لأنها العاصمة !

لأنها العاصمة !

  • محمود السوكني

طرابلس مدينة ساحرة تغري المرء على التعلق بها ، لها القدرة على إغواء كل من تطأ قدماه مرابعها ، على آديمها يوجد المن والسلوى ، وبين حواريها تعبق روائح المسك والعنبر ، تغمرك بكرمها المفرط وتأسرك بجمال عمرانها وطيبة أهلها . كل مافيها جميل ولا يعيبها إلا أنها العاصمة !

فلأنها العاصمة ، أضحت هي المغنم ..

ولأنها العاصمة ، صارت الهدف والمرجا ..

ولأنها “إطرابلس” التي نعرف ، فكل الأنظار تقصدها ، والقلوب تهفو للقائها ، والشوق ينحني أمام طغيان سحر جمالها ..

هكذا نحن عشاق طرابلس نعرفها ، وهكذا بنينا علاقتنا بها مذ صافحت عيوننا معالمها . لم نحبها يوماً لأنها العاصمة لأن ذلك لا يشغلنا ، أحببناها أرض مجردة من كل تعريف سياسي أو لقب رسمي بل قبلة لعشاق البهاء ، التواقين للحب ، الهائمين في ملكوت السحر والجمال ..

هكذا نحن جمهرة العشاق الأوفياء لمدينة “إطرابلس

أما الأخرين ، ممن تسلقوا أسوار حصنها المنيع ، وجاءوا جوعى لمغانم العاصمة ، وطمعاً في نهب مؤسساتها وسرقة بيت مالها ، فهم من عكر صفو مزاجها ، وعبث بحدائقها ، ولطخ جدرانها ، والقى قاذوراته في شوارعها ..

هؤلاء هم من أطفأ وهج ضيائها بزعم محبتها !

 لأنها العاصمة ..

غرق نهارها في ظلام دامس ، داهم وجهها الصبوح بشاعة العناكب ..

ساد الوجوم ملامحها ، وتوقف القلب فيها لبرهة عن خفقانه ، ولاذ الوله في أحشائها بالصمت ..

هذا ماحدث في ذلك المساء البشع .. لأنها العاصمة !

لماذا يدّعون محبتها وهم من جرح كبريائها وشوه معالمها وقتل أبنائها ..

بماذا تفسرون افعالكم الشنيعة وتصرفاتكم البشعة وغطرستكم الوقحة في حضرة مدينة الحب والجمال ؟

معارك غير واجبة ، وأرواح  تهدر  بلا سبب ، وأماكن تدمر من غير طائل ، وكل ذلك لأنها العاصمة !

نحن عشّاق “إطرابلس” المتيمين بحبها نعلمكم أننا لا نريدها بعد الآن عاصمة ، نريدها فقط طرابلس التي نعرف ، مجردة من القابكم واوسمتكم وحتى مؤسساتكم . خذوها جميعاً ، ابقوا لنا طرابلس بجمالها الفطري وخذوا معكم كل المساحيق المغشوشة التي تستهويكم واصبغوا بها من يرضا مذلتكم ويشارككم خطاياكم .

اتركوا هذه المدينة لمن يقدر فتنتها ، ويحترم تاريخها ، ويصون حاضرها ، ويعيش من أجل مستقبلها .

“إطرابلس” الملتقى الدائم لليبيين الأحرار الذين همهم  وحدة الوطن وسلامة شعبه وأمن أراضيه لا لسواهم ، فلا تشوهوا مجد الأجداد وتضيعوا ميراث الأحفاد والله من وراء القصد .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :