بقلم :: عابد الفيتوري
استيقظت من نومي .. احتسيت فنجان قهوتي .. اشعلت سيجارتي لانفض غبار الهموم الوضيعة .. تفقدت حاجياتي ..اوراقي المبعثرة .. ممحاة وقلم رصاص مكسور .. وسادتي الجانحة .. هرشت اطرافي ..اضناني لسع الناموس ليلة الامس .. ولقد سررت حقا عندما تأكد لي ان راسي لا يزال في مكانه تماما .. ان من يراني يعتقد ، انني استسلم للكآبة . وللشيطان .. دع الشيطان ، فلسنا بحاجة اليه .
دائما اؤكد اننا لسنا بحاجة اليه .. اذكر يوم ان استدعاني الشيطان .. وقال بصوته الذي يأكل نصف الحروف ..
– اصغي اليّ .. لا تمضي وقتك في التحبير .. اخشى عليك ان تغرق في انفاق العقل ‼ .. تعال لنحرق المراحل .. هيا لنصعد الى القمة .. سنتغلب على الجبل ايها الرفيق .
اجبته مدعورا :
– اغرب ايها الابله .. انني هنا لا اجد انسانا اتحدث اليه .. وهذا يؤنسني ويمتع وحدتي .. فلا تسمم قلبي وتمزق خلوتي .
ثنى شفتيه ودمدم بصوت مخنوق :
– شقي من يريد ان يعجب الاخرين .. شقي من لا يستطيع التخلص من الافكار القديمة .. ضرب رجله بالأرض .. ادار ظهره .. زمجر .. توعدني وتوارى .. ارعبني توعده .. وفي الحال ، برقت بدهني ومضة .. فكرة .. صرخت عليه : مهلا .. ( انتظر .. ).. عاد ثانية .. طال سمرنا .. انصت اليه بإمعان .. هدمت الاجوبة القديمة .. وتواعدنا اللقاء في الغد .
كان في الموعد .. بدين .. كث الشعر .. عيناه تقدحان شررا .. وفي قوسه اكثر من وتر واحد .. مهتم بالشأن العام وتداعيات الاحداث .. تحليلات معمقة للواقع .. بدأ لي انه هو الاخر ليبي الجنسية .. كان كلما اغرق في الكلام ، زاد خياله اشتعالا .. واستشاط غضبا .. وكأن ذكريات مرعبة تدور بدهنه .. مثقلة بالدماء .. اتعبني الانفعال .. والصمت .. نفضت الغبار عن حذائي ومضيت .
لم يتركني وشأني .. نادى ورائي .. مهلا ( انتظر سأخبرك شيء عن فزان ) .. يا للهول .. عن فزان والمستقبل .. فزان .. محط رؤوسنا ومعق تمائمنا .. يهمني ان اعرف ، عدت ادراجي .. داعب لحيه الدسمة .. تمتم بعبارات غير مفهومة :
ارى نفحات ريح جنوبية .. عواصف وتراتيل جنائزية .. متى ستعزم القدوم ايها المحار الملتصق بالصخرة .. تحارب الارض والريح وهجير فزان ؟ . انصحك ان تأتي لمشورتي ثانية .. ففي التفاصيل .. يكمن الشيطان .. كما تقولون .. وتوارى عن النظر .
صارت عظامي تطقطق ، ارهقتني الفكرة ليلة امس .. وكاد الدوار ينهش حيلتي .. شعرت بوهن شديد .. ما عسى ما ينتظرنا هنا في فزان ؟ .