لقد تعبنا..والله لقد تعبنا

لقد تعبنا..والله لقد تعبنا

  • المهدي يوسف كاجيجي

تأسست وكالة الأنباء الليبية عام 1964م، قبل ذلك كانت مصادر الاخبار المحلية نحصل عليها من الإذاعة الليبية ، وعلى أيامنا فى الستينات كان المسئول هو الاستاذ ابراهيم القماطى رحمه الله. كان خلوقا متعاونا ، نحصل منه على نسخ اضافية من نشرة الاخبار المحلية التي كانت تذاع الساعة التاسعة مساء. كان مكتبه مكان تجمُّع نتبادل فيه الاخبار والحكايات، وعندما يتم تشكيل حكومة جديدة او تغييرات هامة فى آلدولة ، كانت المراسيم الملكية تأتى مباشرة من الديوان الملكى فى أظرف مغلقة بالشمع الأحمر، يتم فتحها قبل النشرة لإذاعتها . كان الوزراء وكبار المسؤلين يقومون بالاتصال به لمعرفة الأخبار قبل إذاعتها ، وكانت ردوده جاهزة ، لمن شمله التشكيل الجديد: مبروك عليك يا ” بي ” الثقة الملكية الكريمة. ولمن تم التخلي عن خدمته: والله فرحت ليك يا ” بي ” افتكيت هادى مش حكومتك إنشاء الله في التشكيلة القادمة.

تداول على الطريقة الليبية
كانت لعبة التداول السلمي للسلطة ، تدار من قبل الملك إدريس بحكمة، تبعا للتركيبة الاجتماعية والمناطقية، من خلال توازن دقيق. في عهده تداولت احدى عشرة حكومة على الحكم، كان أولها السيد محمود عمر المنتصر من الغرب، وآخرها السيد ونيس القذافى من الشرق، مع استثناء وحيد عندما تم تكليف السيد محمد عثمان الصيد من الجنوب، بتشكيل الحكومة الخامسة. إضافة إلى أن عدد الوزراء كان شبه مناصفة ما بين الشرق والغرب، ووزير واحد من الجنوب حتى ولو كان بدون وزارة وعرف عن الجنوبيين سعيهم لوظيفة وكيل وزارة، وهو اختيار ذكي. أما رئاسة المجالس التشريعية فكان رئيس مجلس الشيوخ من الشرق والنواب من الغرب.

يا أنا .. يا أنت !!
اختلفت الأمور ، وتغير الرجال. تجربة فبراير طرحت منذ البداية الإقصاء للآخر. ورفعت شعارات ( أنا …. وما بعدى الطوفان ) – ( يا أنا … يا أنت ) – ( المكان لا يتسع لأثنين ). الغرب لم يعد غربا، والشرق لم يعد شرقا. والجنوب التعيس دائما، ترك وحيدا، أمام غزو استيطانى قادم من وراء الحدود تمتد اثاره مستقبلا على الخريطة الجغرافية والسياسية لليبيا. اختلفت الولاءات لوطن كان ملؤ الكف، وتحوّل الي مجموعة من الشراذم، وتفتتت الدولة، وتمزقت التركيبة المتداخلة للنسيج الأجتماعي الفريد للتركيبة الاجتماعية الليبية، وأختفت المحبة والتلاحم الوطني، وتمترسنا وراء الأجنبي، وفقدنا العقل والبصر والبصيرة ، وزرعنا الكراهية فيما بيننا، ودفعنا بأبنائنا من أجيال المستقبل، وقودا لحرب قذرة سيكون حصادها مرارة ودمارا وكراهية لعقود طويلة مقبلة.

والله .. لقد تعبنا !!
ايها السادة أنا لا اطعن فى وطنية أحد، فكل المتصارعين فى المشهد اليوم بكل اتجهاتهم يحملون بعضا من الحب لهذا الوطن، كل على طريقته، ولم يبق امامنا سوى أن نجمع ما تبقى لنا من حب لهذه الارض ولنجتمع معا، ونجلس معا، ونتازل لبعضنا البعض. ليس لدينا حل غير ذلك لننقذ ما تبقي انقاذه. إن ما يجري الأن هو تدمير وتفتيت لما تبقي من الدولة الليبية، والنتيجة للأسف لا يتصورها عقل. وليتذكر قادتنا العظام المتحاربون فى الجبهات عسكريا واعلاميا، أن النصر المقام على جماجم الابناء وأشلاء الموتى من شعب مغلوب على أمره لن يكون انتصارا، بل هو لعنة ستطاردكم وذريتكم إلى يوم الدين. ايها السادة لقد تعبنا … والله لقد تعبنا، الم تتعبوا بعد؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :