كتب :: سالم أبوظهير
لابد من ان نستخلص العبر من الماضي، ونتزود بما حدث فيه ليفيدنا في حاضرنا ومستقبلنا ، كما لابد أن نتجاوزه وننساه إذا كان الوقوف عنده يعيق ويمنع من أن يكون الحاضر مزدهرا، والغد مشرقا. نعم يجب أن تبنى علاقاتنا الاجتماعية ، ومناهجنا الدراسية ، ومواعظنا الدينية والأخلاقية ، على هذا النحو (لا غالب ولا مغلوب) ، و(حتحات على ما فات )، و (اللي فات مات )، و(حبال السوء طاحوا في بير)، (والحي أولى من الميت) ،(وعفا الله عما سلف) وغير هذا كثير من الأمثال الشعبية الليبية ، والحكم والمواقف التي تدعو لتجاوز الماضي، فنستند عليها لتكون وقودا للمركبة الليبية، وهي تنطلق صوب البناء والتعمير وتحقيق السلام والرفاهية والسعادة والأمن والأمان ، وكل ما يحتاجه الإنسان الليبي ليعيش في بلاده يعمرها، ويخطط لغده بشكل أفضل. هذا ما نحتاج أن نعود نفوسنا عليه ونغلبها ، ونجبرها على نسيان الماضي المؤلم القريب أو البعيد تضحية من المتضرر الذي يرى أن ليبيًا آخر سبب رئيسي في إلحاق الضرر به ، واعتذاراً ممن سبب الضرر وربما تعويضا مادياً ومعنويا له ليضمن حقه. لابد من أن نفعل ذلك بعد أن فقدنا الاتجاه الصحيح، الذي يفترض أنه الأساس الذي سيرشدنا لأسرع الطرق وأكثرها نجاعة ، الأساس الذي نضمن به بناء حاضر أزهى لبلادنا، على أسس وقواعد سليمة ، لا تنغصه رواسب ماضٍ دخيل علينا ، ونتفرغ لإعداد أجيالنا القادمة لمستقبل مضمون. إن التشبث بالماضي بشكل مبالغ فيه، والعيش في دوامة أنه كان أجمل أو أقبح، والتغني به وتعداد محاسنه في كل وقت وحين ، أو لعنه والتعوذ منه وتكرار أنه امتداد وسبب لما نحن فيه من ربكة ، لن يزيدنا إلا جهلاً و تاخرأ ،وقد يكون سببا في ان نخدع أو نكره بعضنا البعض، وسبباً في أن نكيد لبعضنا البعض ، أو نسرق ونقتل بعضنا البعض. نحن في بلاد واسعة كبيرة ، خيراتها كثيرة، ورصيدنا الذي نحتاجه لنعيش في سلام ورفاهية رصيد كاف ويزيد ، فشعبنا متجانس بشكل كبير مقارنة بباقي الشعوب، لا طوائف دينية ، لا تمييز عنصري، لا تفاوت طبقي بشكل متطرف ، وعددنا قليل بالنظر لما حبا الله ليبيا من ثروات طبيعية ، وعندنا قدرات وخبرات بشرية، لا يمكن تجاوزها. لذلك أجزم انه لن نتجاوز أزمتنا الراهنة، لنعيش حاضراً زاهيا ونخطط لمستقبل أفضل . إلا إذا تجاوزنا الوقوف عند ماضينا ، نتحسرعلى محاسنة ،أو نلعن مساوئه …