لعبة الغميضة (دلالات سياسية)

لعبة الغميضة (دلالات سياسية)

سالم البرغوثي

في موروثنا الشعبي وبين الأحياء الشعبية كان الأطفال يحبذون لعبة الغميضة حيث يقوم الطفل الذي وقعت عليه القرعة بمهمة العد وهو مغمض العينين وموجها وجهه للجدار بينما يختبئ بقية الأطفال في أماكن عدة. وبعد الانتهاء من عملية العد يقوم الطفل بالبحث عن الأطفال المختبئين وكلما وجد أحدهم أخرجه من اللعبة حيث تعتمد اللعبة على إجادة الاختباء والتمويه.

كبر الأطفال وتحول معظمهم إلى سياسيين واقتصاديين ورجال أعمال ليعيدوا إحياء هذا الموروث وتطويره بدمج لعبة الغميضة مع لعبة الكراسي الدائرية وتتحول تلك اللعبة من مجرد لعبة لقتل الوقت في الزمن الغابر إلى لعبة لقتل البشر وإهدار موارد الدولة والعبث بأمنها واستقرارها. الكل يبحث عن الكرسي الفارغ والجميع يختبئ خلف جماعات أخرى محلية وخارجية.

عقيلة صالح والمشري والدبيبة وباشآغا وحفتر والإخوان والسلف الصالح يمارسون الاختباء ولا وجود للاعب موجه وجهه للجدار للبحث عنهم وإخراجهم من اللعبة .

هذا الوجه الملاصق للجدار كان من الممكن أن يكون الدستور أو القاعدة الدستورية أو الانتخابات أو حتى 17 فبراير تصحيحية تعيد التوازن لبلد يحترق غير أن ذلك لم يحدث لتبقى الكراسي في أماكنها واللاعبون مختبؤون في أماكنهم فلا أحد موجه وجهه للجدار للبحث عنهم.

ذكرت سابقا سبعة من اللاعبين ولم أذكر الثامن وهو السيد رئيس المجلس الرئاسي الذي ولد في جنيف ولادة قيصرية فظهر مشوها ذهنيا لأنه لم يحسن التصرف وفق اختصاصاته التي كان من الممكن أن تلعب دورا مهما على الصعيد الوطني ودرء الفتن وإبعاد شبح الحرب .

غير أنه ترك للاعبين المختبيئن إدارة الأزمة السياسية مكتفيا بدور المتفرج. لاءات كثيرة في المشهد السياسي الليبي. لا لحفتر لا لباشآغا لا للمشري لا لعقيلة صالح لا لسيف الإسلام ولا للدستور ولا للإخوان ولا للدور المصري ولا للتركي ولا للروسي ولا لستيفاني وهناك محاولات لإجهاض لجنة 5+5 وتحذيرات للجزائر وتونس بعدم التدخل. لاعبون آخرون لا يمارسون السياسة لكنهم ينفذون سياسات وإملاءات خارجية الصديق الكبير وصنع الله وآخرون يريدون إحياء تيار سبتمبر حتى بدون سيف.

أما الشعب فقد تشابه عليه البقر وشعر بحجم الخيانة التي تعرض لها من قبل السلطات المتعاقبة التي خذلته وأذلته وداست على رقبته بعدما كان له دور محوري في إزاحة النظام السابق. ماذا لو صعد أعضاء لجنة 75 طائرة الخطوط الأفريقية متجهين إلى جنيف لإعادة إنتاج سلطة جديدة بعيدا عن المساومات المادية؟ ماذا لو أعلن المنفي بصفته حل السلطتين التنفيذية والتشريعية بديلا عن مبادرته الغبية التي طرحها قبل أيام وأجهضها عقيلة صالح بتصريح لا يتجاوز الدقيقة الواحدة؟ ماذا لو طرحنا الدستور للاستفتاء؟ في انتظار عودة الابن الضال (سيف الإسلام) وفي انتظار عودة ابن التاج (محمد الرضا ) وفي انتظار عودة مرسي نسخة ليبية منقحة. وفي انتظار هزيمة بوتن في أوكرانيا. وفي انتظار عودة الكهرباء وصحن الغزالة والسلاح إلى مخازنه. ليس بمقدورنا فعل شيء غير حرق الإطارات والبكاء أمام المصارف ومشاهدة أفلام الرعب من تجار البشر والأفيون.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :