ليبيا بشبابها القادم أجمل

ليبيا بشبابها القادم أجمل

المهدي يوسف كاجيجي

يوم الأربعاء من الاسبوع الماضي، كانت بدايته بهيجة ونهايته حزينة. ضمن أحداث صنعتها الأقدار ولطف بها صاحب اللطف برحمته. الحكاية بدأت بلقاء تم الاتفاق عليه بين أصدقاء، وتحدد في مقهى بمنطقة الظهرة. أبلغنا أول الواصلين أن المقهى مغلقة فتغير المكان، والتقينا. وكالعادة “قرمنا” الاحياء ودعونا بالرحمة لمن رحلوا منا وتواعدنا على اللقاء إن كان في العمر بقية. عند المغادرة أصر البعض على توصيلي ولكني فضلت العودة مشيا.انطلقت. كان يوما ربيعيا، وكانت طرابلس كعادتها شابة عفية، لم يؤثر فيها زماننا الرديء، واهمال بني البشر من سكانها. لا زالت عروسا بهية الطلعة. عبرت شارع 24 ديسمبر ودخلت واحدًا من الشوارع المتفرعة منه، المرور فيه ذو أتجاه واحد، ولم يرد في خاطري قدوم اي سيارة من الاتجاه المعاكس. وفجأة وجدت نفسي طائرا هابطًا على الأرض، رأسي تحت سيارة ودخان عادمها يتنفس في وجهي. بالرغم من اعوامي الثمانين قفزت مرعوبا. تجمع الناس كالعادة، ووجدت نفسي داخل السيارة التي صدمتني، برفقة شابين من عمر الأحفاد. عبر رحلة استغرقت حوالي الساعتين، وسط زحام شديد وشوارع مجنونة، تحول المرور فيها الي مأساة، في بلد صنفت الأولى عالميا في حوادث المرور القاتلة. ظللت خلال الرحلة صامتا في رأسي جرح ينزف، ويد مكسورة، أتابع الحوار بين أهلي والشابين اصحاب السيارة عبر الهاتف، واخيرا اوقفت السيارة، ووجدت نفسي محاطا بشباب من عائلتي. شعرت وقتها بالأمان، كطفل ضائع يعود إلى أحضان أمه.

القادم أجمل!!تجربة مثيرة مؤلمة، مررت بها ولمدة ثلاثة أيام، ولكن حصادها النهائي كان إيجابيا خرجت منها بانطباع أنه وبالرغم من أن ما يجري علي آرض هذا الوطن من مظاهر سلبية، نتيجة تخلف وأنانية البعض، فإن القادم أجمل بفضل هذه الأجيال الشابة الواعدة من الخبرات الوطنية العاشقة لأوطانها، والمصرة على مواصلة المسيرة، حتى خروج الوطن من محنته. واذا كانت الاقدار هي التي غيرت طريق العودة إلى بيتي ليحدث ما حدث، فهي نفسها التي قادتني بالصدفة المطلقة إلى “مركز السندان الطبي” لأجد نفسي علي كرسي متحرك، أمام طبيب الاستقبال، شاب مبتسم خلوق،يتمتع بمهنية عالية قام بالكشف علي ليرسلني بعدها في رحلة فحص عبر تجهيزات حديثة، تدار بكوادر ليبية شابة، وفي نهاية الرحلة تم التشخيص وشرح المطلوب، والقرار للمريض. تجربة اعطتني الإحساس بأن الأمل في مستقبل أفضل لا زال قائمًا بفضل العقول الشابة والكوادر المتدربة في كل المجالات.تحية من القلب لهذه القائمة الطويلة من اطباء وفنيين وجهاز تمريض، من الشباب الذى يدعوا للبهجة والفرح.مع تحية خاصة لجراح العظام الدمث الأستاذ الدكتور على الملوقي وفريقه واطباء التخدير الشباب منذر التربي ووليد هامان، وادارة المركز.. واقول للجميع: شكرًا ونحن بكم فخورون، وليبيا بكم فى خير.

* الصورة: طرابلس .. زحام شديد وشوارع مجنونة،تحول فيها المرور إلى مأساة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :