فسانيا : سلمى عداس
في خطوة تعكس اهتمام الحكومة المالية بتعزيز التواصل مع جاليتها في الخارج وتعميق العلاقات بين الدولة ومواطنيها عبر الحدود، عقد وزير الماليين في الخارج والاندماج الأفريقي موسى أغ الطاهر لقاءً افتراضيًا غير مسبوق مع أفراد الجالية المالية المقيمين في ثمانية وعشرين دولة أفريقية.
يأتي هذا اللقاء تنفيذًا لتوجيهات رئيس المرحلة الانتقالية فخامة الجنرال أسيمي غويتا، التي تؤكد أهمية تعزيز حماية الماليين في الخارج وضمان مشاركتهم الفاعلة في التنمية الوطنية، وهو ما يعكس إدراك مالي لأهمية جاليتها كعنصر رئيسي في الاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي.

حوار مباشر حول القضايا الملحة للجالية المالية
استمر اللقاء لخمس ساعات متواصلة وشهد مشاركة دبلوماسيين، رجال أعمال، رؤساء جمعيات ومستثمرين من مختلف الدول الأفريقية، حيث تم تسليط الضوء على القضايا التي تؤثر على حياة الماليين في الخارج وسبل تحسين أوضاعهم وتسهيل اندماجهم في المجتمعات المضيفة.
القضايا الرئيسية التي تم التطرق إليها خلال اللقاء
تمحورت المناقشات حول عدد من القضايا المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على أوضاع الجالية المالية في الخارج، حيث تم التأكيد على ضرورة تعزيز حماية الماليين في الخارج من خلال وضع آليات أكثر فاعلية لضمان حقوقهم في الدول المضيفة، سواء عبر التعاون الدبلوماسي أو من خلال إنشاء برامج دعم قانوني لمواجهة التحديات التي قد تواجههم في بلدان إقامتهم.

كما تم التركيز على الحاجة إلى تسريع استخراج الوثائق الإدارية وتبسيط الإجراءات القنصلية، بحيث يتمكن الماليون في الخارج من الحصول على جوازات السفر والبطاقات الوطنية وغيرها من الوثائق الرسمية بسهولة أكبر، مما يساهم في تسهيل معاملاتهم الرسمية وتقليل فترات الانتظار الطويلة التي يعاني منها الكثيرون.
وفي إطار تحسين اندماج الماليين في المجتمعات المضيفة، تمت مناقشة سبل تعزيز الاتفاقيات الثنائية بين مالي ودول أفريقية رئيسية مثل المغرب وجنوب إفريقيا، لتسهيل إجراءات الإقامة والعمل والاندماج الاجتماعي، مما يفتح المجال أمام الماليين للحصول على فرص عمل أفضل والتمتع بحقوق مساوية لمواطني تلك الدول.
من بين المبادرات التي تم اقتراحها خلال اللقاء إطلاق بنك خاص بالجالية المالية في الخارج يكون مخصصًا لدعم المشاريع الاستثمارية التي يقودها الماليون في الخارج، مما يتيح لهم الفرصة للاستثمار في بلادهم والاستفادة من التسهيلات المالية والقروض التي تساعدهم على إطلاق مشاريعهم التجارية والاقتصادية.

تم أيضًا مناقشة فكرة تنظيم منتدى للمستثمرين الماليين في المهجر، يكون بمثابة منصة تجمع رجال الأعمال والمستثمرين الماليين في الخارج مع الجهات الحكومية والاقتصادية في مالي، بهدف توظيف التحويلات المالية والاستثمارات في مشاريع تنموية تحقق فوائد اقتصادية للبلاد وتعزز الروابط الاقتصادية بين مالي وأبنائها المغتربين.
ومن بين القضايا الملحة التي طُرحت خلال اللقاء مسألة تحسين الاعتراف بالشهادات الجامعية التي يحصل عليها الماليون في الخارج، حيث يعاني العديد من الطلاب والخريجين من صعوبة معادلة شهاداتهم الأكاديمية داخل مالي، مما يحد من فرصهم في الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم. لذلك، تمت مناقشة ضرورة وضع آليات أكثر شفافية وفعالية لمعادلة الشهادات وتسهيل إجراءات الاعتراف بها لضمان فرص متساوية للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى المشكلات المرتبطة بالتنقل التجاري عبر الممرات الاقتصادية في غرب ووسط أفريقيا، حيث يواجه التجار الماليون صعوبات كبيرة تتعلق بالرسوم الجمركية المرتفعة والإجراءات البيروقراطية المعقدة التي تعيق حركة التجارة. ولذلك، تم اقتراح العمل على إبرام اتفاقيات إقليمية لتسهيل مرور البضائع والخدمات وتعزيز التكامل الاقتصادي بين مالي والدول المجاورة.
من بين التوصيات التي تم طرحها خلال اللقاء أيضًا مسألة فتح قنصليات جديدة في بعض الدول الأفريقية التي تضم جالية مالية كبيرة، وذلك لتقديم خدمات قنصلية أكثر كفاءة وتقليل الضغط على السفارات الحالية، حيث يعاني العديد من الماليين في بعض الدول من بُعد مراكز الخدمات القنصلية عن أماكن إقامتهم، مما يسبب لهم مشقة كبيرة في إنجاز معاملاتهم الإدارية.
الجالية المالية قوة اقتصادية لا يُستهان بها
في كلمته، شدد موسى أغ الطاهر على الدور المحوري الذي تلعبه الجالية المالية في دعم اقتصاد البلاد، مشيرًا إلى أن تحويلات الماليين في الخارج تجاوزت سبعمائة وثلاثة وتسعين مليار فرنك أفريقي خلال عام ألفين واثنين وعشرين، وهو رقم يفوق قيمة المساعدات التنموية التي تحصل عليها مالي، مما يعكس أهمية هذه الجالية كرافد اقتصادي حيوي للبلاد.
كما أكد أن الدستور الجديد في مالي سيمنح الجالية دورًا أكبر في المؤسسات الوطنية، مشيدًا بمشروع اتحاد دول الساحل الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو باعتباره خطوة نحو تكامل اقتصادي وسياسي أقوى في المنطقة.

توجه مالي لتعزيز حضورها الدولي عبر جاليتها
تأتي هذه المبادرة كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز الدور الدولي لمالي عبر جاليتها المنتشرة في أنحاء القارة الأفريقية والعالم، حيث تسعى الحكومة إلى إشراك الماليين في الخارج في صنع القرار السياسي ودفع عجلة التنمية من خلال استثماراتهم ومشاريعهم الاقتصادية.
دعوة إلى الوحدة والتضامن
اختتم اللقاء بدعوة الوزير موسى أغ الطاهر الجالية المالية إلى تعزيز وحدتها وتضامنها والعمل كجسر بين مالي وبقية دول العالم، مؤكدًا أن الحكومة ستواصل تنظيم لقاءات مماثلة بشكل دوري لضمان التواصل المستمر مع الجالية والاستجابة لتطلعاتها ومطالبها.
خلاصة المناقشات
شكل هذا اللقاء الافتراضي فرصة مهمة للحكومة المالية للاستماع مباشرة إلى الجالية في الخارج والتفاعل مع مطالبهم وتطلعاتهم، حيث عكست المناقشات الحاجة الملحة إلى تطوير سياسات أكثر استجابة لاحتياجات الماليين في الخارج وتعزيز دورهم في التنمية الوطنية من خلال الاستثمار والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل مالي.