كورونا والسقوط الحر

كورونا والسقوط الحر

  • د.أسامة عبدالنور كوسو

منك أنتَ أبدأُ كتابتي ..هل كان ممكناً أن ألزمك بالبقاء مع أسرتك في وقتٍ محددٍ دونما شروط؟ بل هل كان مُمكناً أن ألزمك بتنفيذِ تفاصيلٍ تتعلق بنظافتك الشخصية كغسلِ اليدين مثلاً ؟ وهل كان ممكناً أن أجعلك تفكرَ في الموتِ بهذه الطريقةِ الممنهجة والمخيفه؟ ببساطة…هذا ما استطاعتْ أن تفعله بكَ وبنا( كورونا )! فماذا فعلت في المحيطينَ بك ..وبالعالم ؟ جمعت كورونا بين الذهولِ والبرود……وبين الخوفِ والكلام ….وبين الموتِ والسؤال ….وبين الدموعِ والنهاية .. بها ذابَ ثلجُ القمم…وسقطتِ الفضائلِ المصنعة….وتبخرت تفاعلات الإنسانية….ولم يعد أحداً بالأعلى واستمرأ القاعَ الجميع….والتأمل والترقب سَيّدا الوقت !! تحسسَ العالم خطيئة تمويل الحروب والترسانة العسكرية وميزانيات السلاح النووي والهيدروجيني واليورانيوم المشع .؛ حيثُ كان من الأجدرِ تمويل المستشفيات ودعم الأطباء والمراكز البحثية ….ثم أدركَ العالم أن تراتبية الفكر المجتمعي كانت مجحفة فالجديرون بالصفوف الأولى الأطباءُ ثم العلماءُ ثم عمالُ النظافة …نعم.. نعم بهكذا ترتيب يعيشُ العالم بسلام وبهذا الترتيب سينجو العالم..أما اللاعبون والفنانون والراقصاتِ والمهرجون أولئك الذين يتصدرون الأخبارَ واهتمامات المجتمع فهم في الحقيقة أوراقُ خريفٍ يابسة طارت مع بزوغِ شمس كورونا.. ثم انكشفت لنا عورةُ الأثرياء ورجالِ الأعمال والمرفهون أنهم ( مخلوقاتٍ لاحمة آكلة للحوم البشر ) وأنها لاتخدم البشرية ….ليتضح لنا أكبرُ كذبةٍ كانت ( الإنسانية ) التي كان يتبجحُ بها دُولاً أسمت نفسها ( دولاً عظمى ).. دُولاً قرصنت كمامات، وأدوات طبية، ومعقمات، من دولاً أخرى كانت تجمعهم رُؤى إقتصادية وبورصة عالمية واتفاقية الدفاعِ المشترك والمصيرِ الواحد.. دولاً انطلت علينا بسنينٍ مضت أنها ترعى الإنسانَ وحقوقَه في ايحاءٍ منها أنها( ترعى الفضائل المخملية ) لينكشف لنا كذبهم بنزعهم ( لأجهزة التنفس الصناعية) من أُناسٍ ليعطوها لأناس داخل مستشفياتهم.. رأينا صوراً مزيفة لمسلمين دون أخلاق المسلمين في بلداننا العربية…وحمدنا الله أن( الهواء ) لا يُياع ! رأينا أُناس ترتاد المساجدَ ورفعت سعرَ الكروت الهاتفية وسعرَ السلعِ الغذائية والمنظفات ..!! رأينا ( امريكا الجبروت) في لحظة ضعفٍ غيرَ مسبوقة ..أمريكا التي تتقيءُ على العالم بكلِ ما تملك من أسلحةٍ جرثوميةٍ ونوويةٍ وهيدروجينية .. رأينا ( امريكا ترامب ) في ذهول !!! كورونا الفيروس أعادَ ( تهذيب) نفوسنا كأننا ولدنا اليوم ..أعدنا النظر في اهتماماتنا وأخلاقنا ..عرفنا أن الذهبَ والمالَ والثروة لا تساوي شيء في لحظات..وأن ( كمامة N95_ وفوط الحمام ) أكثر قيمةً وثمناً..!! كورونا أعادت ( تهذيب ) سلوكنا اليومي ..صرنا نتحدث عن كيفيةِ غسل اليدين بالماء والصابون..ونتحدثُ عن آداب العطس …وأن لا نلتصق بالناسِ حين نتحدث إليهم.. كورونا أسقطت تلك السلوكيات المسطحة كتفاهة ( القُبلات والسلام بالأحضانِ والمصافحة) لتؤكد لنا أننا ممكن أن نتحدث مع من نحب ( بمكالمة هاتفية وإماءةٍ باليد من بعيد) .. في النهاية / الحقيقة المرّة التي عاشها العالم مع كورونا كشفت له أنّ ( الإنسان ) كائن فيروسي أشد فتكاً من جرثومة حجمها بالميكرون …والشواهد كثيرة !

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :