كيف تصنع زغرودة

كيف تصنع زغرودة

بقلم :: إبراهيم عثمونة

أنا لا أحب ديسمبر لأن فيه وُلد المسيح ابن مريم وحسب ، أنا أحبه أكثر منكم لأن فيه وُلدت حتى “نور عثمونه” . ذهبتُ يومها لأستطلع مستشفى “2 مارس” بـ سبها وأرى إن كان صالحاً للولادة أو لا ! أن أقول لرئيس القسم إنه لم يبق على ميلاد “نور ابراهيم” سوى ساعات . أن أعلمه بأنه لو سلم الله وجاءتني طفلتي فسوف اسميها نور . أن أرى بأم عيني القابلة والممرضات واسطوانات الاكسجين ومصرف الدم . والحقيقة لم أطل الزيارة . فقط جولة سريعة وخرجت لأخبر موظفاً كان يجلس خلف طاولة استقبال أن الولادة في مستشفيات “غزة” أفضل بكثير من 2 مارس ، وفي صباح اليوم التالي وصلني استدعاء من مكتب “المباحثة العامة” . أجروا معي تحقيقاً وأخلوا سبيلي بعد أن كتبتُ تعهداً .
ومن المباحثة العامة خرجتُ مباشرة إلى بيتي ومنها إلى “هون” التي أحسب مستشفاها أفضل حالاً . وفي ليل ذلك اليوم الذي وافق 8/12/2003 ولدت “نور ابراهيم عثمونه” بمستشفى هون . طلبتُ في القابلة الكورية هناك أن تزغرد ، لكنها لا تعرف ، ألححتُ عليها قبل أن تتبدد الدقائق الأولى للولادة ولم تعرف ، جذبتُ ممرضة ليبية من ذراعها وطلبتُ منها أن تلقنها حروف الزغرودة ، فطفقت تلقنها حرفاً حرفاً . كانت الممرضة تقترب بوجهها من الكورية وتكشف لها عن شكل الطريقة التي يتم بها صناعة زغرودة . كررت ذلك اكثر من مرة والكورية بدت أكثر تركيزاً في كل مرة ، ثم في لحظة مدهشة أعطتنا الكورية ظهرها وفتحت النافذة وأطلقت زغرودة كانت أحلى وأجمل زغرودة سمعتها في حياتي.
في الصباح تذكر أهالي هون أنهم سمعوا في مناهم زغرودة لم يسمعوا مثلها من قبل . سألوا بعضهم البعض وعرفوا أن الزغرودة جابت أحلام هون وخرجت . حاولت بعدها النساء الهونيات صناعة مثل هذه الزغرودة وحاولت القابلة الكورية وحاولت كوريات أخريات لكن لا فائدة . ومن يومها وإلى يومنا هذا ما زالت هون تسمع هذه الزغرودة حين يأتي موعدها في ليل 8/12 من كل عام . ما زالت الزغرودة الكورية تعود إلى أحلام هون حتى ونور تنام معي في “سمنو” ، ومازلت حتى بعد أن سافرت الكورية وحتى بعد أن كبرت نور تعود الزغرودة وتجوب احلام 8/12 في هون ، وحتى يوم تزامن ووجود نور في “صفاقس” وصلتهم الزغرودة من بعيد بولولة بعيدة ، ولو حدث وسافرت نور يوماً إلى “كوالالنبور” ستصلهم الزغرودة حتماً ولكن بالكاد تُسمع ، والأكيد الذي لا شك فيه أن الزغرودة لن تغيب عن حلم هون ما دامت نور على قيد الحياة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :