كلهم أنت وكلهن أنتِ

كلهم أنت وكلهن أنتِ

نيفين الهوني

ماعلينا

البحث عن بيت بمواصفاتي الخاصة هو بمثابة قول ممل ومتكرر ومعروف مثل البحث عن ابرة في كومة القش ولست أدري ما الذي يجلب قشا في طريق إنسان يعيش في مدينة أو ما الذي يستدعي استخدامنا إبرة في مكان يضم قشا وفي النهاية كيف خطرت على بال قائلها هذه العلاقة الغريبة بين القش والابر (ماعلينا)

منذ سنتين وأنا أبحث عن بيت يضمني وزوجتي الجديدة وطفلنا الوحيد احتاج بأن يكون مرفئ دافئا ومريحا وفي مكان يليق بي وبتاريخي وانجازاتي ومكانتي العلمية والثقافية والمجتمعية ومستواي المالي الرفيع وهذا شيء مهم لكن الاهم أن يكون ساترا لي ولها ولما بيننا من أسرار واتفاقيات ضمنية ومعلنة و! (ماعلينا)

منتقلا بين البيوت الجديدة والتي يحاول السماسرة اقناعي بها اضعت عامين من عمري الذي قارب على الستين والذي كان من المفترض أن تبدأ فيه مرحلة جديدة من الراحة والاستجمام بعد أن كبر ابنائي من زوجتي الاولى وقريبا سيتزوجون ، واستقررن بناتي من زوجتي الثانية مع ازواجهن منذ زمن قريب ، وتركت أنا كل شيء خلفي بعد جولات وصولات وحروب ومعارك وطنية واجتماعية وعاطفية خاسرة ، قررت فجأة أن أكتب لها النجاح بحياة جديدة اخترتها بعد دراسة معمقة لظروف شريكتي في حياتي الجديدة .

إمرأة صغيرة وفقيرة ، لكنها عانت تجربة طلاق سابقة ، جعلت منها إمراة كبيرة وكسيرة رغم صغر سنها،  إمرأة تعول طفلة مشاكسة وطفلا متوحدا وسط مجتمع متوحد ، إمرأة تغلف احتياجها لسند اجتماعي، ودعم مالي دائم بإدعاء الحب وإفتعاله ، إمرأة تعرف هدفها وتسعى إليه بهذه القوة والاصرار، ستحافظ عليه جدا حين تحققه وهذا ما أبحث عنه .

إمرأة متعلمة وتحاول أن تكون مثقفة وذكية اجتماعيا وقادرة على كسب الجميع حولها امي وعائلتي و المجتمع الذي سأنقلها إليه من مواطنة بسيطة كادحة تعاني إلى زوجة فلان .

إمرأة مطعية خاضعة خانعة ،متطلعة وطموحة جدا أيضا، تنفذ الاوامر وتلبي الاحتياجات دون اعتراض أو استياء أو استنكار ، وتسعي لتكوين ثروة صغيرة من مشروعها الاستثماري الكبير أنا؟! نعم أنا ، لكن (ماعلينا)

فليكن المهم أنها لن تزعجني ولن تكون مثل سابقاتها من النساء اللواتي أدخلتهن حياتي في رحلة البحث الطويلة عما لست أدرك ماهيته إلى اليوم (ماعلينا)

وأخيرا وجدت منزلا يشبه ما أبحث عنه (بيت لا يفتح بمفتاح عادي بل يفتح بكود إلكتروني لا يعرفه سواي حتى الآن وقابل للتغيير في أي وقت أشأ ) لكن المنزل  للأسف لا يشبهني، لكن ليس مهما أن نتشابه فبعد بحث مضن ومتعب ومستنزف للوقت والجهد يصبح لزاما علينا الاختيار وفق المتاح حتى نجد ما نحلم به ولذا قبلت شرائه وسأغير بعضا من سماته حتى يتلائم مع الحياة الجديدة و(ماعلينا) من باقي التفاصيل.

الآن سأجالس رسائلها الآخيرة في غرفة مكتبي على ضوء جانبي خافت دون وجع، سأقرأ حروفها بلا أية احساس بالذنب أو شعور بالدونية ، والتي تحاول أن تغرسها  بداخلي كلما بعثت شيئا حتى أتعذب كل العمر ولا أرتاح أبدا .

 الآن سأعيش حياتي التي أريد بعيدا عن ازعاجهن وطلباتهم بعيدا متناسيا سنوات الحتم وحياة الإلزام والإلتزام مهنيا وأسريا وسأمحو عمر الوجوب السابق (فما علينا منه ) ومحمد صدقي في خلفية المشهد المرتسم في مخيلتي يشدو بما يتماهي مع أفكاري (ماضي زال ونسيته مشى عمر معاه ماريت الزها )..يتبع

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :