كريم خان والجنايات الدولية وليبيا

كريم خان والجنايات الدولية وليبيا

د :: مصطفى الفيتوري

: وعدت بالعودة للموضوع وهنا عودتي: لا شك أن تعيين كريم خان في منصب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية يعتبر بارقة أمل في تصحيح مسار المحكمة وربما دفع عدد من الدول لقبولها ورفع التحفظ عنها. ومع ان دولا كثيرة وافقت على تأسيسها الا ان التعاون معها دائما في حده الأدني والأسباب كثيرة. ما يهمني هنا هو تأثير تعيين خان على ملف ليبيا في المحكمة وخاصة أن بعض الليبيين، على رأسهم الدكتور سيف الإسلام القذافي، مطلوبين (وأخرين قد يصبحوا كذلك) للمثول أمامها. وما يجعلني أهتم بتعيين خان أمران: الأول أنه كان يقود فريق الدفاع عن سيف الإسلام. والثاني أن الرجل محسوب على اليسار السياسي سوى في بريطانيا أو خارجها والمحامين والقضاة ليسوا بعيدين عن السياسة فميولهم الفكرية غالبا ما تلعب دورا في قراراتهم. قبول خان الدفاع عن سيف الإسلام في بداية أحالته الي المحكمة في عام 2011 يعني أن الرجل ليس فقط ملم بقضية موكله بل أنه يعتقد ببراءته والا لما قبل هذة المهمة فما من محامي يحب أن يخسر. صحيح أن خان، كأي محامي، يغريه الدفاع عن أمثال سيف أمام هكذا محكمة ولكنني أميل الي الاعتقاد أن هذا ليس حافزه الرئيسي. وأعتقد أن الرجل تولى المهمة لإيمانه بعدالة قضية موكله وهذا وراءه أسباب عديدة ليس أقلها العلاقة الشخصية. اما في السبب الثاني: فأن اعتباره من المحامين “المتمردين” اليساريين يعني أن وجوده في مكتب المدعي العام للمحكمة قد يعني مفآجأت “يسارية” من قبيل مثلا أحالة ملف غزو العراق الي المحكمة. الا أن أكبر اختبار سيتعرض له السيد خان هو الولاية القانونية للمحكمة على الأراضي الفلسطينية التي صرحت بها المحكمة. هذا يفتح الباب أمامه لفتح تحقيق في اي من “كبائر” الصهاينة التي أرتكبوها في حق الفلسطينيين. لم تحرك المدعية العامة المنصرفة بن سودا الملف الا انه يُحسب لها فتحه. هنا الأمر محفوف بالمخاطر فمجرد إعلان المحكمة ولايتها القانونية هناك أشتط الصهاينة غضبا ورفضوا الأمر بل أن نتنياهو أمر بتشكيل فريق دائم لمواجهته. وعلينا الا ننسى ان قبول الإدعاء في الجنايات الدولية لأي ملف متعلق بالعراق او أفغانستان مثلا سيدفع أمريكا الي التحرك أكثر ضد المحكمة وامريكا ستتحرك أيضا دفاعا عن الصهاينة ان هم أحسوا بخطر حقيقي تمثله المحكمة وما لا يعرفه الكثيرين هو ان أمريكا عام 2002 سنت قانون “حماية افراد الجيش” يسمح لأمريكا بغزو هولندا لتحرير أي أمريكي يتم القبض عليه للمثول أمام الجنايات الدولية! عموما/ في موضوع ليبيا: وأنا معروف عني معارضتي الشديدة لأي أعتراف أو تعامل مع المحكمة في هذا الوقت والأسباب عديدة، أريد أن أقول: يمكن للسيد خان أن يعيد ملف قضية سيف الي التداول ولكن هذا أمر صعب وسيستغرق وقتا طويلا ويحتاج الي جهد دبلوماسي قبل الجهد القانوني، ووراء ذلك أسبابا عدة اهمها: (1) أن الملف تم الفصل فيه وأقناع القضاة بإعادة فتحه أمر معقد وصعب جدا ومحل شك كبير ولكنه ليس مستحيل وان اتى الأمر من قبل مكتب المدعي العام فله حظا كبيرا. و(2) أن الأحمق وزير العدل في الوفاق بجانبه “عبقري القانون” الليبي وقفا معا إمام المحكمة وقالا الكثير ملخصه: لا تتركوا احد من الليبيين فلا قضاء لدينا ولا من يحزنون وهذة كانت أكبر حجة نسفت جهود دفاع سيف الإسلام واكبر كارثة تحل بليبيا قانونيا منذ كارثة عام 2011 و(3) المشكلة ان الإثنين لم يطلبا التأجيل مثلا بحجة أن البلد تمر بفترة صعبة وتحتاج الي بعض الوقت (سنة مثلا) ليصبح بمقدورها التعامل مع طلب الجنايات الدولية ويشهد الله أنني قدمت هذة الفكرة الي الإثنين ولكنهما لم يستجيبا وهذا أذهل الدفاع في جلسات نوفمبر. المعنى هنا: لتستمر المحكمة في المطالبة بسيف ولكن لتمتنع عن البث في استئنافه لمدة محددة وهذا لو حدث لأصبح امام الدفاع فرصة سانحة لمطالبة المدعي العام الجديد بتحريك الملف أما لوجود معطيات جديدة أو أدلة جديدة أو حتى لأسباب تخدم أستقرار ليبيا. للأسف الشديد ما فعله الأخرق الوزير وأستاذه في هذا الشأن تجاوز أفعال كل الحكومات التي توالت علي ليبيا منذ 2011 وحتى عام 2019 (كلها كانت تطالب بتخلي الجنايات الدولية عن المطلوبين الليبيين وأقتنعت المحكمة بالتخلي عن عبدالله السنوسي) ولا أدري ما هي مصلحة ليبيا في أصرار الإثنين على الملاحقة؟ وللأسف أيضا أن الإعلام الليبي (الرسمي أن وجد والموجهة وهو كثير) لم يحسن التعامل مع الموضوع وظل النقاش محصور في تسليم أو لا تسليم ولم يناقش أحد مثلا الجهاني و لملوم وبهدوء: لماذا تصران على هذا الموقف؟ وبقية النقاش أنصب على إدانة المحكمة أو شتمها وهذا لا يجدي نفعا! وهذا ينطبق أيضا على الإعلام التابع لمن يوصفون بأنصار النظام ان وجدوا. ولعلم الجميع: أنني بدلت جهدي في هذا الشأن ولكن؟ بل أن أحد الاثنين لاحقني حتى في قضية لوكربي وكأنني ضده هو شخصيا, اما الوزير فقد تجاهل لوكربي نهائيا في موقف مخزي وحتى بعد ان فتحها الأمريكان مجددا في 21 ديسمبر الماضي لم يحرك ساكنا والسلطة بأسرها لم تحرك ساكنا. شئ عجيب ومخزي! السراج شخصيا وقف ضد دفاع المقرحي رحمه الله كما تقاعس كل الليبيين عن المساهمة فيه ولو بالتبرع وكل هذا موثق ومنشور وسيأتي وقت نشر ما لم يٌنشر منه!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :