كيف كنا قبل رمضان وكيف حالنا بعد رمضان

كيف كنا قبل رمضان وكيف حالنا بعد رمضان

عاشور صالح عبد العزيز

الحمد لله أولاً وأبداً على أن مد في أعمارنا حتى شهدنا رمضان، موسم الخيرات وقضاء الحاجات وموسم التوبة والإنابة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ومراجعة النفس وتجديد العهد مع الله ورسم خريطة للحياة مع العزم على اتباعها بعد رمضان لمن وقفه الله لذلك.

قبل رمضان كنا نسعى في الدنيا وراء لقمة العيش، نطلب الرزق بالحلال وربما البعض انحرف عن النهج القويم وسعى وراء المال بلا أي اعتبار عن مصدره ولا اعتبار للحلال والحرام—نسأل الله السلامة. وفي رمضان أعدنا تقويم ساعاتنا وتعهدنا أنفسنا بأن نبتعد عن الحرام وألا نكسب ولن ندخل بيوتنا إلا اللقمة الحلال.

قبل رمضان أخذنا الروتين ومتطلبات العمل والدوام وضيعنا الأوقات، وبالأخص صلاة الظهر في العمل إلى أوقات متأخرة. في رمضان التزمنا المساجد والأوقات وعاهدنا أنفسنا على المحافظة عليها مع النوافل والرواتب القبلية والبعدية.

قبل رمضان تسارعت بنا الساعات والأيام وجرت بنا وكأننا في سكرة ولا ندري متى انقضت الأيام والأسابيع والشهور حتى نجد أنفسنا في رمضان آخر لنقول لأنفسنا رمضان الماضي وكأنه كان بالأمس. في رمضان عزمنا على اتباع روتين يحفظ لنا الوقت لنستفيد منه في العبادة والسعي وقراءة القرآن، لنجد أن الوقت جرى كعادته ونحن في مكاننا نراوح.

قبل رمضان تمر بنا الأيام ولا نلتفت لبركة ساعاتها وتتابع وتتلاحق يشبه بعضها بعضا، لا نلقي بالاً لساعات إجابة الدعاء وليالي الجمعات ونسمات الفجر وأنفاس الصبح. في رمضان حافظنا على الصلوات والجماعات وسرنا في الظلمات إلى المساجد داعين الله أن يكتبنا من المشاءين إلى بيوته في الظلم.

قبل رمضان خلت المساجد المصلين إلا ثلة من المحافظين على الصفوف الأولى، وكأن تلك الأماكن المباركة أصبحت حكراً على رهط من الناس. في رمضان امتلأت المساجد وزادت الصفوف بأصناف الناس من الكبار والشباب والأطفال مع أننا نرى العزوف عن المساجد يزداد يوماً بعد يوم.

قبل رمضان كذبنا بهتاناً وزوراً في كثيراً من الأحيان على الناس لمصالح الدنيا وكأننا مخلدون فيها. في رمضان تواعدنا أنفسنا على صدق القول والفعل وعدم العودة إليه مرة أخرى. في رمضان منينا النفس بالصدق في الأقوال والأفعال فيه وبعده.

رمضان شهر مراجعة النفس ومحاسبتها. وموسم الوعود والعهود والتعهدات على ترك كل ما من شأنه أن ينحرف بالإنسان عن الطريق السليم. في رمضان تكثر الأماني والتمنيات والافعال ولكن كم تستمر بعد؟ كم نبقى على طريق رمضان؟

الآن… هل سنحاسب أنفسنا على كل ما فرطنا في جنب الله خارج رمضان وعاهدنا الله بعد أنفسنا بعدم العودة حتى لا تزل أرجلنا وتقع بنا من هاوية وفي قاع سحيق؟ هل سنجعل رمضان المقياس الذي نقيس به أقوالنا وأفعالنا أم تذهب الريح به مع أذان المغرب الأخير معلناً عن انتهاء رمضان هذا العام. هل سنتمسك بأخلاق رمضان قبل أن تعود شياطين الإنس والجن لسابق عهدنا قبله؟

ها قد أتاكم رمضان فاغتنموه، فربما لا نلقاه مرة أخرى. رمضان سيكون شاهداً لنا أو علينا، فنجعله لنا وليس علينا فهذا هو الفضل العظيم، ورغم أنف من فاته هذا الخير الكثير. بعد رمضان سيكون هناك ثلاثة صنفان من الناس: –

  1. صنف خرج من رمضان وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وأعتق من النار وخرج كيوم ولدته أمه لمن وفق لنيل الأجر وصيانة حرمة الشهر وعبادة الرحمن وعزة دينه.
  2. صنف آخر ترك رمضان واختصره في المساجد والتراويح وعاد إلى سابق حياته وربما عربدته.
  3. وصنف ثالث مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، هذا الصنف يتقلب في الصراع بين قلبه وضميره ونفسه الأمارة بالسوء، نسال الله لهم الثبات على الطريق والتوفيق إلى خير الدنيا والآخرة.

نسأل الله لنا ولكم القبول والتغير وجديد البدايات في جميع جوانب حياتنا حتى يتجلى فينا تأثير رمضان في كل ذرة من كياننا ويظهر أثره في أفعالنا وأقوالنا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :