كتب :: عبد الرزاق الداهش
كان بإمكاني أن أقول من حق شباب الجنوب أن يغلقوا النفط، ويغلقوا الغاز، وحتى الهواء لو كانت صماماته بيدهم، فليس عدلا أن يعيش البعض حياة سبعة نجوم، بينما يعيش أهل الجنوب سبعة هموم.
كان بإمكاني أن أقول دم شباب الجنوب أغلى من النفط، وأغلى من الذهب، وأن منظمة اوبك كلها لا تساوي قطرة دم ليبي، وليذهب النفط إلى الجحيم.
كان بإمكاني أن أقول ليبقى النفط في باطن الأرض، كي لا يذهب لبطون المسؤولين سفريات، ومصفحات، وسهريات، وغيره.
سوف أكسب الكثير من القلوب، والكثير من الإعجاب، بهذا الخطاب الشعبوي ولكن سوف اخسر نفسي، وأخسر ضميري.
صحيح أن ظهرنا في الجنوب يعاني، وبيئة أكثر من طاردة، وظروف معيشية أسوأ من سيئة.
وصحيح أنه من لم يمت من أهلنا في الجنوب، أو لم يهجر، أو لم يتعرض للسطو، هو مشروع ميت أو نازح، أو ضحية.
نعم الجنوب يعاني، ولكن هذه المعاناة ليست مادة قابلة للمتاجرة، والجنوب يتوجع، ولكن لا يمكن معالجة ما هو سيء بما هو أسوأ.
من سيتضرر من اغلاق النفط؟
الذين لا تقف سياراتهم في طوابير البنزين، ولا امهاتهم في طوابير المصارف، ولا يفكرون كيف يتدبرون اسطوانة غاز، أو مصاريف كشف طبي في عيادة خاصة، لن يتضرروا من اغلاق حقل الشرارة، أو حتى مؤسسة النفط.
الخاسر هو كل مواطن ليبي أكله من النفط وشربه من النفط، واربعة أخماس مرتبه يتجه إلى سلع مستوردة، تغطيها صادرات الزيت الاسود، والخاسر هي ليبيا التي تحتاج إلى كل سنت في هذا الظرف.
ما الفرق بين الجظران الذي أغلق الهلال النفطي، وبين داعش التي هاجمت مؤسسة النفط وبين من يغلق حقل الشرارة، لكي يحصل عقد تمويل بالدولار؟
تتعدد المقاصد، والنتيجة واحدة والخاسر واحد.