ليبيا.. بلد يحكمه نسوانه

ليبيا.. بلد يحكمه نسوانه

  • أ / المهدي يوسف كاجيجي

في حقبة الستينات من القرن الماضي، كنا نلتقي يوميا في مصنع نسيج بن بركة، الواقع في شارع سيدي محمد بن علي السنوسي، شارع الجمهورية الان. كان مصنع للاردية النسائية التقليدية، وكانت الادارة للشقيقين محمد اطال الله في عمره، ونجمي رحمه الله. في مبني الادارة كانت هناك غرفة الحقت بمكتب المدير، خصصت للزوار، وتحولت مع الزمن إلى منتدى لكل فئات المجتمع، من مسئولين ووزراء ووكلاء ومدراء وتجار وصحفيين، ومن يتعرف على المكان لمرة واحدة يدمنه. وأعترف ان المكان كان أحد مصادري الهامة للأخبار والخبطات الصحفية.

بلد يحكمه نسوانه
كان من ضمن الحاضرين الملياردير المصري المهندس انسي ساويرس، وكان وقتها قادم من القاهرة بعد تأميم شركاته، ويعمل في ليبيا كمقاول بالباطن مع اولاد بن بركة، وكانت له تعليقاته الساخرة ومن أهمها قوله : ( ليبيا بلد يحكمه نسوانه) ،وكان السبب رؤيته اليومية لكبار القوم من المجتمع الليبي بكل فئاته، يطلبون تشكيلة من الاردية لنقلها إلي البيت، حتي تقوم الحاجة، وهي اشارة للزوجة، بالاختيار وكان يقول في الشارع الليبي ترى الرجل متقدما بخطواته المرأة والعكس هو الحقيقة. في ذلك الزمان كانت نظراتنا تنكسر خجلا، عندما تمر من امامنا امرأة، في الاماكن العامة من مطارات وأسواق، كنا نتراجع للخلف منكسي الرؤوس مانحين الاولوية المطلقة لها ولماذا لا، أليست هي الام والاخت والزوجة والابنة؟

غزل ليبي
السيد ساويرس الذي لازال يحمل في قلبه وعقله اجمل الذكريات، ويصف أيامه فى ليبيا بأجمل ايام العمر الذى عاشها، لا زال يحمل هذا الحب ويردده في مقابلاته الصحفية وجلساته، وعندما تسمح ظروفه باللقاء نتبادل التعليقات عن تلك الايام ومن تبقي حيا من الشلة، ونختتمها بسؤاله ضاحكا: هل لا زالت البلد محكومة من نسوانها؟ ارد كاذبا طبعا. وحتي يومنا هذا لم اخبر السيد ساويرس عن ما تم من تغيير وتدمير للبنية الاخلاقية والاجتماعية، ولو قام بإلقاء نظرة علي صفحات التواصل الليبية، لرأى العجب العجاب، الطوابير المذلة للمرأة الليبية امام المصارف لتحصل علي معاش ارملة، لو سمع عبارات التحرش المصاغة من قاموس البذاءة الليبي،٩ التي يرددها اشباه الرجال في أذني ضحاياه، علي مرآى ومسمع من الجميع، من التريس المبرومة شواربهم ومطلقي لحاهم، والكل صامت كان الموضوع لا يعنيه. خجلت ان اردد علي مسامعه ما اخبرتني به احدي بنات العائلة، عن حكاية ابن الجار الجنب الذي لم يكمل المرحلة الاعدادية بعد، الذي قام بوضع رسالة في يدها تقول : [ ابعثي لي برقم هاتفك والا نكسر وجه دين امك ].

بالأمس تناقلت صفحات التواصل صورة الانسة “وصال”. ابنة اخت السيد محمد بن بركة وتداولت حكايتها ،عندما كانت تقوم بصلات التراويح هي واسرتها في ليلة القدر، عندما اقتحم مجموعة من الملثمين المكان، قامت العائلة بتقديم كل ما تملك من مبالغ مالية ومجوهرات ويبدو ان ذلك لم يكن كافيا فقاموا بتقييد الاب والام، واختطفوا وصال ولا زالت الاسرة تنتظر الاتصال.

لن أكثر عليكم فأنتم مشغولون بشراء حوائج العيد، وتحضير الكعك والغريبة والمقروض، والانسة وصال ليست الاولى ولا هي الأخيرة، ومشكلة وصال انها لم تولد في عصر الرجال، بل ولدت في عصر لوجوه بلا ملامح، ينطبق عليهم قول كان يردده استاذنا المحامي والاديب كامل حسن المقهور رحمه الله: [مش كل ذكر راجل]

ولابنتنا وصال، لك الله فهو الاعظم، وعندما تعودين إلى بيتك سالمة بمشيئة الله، لا تلعنينا بل اطلبي لنا الرحمة فنحن وصلنا إلى حال من لا يجوز عليهم سوي الرحمة، من صاحب الرحمة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :