ليبيا إلى أين

ليبيا إلى أين

  • سالم البرغوثي

الحقيقة التي يريد الساسة الليبيون إخفاءها وعدم الحديث عنها .أن التدخل الإقليمي في الشأن الليبي منذ بداية الانتفاضة كانت بموافقتهم حين هرعوا إلى عواصم عربية كثيرة طلبا للوقوف معهم ضد نظام القذافي الذي بدأ في قمع المطالبين بالتغيير . بعض هذه العواصم لم تكن متحمسة كثيرا للتدخل وفضلت الانتظار والبعض الآخر كان له ثأر شخصي مع القذافي فبادرت بتقديم مساعدات إنسانية تحولت فيما بعد إلى ممر لعبور شحنات الأسلحة والذخائر . انتفاضة الليبيين ضد نظام القذافي كانت قاسية تماهت مع قسوة النظام في قمعها وأدت إلى طلب التدخل الأجنبي بمساعدة العواصم التي كانت تريد الثأر من القذافي لمعطيات وغايات سياسية كان آخرها مساعدة الشعب الليبي مما ترك الباب مفتوحا ليكون قرار استمرار الثورة في يد برنارد ليفي وهو ما يشبه إلى حد كبير ما حدث مع بريمر بعد اجتياح العراق. وكان لابد للدول الإقليمية التي ساعدت سياسيا في التدخل العسكري أن يكون الملف الليبي تحت يدها بعد مقتل القذافي . لم تكن مصر من الداعمين للثورة ربما لمعطيات سياسية كثيرة خلافا للموقف القطري والسعودي والإماراتي الذي وجد في الانتفاضة ضالته للنيل من القذافي أما الموقف التركي فإنه كان واضحا منذ البداية حيث كان يتناغم مع موقفه من الثورة السورية . كل هذه الدول اجتمعت لنزع حكم القذافي لكنها فيما بعد وتحديدا بعد الثورة اختلفت المصالح وبدأت كل دولة في رسم خرائطها وأحلامها وأجندتها عبر حلفاء محليين كانوا مستعدين للدخول في مساومات تحت عباءة الوطنية واستكمال مسيرة النضال والتخلص من أعداء الثورة للوصول إلى السلطة . أما الشعب فإنه كان منتشيا بالنصر وحريصا على لملمة ماتبقى من سلاح الشارع لتخزينه أو بيعه دون أن تتضح له معالم المرحلة الخطرة التي ستكون عليها وجهة البلاد السياسية بعد حسم آخر المعارك بقتل القذافي. واليوم نحن نحصد ماجنته أطماعنا واندفاعنا لهاوية العراق . فمصطفى عبدالجليل هو ذاته أحمد الجلبي وحكومة خليفة الغويل هي ذاتها حكومة المالكي وحلف الناتو الذي خلصنا من القذافي هو ذاته الذي قصف البنى التحتية للبلاد . الإخوان المسلمون هم من قاد الثورة بشخصيات من التيار المدني ثم حيّدهم عن المشهد السياسي . وتعود أسباب الفشل السياسي في الوصول إلى حلول للأزمة السياسية إلى عدم قدرة الإسلام السياسي على تقديم نفسه كواجهة سياسية وعدم قدرة التيار المدني على فرض رؤيته في وجود التيار الإسلامي. ولذلك فإن كلا من الطرفين يماطل في الاستفتاء على الدستور وعلى إجراء انتخابات متحججا بالوضع الأمني .وأعتقد أن الرابح الأكبر من بقاء الوضع على ما هو عليه هو الإسلام السياسي نظرا لسيطرته على معظم المؤسسات الحيوية للبلاد ويمرر أجندته عبر قياداته النافذة في مؤسسات الدولة . لذلك فإن التيار المدني يحبذ سيطرة الجيش على العاصمة للتخلص من الإخوان وأملا في إعادة صياغة الدستور وفق أهدافه وتطلعاته . قد تكون هذه القراءة تبدو ساذجة وبسيطة لكنها واقعيا هكذا تجري الأمور وهو مشهد يتكرر في تونس مع حركة النهضة. اليوم نحن على مفترق طرق .فالثورة في نظر ائتلاف فبراير لم تنته مما يعني استمرار الثورة وحمل السلاح من باب حماية الثورة والدفاع عن أهدافها والإسلام السياسي غير مستعجل على الحل لأنه يمارس الحكم خلف ظهر الحكومة الشرعية والتيار المدني مازال يبحث عن خارطة طريق لا تجعله مطية للإسلام السياسي كما حدث في 2014 وقبلها والمجتمع الدولي يحاول ترضية كل الأطراف مما يجعل الحل شبه مستحيل لكن من زاوية أخرى يتمنى أن يحسم أي طرف المعركة لصالحه حتى وإن كان الإسلام السياسي لأنه يثق في قدرته على لجمه وتدجينه كما حدث في مصر قبل سقوطهم في ذات الوقت لايجد حرجا في سيطرة التيار المدني إذا كان ذلك ممكنا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :