قراءة في مبادرة باتيلي

قراءة في مبادرة باتيلي

جمال شلوف

يبدو أن الوفاق الدولي في اجتماع P3+2+2-2 في واشنطن الشهر الماضي حول مبادرة باتيلي كان شكلياً فقط، الصعوبات التي تواجه إصدار قرار مجلس الأمن حول المبادرة دليل على خلاف التفاصيل، وقد تستخدم آليات أخرى غير قاعة مجلس الأمن لتمرير المبادرة، بوادر أزمة الوقود في ليبيا بادئة بالتشكل مع اقتراب نهاية الشتاء الأوروبي، ونقص الحاجة الملحة للوقود الليبي المهرب. أسابيع فقط وستظهر الأزمة أكثر وضوحا وجلاء، وستنتهي بانتهاء عصابات تهريب الوقود، وليس قبلها.

باخموت كابوس أمريكي على الأرض الاوكرانية، وستعمد الولايات المتحدة إلى التخلص منه عبر أدوات الخزانة الأمريكية بتجفيف منابع تمويل فاغنر. وفي ليبيا رافد مهم لتمويل الفاغنر.

يسمى تهريب الوقود الحكومي طرفاه المخابرات التركية وعائلة الدبيبة، وتجفيفه سيشمل إجراءات أمنية واقتصادية، وستكون أزمة الوقود على المواطن الليبي أحد تبعات هذه العقوبات. قامت القيادة العامة بأغلب الترتيبات المطلوبة منها في مسار توحيد المؤسسة العسكرية، يبقى أن تنفذ البعثة والوسطاء الدوليون ما تعهدوا به من ترتيبات في المناطق خارج سيطرة القيادة العامة.

والتي تحاول المليشيات فيها بكل ما يمكن أن تقوض هذه الترتيبات، ولن يكون آخرها الاستفزازات والاشتباكات فيما بينهم، بل وحتى الدعوة إلى حرب أكبر من مجرد اشتباكات. الناخب الجائع والمحتاج هو ناخب مسلوب الإرادة، ولعل هذا تحديدا ما يجعل أطرافا بعينها تسعى لتسريع الانتخابات، لتضمن وصول فاسد ما يمكن أن يشتري أصوات الجياع والمحتاجين ليصل إلى كرسي الرئاسة متماهيا مع إرادة دول بعينها.

حسب تصريحات مالية الدبيبة فإن 400 ألف موظف ليبي لايزالون خارج الجدول الموحد، فكيف يصمد هولاء على أبواب احتياجات رمضان بمرتبات لاتتجاوز في جلها 120 دولارا شهريا أمام هذا التضخم والغلاء الناتج عن مضاعفة مرتبات نظرائهم في قطاعات الدولة الأخرى؟.

وهنا يتجلى معنى الناخب الجائع والمحتاج. التقييدات المالية الدولية على المصرف المركزي، كبلت الصرف لدى حكومة الدبيبة، ولعل أكثر ما يقلق هذه الحكومة هو أن ولاء المليشيات التابعة لها مرهون ببذخها في الصرف عليها، لذا فإن أي خطر أمني على حكومة الدبيبة، ربما لن يجد حماسا ميلشياويا في الدفاع عنه، وإنما ستكون الأيدولوجيا هي الوحيدة التي ارتبط مصير بقائها ببقاء حكومة الدبيبة هي المدافع الوحيد عنها. في منتصف شعبان رفعت أعمال العباد، ومن بينها أعمال حرابة سياسية، تغلق كل الطرق نحو مخارج سلمية للأزمة الليبية، لتصل إلى مخرج يفضي لاستمرار فسادهم، حتى ولو كان ثمنه دماءً وأرواحا ودمارا. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :