كبير القدمين

كبير القدمين

  • مصباح الغناي سالم

إهداء الى روح الصديق/ أحمد علي رمضان

نظيف القلب، متعدد المواهب، سخي العطاء.

عاش الوحدة في داره! خامر الألم لوحده! ظل طوال الوقت لاجئ في بلده! 

___________

في يوم من ايام الشتاء القارص، تجمد ماء البئر المفتوح والكائنة بجوار مدرسة عائشة أم المؤمنين!

تجمد الماء بفعل انخفاض درجة الحرارة!

وتقول العمة/ منوبية :

إن السبب هو الهول الذي حصل!!

كانت الجدات والأمهات على مدار أكثر من أسبوع يخبرنا الأطفال، بأن المسخ البشع المسمى/ أبو لصقة، يتجول في الأنحاء ويأكل الأطفال !

كان أغلب الأطفال  يخافون هذا الوحش غير المنظور غير المرئي غير المتجسد!!

في ذاك اليوم المشؤوم وصلت الأنباء التي تقول:

بأن العنزة/ سبع أكباد، سرقت!

وهذه العنزة المعجزة ملك للعم/ عبدالقادر شقي، وهي سليلة عائلة فاخرة من الماعز الصحراوي الجبلي، المعروف بأسم: عنز تاسيلي!

يقال والعهدة على الراوي ( مسكين هذا الكائن المسمى الراوي كم يتحمل من إفتراءات):

بأن العنزة سبع أكباد، تدر من الحليب، عشرين لترا! وأن مخالفتها دواء لكل داء!

ويقال أيضا والعهدة على الراوي أيضا:

ان ثمنها يزيد عن العشرة الألف دينار!

_______

زريبة الماعز المملوكة للعم / عبدالقادر شقي، تجاور مدرسة عائشة أم المؤمنين، والحرس البلدي دائم الجدال مع أمانة التعليم، ومع إدارة المدرسة بخصوص موقع الزريبة! لكن أرض المدرسة وموقع الزريبة كلها من ملك العم/ عبدالقادر شقي، وهي ورث مقدس عن الاجداد، تبرع والده / الحاج شقي، بالأرض لبناء المدرسة واحتفظ هو لنفسه بموقع الزريبة!

_______

كل الأطفال، كل الأولاد يخافون العم/ عبدالقادر!

كل الأطفال، كل الأولاد يخافون الوحش/ أبو لصقة!

كل الأطفال، كل الأولاد يخافون الغول والمخلوقات الغريبة!

كل الأولاد كل الأطفال يخافون الظلام!

كل الأولاد كل الأطفال يقدسون العنزة/ سبع أكباد!!

كل الأولاد كل الأطفال ينامون باكرا!

طفل واحد فقط لا يخاف العم / عبدالقادر!  لانه صديقه !

ولا يعترف بالوحش أبولصقة!

 ولا يخاف الغول أو الظلام أوالمخلوقات الغريبة!

كما أنه كان صديقا قريبا من العنزة المقدسة، بل هو الوحيد مع العم/ عبدالقادر شقي الذي كان بأمكانه حلبها والعناية بها بعد كل جولة ميلاد!!

لم يكن الطفل/ حفظ الله، أو كبير القدمين كما يحلو للأطفال مناداته! لم يكن يوما ممن ينامون باكرا! او ممن ينامون كثيراً !!

_______

 لم يكن حفظ الله طفلا عاديا بل كان ضخم الجثة عريض الجهامة كان في العاشرة ومظهر يوحي بأنه في الثلاثين!

رقم حذاءه خمس وأربعون وهو طفل في العاشرة!

رقم قميصه ثلاث وأربعون وهو طفل في العاشرة!

رقم بنطاله خمسون وهو طفل في العاشرة!

تقول العمة منوبية :

عندما يبلغ حفظ الله من العمر ثلاثون كم من الأرقام سوف يكلف؟

____________

طرد الطفل/ حفظ الله من المدرسة، والسبب أن معلمة الحساب لا تحب منظره، وتقول المعلمة عنه:

أنه أغبى مخلوق في الوجود!

يقول عمي صالح الحكيم معترضا على ذلك:

لا يوجد في المعركة جندي فاشل، ثمة قائد فاشل!

________

منذ سن التاسعة اتقن الطفل/ حفظ الله، الكلام باللغة الانكليزية، علمه إياها العم/  لقمان الخياط، تعلم في سن الثامنة أصول مهنة كهرباء السيارات عن عمه الحاج/ إسماعيل، وفي سن السادسة تعلم الطفل/ حفظ الله، كل أنواع العذاب النفسي والمعنوي والجسدي سامه إياه البيت والشارع والمدرسة، تنوع الجلد والضرب على جسده ووجه حتى أصبحت باقية فيه! كأنها آثار حضارة قديمة أو هي أشد وضوحا!

________

في صباح اليوم القارص ذاته،

والأطفال والمعلمات يهمون بدخول المدرسة، وإذ بجثت حيوان مشوه معلق على مدخل المدرسة !

فيعلو الصراخ، ويكثر الهرج والمرج!

مديرة المدرسة تتصل بالشرطة، وأسرع من البرق الشرطة في عين المكان، خبير البصمات يجمع آثار الجريمة، والأخصائيين الاجتماعيين يقترحون إلغاء الدراسة لهذا اليوم، مسؤول التعليم وإطارات أمانته كلهم في قلب الحدث!

كل ذلك حدث في أقل من الساعة! .. نعم أقل بقليل من ساعة زمنية!

_______

العم/ عبدالقادر شقي يصرخ بأعلى الصوت:

((يالله عليك بالظالم))!

تأكد له، وللجميع بأن العنزة المباركة/ سبع أكباد، هي القتيلة، هي المشوه المعلق عند المدخل!

تأكد له أيضا أن الفاعل إنسان يعرفه جيداً ويعرف السبع أكباد هي الاخرى!

_____

 العم/ عبدالقادر شقي، يقول للمحقق من شرطة المدينة، بأن الفاعل أستغل عطفه وتسامحه لكي يقوم بفعله الخبيث هذا! ثم يصرح بأن الفاعل هو:

حفظ الله الخائن! بحسب وصفه، فيقول:

(( وووووو الله الله، هذا مجرم….. وهذا …. وهو الذي سرق السبع أكباد وقتلها….))..

-للأسف فالعم/ عبدالقادر شقي مصاب بأمراض متعددة منها: السكري، والضغط، والنقرس، والقلب، وضيق التنفس…. وضيق الخلق والتأتأه أيضا-، ومع ذلك كله فالعم يأكل في اليوم الواحد ثمان وجبات تامات! وطوله يناهز المترين! ووزنه يزيد عن التسعين!

يواصل العم/ عبدالقادر شقي كلامه فيقول:

(( والدليل على فعلته الحقيرة هذه هي آثار قدميه الكبيرتين ))!

يقول المحقق بصوت مسموع:

حقاً هذا دليل جدير بالاهتمام! سجل أنا موافق على التهمة ومقتنع بالدليل!!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :