لا دولة بدون رئيس.. فلا تنتخبوا البرلمان وحده

لا دولة بدون رئيس.. فلا تنتخبوا البرلمان وحده

  • محمد بعيو

يبدو واضحاً كالشمس، أننا مهما حاولنا التأسيس للدولة من خلال صياغة الأفكار، وتعبئة الجموع، وحشد المجاميع قيادات ونُخب، فإننا نظل محتاجين في الأساس إلى الشخص الرمز.لا دولة دون مؤسس يسبقها إلى الوجود، فيوجد قبلها، وتولد على يديه أو بين يديه، ولابد أن تكون حوله أيادٍ كثيرة تساعد على الميلاد، لكنها لا تُوقع على شهادة الميلاد.إن الدولة الليبية المنشودة، والتي هي دولة الإستقلال الثانية، لا يمكن وجودها دون اتّباع ذات النسق التاريخي الذي كان عند ميلاد الدولة الوطنية المستقلة الأُولى قبل سبعين عاماً في شتاء 1951.إن الإكتفاء في الإنتخابات القادمة نهاية هذا العام بإنتاج برلمان أو سلطة تشريعية، دون انتخاب رئيس للبلاد، هو دخول آخر في مدار الفوضى ومسار العدم، وتسليمٌ خاسر لما تبقى من مقومات الكيان الوطني الليبي إلى تجار مضاربين مغامرين، لن يتفقوا على القيمة الحقيقية للوطن وللشعب وللدولة، بل سيتفقون وإن تخالفوا قليلاً على اقتسام الوطن غنيمة، ولنا من تجاربنا المريرة خلال التسع العجاف الفائتة منذ صيف 2012، ما يؤكد ويثبت خطأ وخطر انتخاب مجالس نيابية وتشريعية، دون انتخاب رئيس للدولة، انتخاباً مباشراً من الشعب الليبي.رئيسٌ لا يجب أن يكون وربما يستحيل أن يكون، حاكماً مطلقاً مستبداً، لكنه يجب أن يكون ويمكن أن يكون حاكماً رمزاً، مع سلطات مناسبة تجعله يستطيع أن يكون حكماً حازماً بين السلطات التشريعية والتنفيذية والرقابية والعسكرية، كي لا تجور على بعضها ولا تتصادم ببعضها، وكي لا تجور على الدولة ولا تصطدم بالشعب، وهذا يمكن ضبطه دستورياً، شرط أن لا يكون هذا الدستور المَعيب الناتج عن هيئة الستين، والذي يريد إئتلاف غير شريف بين الفشلة والقتلة والجهلة، أن يأخذونا إلى الإستفتاء عليه، والذي لا يحدد نظام الحكم، ولا شكل الدولة، ولا توزيع الصلاحيات بين السلطات.إن الموعد الإنتخابي الوطني 24 ديسمبر 2021 إذا ضاع لا سمح الله، لن يتكرر بسهولة، وسيكون ضياعه أو إضاعته سبباً في ضياع الوطن، وإضاعة الأمل في بناء الدولة، كما أن الإكتفاء بالإنتخابات التشريعية دون الرئاسية، يشبه تماماً إبقاء جسد الدولة دون رأس، فيأكل الجسد ما حوله، ثم يأكل نفسه ويضمحل ويذوي ويموت، وهذا ما حدث خلال السنوات الماضية وما لا ينكر حدوثه إلا مكابر. فلنتمسك بانتخاب الرئيس، قدر تمسكنا بانتخاب البرلمان، وعلى الذين يرون في أنفسهم القدرة والكفاءة أن يتقدموا ويترشحوا، بعد أن يطرحوا برامجهم ورؤاهم، والرأي الأخير للشعب الليبي وحده، الشعب الذي من كثرة ما صقلته نار المعاناة صار يعرف كيف يختار ومن يختار، ولن يكون الإختيار على أسس عاطفية شخصية ذاتية دعائية غوغائية، بل سيختار البرنامج والمشروع، وأصحاب البرامج الحقيقية والمشاريع الفعلية قليلون وبها سيتنافسون، وعلى أساسها سينتخب الليبيون رئيسهم ومُشرّعيهم، انتخاباً عقلانياً واعياً، وسيكون تصويتاً عقابياً للفاشلين المتحكمين اليوم، ورضائياً قبولياً للقادرين القادمين غداً.


شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :