قصيل والفكرة البكر

قصيل والفكرة البكر

بقلم :: أبراهيم عثمونة

كثيراً ما يذهب الفنان إلى الخارج لكي يرى بلده من منظور أوضح – هذا ما قاله الكاتب والناقد العراقي الرائع “جبرا ابراهيم جبرا” وهذا ما فعلته الروائية “عائشة ابراهيم” وهذا ما فعله قبلها “محمد الزنتاني” وفعله “ابراهيم الكوني”.

برزت عائشة مبكراً كطالبة بـ مدينة “بني وليد” لترحل بعدها في فترة اخرى من العمر إلى طرابلس ومن هناك تتموضع لترى من منظور أوضح (بن وليدها) وتكتب لنا روايتها الأولى “قصيل”.

وصلتني قبل يومين “قصيل” . جلبها لي صديق مع مجموعة كتب من معرض الكتاب بالجزائر.

لكنني لن أكتب عن هذا الفتى الوليدي “قصيل” ولن اكتب عن القفة الوليدية ولا الوزرة الوليدية ولا عن زاوية “الزبيدات” الصوفية في المدينة ، ولا عن طائر الخطِّيفة ، ولا عن ايقونات أخرى زينت الرواية وشكلت عناوينها ومحطاتها الأساسية . لالا لن أكتب حتى لا أقوّض وأحاصر الفكرة البكر.

لكنني سأقول لكم أنه قدرنا أن نرحل كما عائشة لنكتب عمن نحب ، فالكتابة عن الحبيب تكون أكثر حرارة عن بُعد ، والحب يتضاعف هناك والنقاط السوداء تتلاشى عبر المسافات.

قدرنا ان نبتعد لنراهم جميلين وأجمل مما كانوا عليه يوم كنا إلى جوارهم . قدرنا ، حتى لو غادرناهم أن ننسى أننا غادرناهم ونراهم ما زالوا أحبة وأكثر من أحبة . وقدرنا حتى لو لم يحبونا أن نحبهم أكثر لينسوا أنهم لا يحبونا.

رحلت عائشة عن مدينتها لتكتب عنها في 100 صفحة ما لم يكتبه “الكوني” في 1000 عن الصحراء . رحلت تحمل الوادي في وجدانها لتعيش به في طرابلس ، تماماً كما فعل قبلها محمد الزنتاني يوم حمل سبها معه إلى الشمال وكما فعل ابراهيم الكوني يوم حمل الصحراء ليعيش بها على سفوح الألب . رحلت لتكتب عن الوليدين ببساطة أو ببساطتهم ، ولم تفخمهم كما فخمَ الكوني التوارق.

قرأتُ رائعة قصيل وقرأتُ قبلها رائعة المجوس للكوني وومضات الزنتاني عن سبها وشعرتُ بشيء مُلح في داخلي يطالبني بالرحيل عن فزان لعلي أجد ربوة بعيدة تمكنني مما مكنت منه هؤلاء . فأنا احب فزان يا سادة كحب هؤلاء لمواكرهم أو أكثر ، ولو رحلتَ يا بن عثمونه فقد تكتب عن فزانك ما لم يكتبه هؤلاء المبدعون .

ارحل يا رجل.

أربط حذائك واحزم حقائبك وغادر فزانك.

ولا تعود ما لم يكن معك قصيل الفزاني.

ارحل حتى تكون وفياً لـ فزانك كوفاء عائشة والكوني والزنتاني.

 

 

2222

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :