض ، وأنها لا توهب بل تنشأ في رحم الخليقة . كان هذا المشهد العفوي وسط حطام القتلة وبين أثار التدمير وشواهد عنجهية العدو المحتل .
الرقم إقترب من ستة وعشرون ألف شهيد ولم يزعزع ذلك من إيمان الرجال شئ ، لقد بدأ لي أن سكان القطاع يتنافسون على الشهادة ، ويتسابقون على شرف نيلها .
في الجانب المضيء الأخر ، يسجل المغاوير كل يوم نصراً جديداً يعزز موقفهم ، ويثبت قدرتهم على التصدي لتهورات أقوى رابع جيش في العالم -كما يقولون- حتى وإن كان معززاً بالجيش الأقوى في العالم . خسائر جمة يتكبدها العدو في عساكره وعتاده تضاعف من حنق أهالي المحتجزين على حكومته التي تواجه سخط الجماهير ولعنة المحتجين الذين باتوا يطالبون بإسقاطها والتخلص من رئيسها المتهور ، فيما يدعو البعض الأخر إلى الحاجة الماسة لإجراء إنتخابات عاجلة تنقد ماتبقى من الكيان المتصدع .
هذا الكيان المسخ في أسوأ حالاته ، الكل يندد بسياساته الحمقاء ، أجمعت الأراء على وحشية مايقترفه من جرائم لم يشهد لها التاريخ مثالا ، حتى أصدقائه إستنكروا عنجهيته وإستمرار تعنته وهاهي دولة جنوب إفريقيا الحليف القديم تشكوهم أمام محكمة العدل الدولية والتي من المفترض أن تكون قد اصدرت حكمها العادل بإدانة حرب الإبادة التي تشنها ضد السكان الأبرياء .
رغم كل هذا الإعصار الذي سيعصف حتماً بالكيان المحتل إلا أن ذلك لم يشجع حكامنا الذين إبتلينا بهم ويدفعهم إلى أن يقفوا وقفة عز- قد تغفر لهم خطاياهم – ويواجهوا هذا الإخطبوط الذي إن تركوه سيأتي يوماً عليهم ويبتلعهم وعندها لن ينفع البكاء على الأطلال ولا التغني بأمجاد غبُرت حتى تنبت الأرض الرجال الذين يستحقون شرف العيش على آديمها الطاهر .