- المهدي يوسف كاجيجي
لدينا مثل شعبي يقول: ” كُـلْ شـيْ في الطّـبَـق ” أستاذنا المربي الفاضل عمر الغليظ شفاه الله كانت له قفشاته، وعندما أدخلت أطباق الاستقبال للقنوات الفضائية ” الدُش ” ولأول مرة لمدينة (هون ) وقام بمشاهدة العشرات من القنوات من كل بقاع الدنيا، وقف مندهشا وطويلا أمام الطبق الذي تم تركيبه على سطح منزله، وقال بعد أن أطلق ضحكته الشهيرة : ( توا .. كل شي في الطبق ).
من أطلق الجراد؟
تذكرت الحكاية وأنا أتابع فصول العرض شبه اليومي للمسرحية السخيفة ” قصف مطار معيتيقة” ضمن إحداثيات الحرب الأهلية، ومواصلة القتال بين الإخوة الأعداء وتبادل الاتهامات فيما بينهما في محاولة كل طرف منهم تحميل المسؤولية للآخر، وذلك عن ليالي الكوابيس المرعبة التي عاشتها وتعيشها مدينة طرابلس وعدد من المناطق، والاستخدام العشوائي لجميع أنواع الأسلحة بما فيها الثقيلة والقصف الصاروخي التي كان من نتائجها استشهادٌ لكثير من الأرواح البريئة وتدمير الكثير من الممتلكات الخاصة ونسوا أو تناسوا أننا نعيش في العصر الرقمي. وغاب عنهم أن الأقمار الصناعية التي تجوب سماء الدنيا والطائرات بطيار وغير طيار. وتقنيات أخرى تقوم بمسح للكرة الأرضية على مدار الأربع والعشرين ساعة بتصوير وتوثيق كل شيء حتى كما يقولون : [ دبيب النملة السوداء، في ليلة ظلماء، على صخرة سوداء.] إذن أي سؤال ساذج هذا الذي نتداوله بيننا، والذي نتساءل فيه بغباء مطلق من قصف معيتيقة؟ ومن أطلق الجراد على طرابلس؟
كُـلْ شَيْ فِـي الطّـبَـقْ ! أيها السادة تغيرت الدنيا، وأصبحنا في عصر (كل شي في الطبق) . لم تعد هناك حواجز أمام بحر المعلومات المتدفق، والذي يتم توثيقه بالصوت والصورة ثلاثية الأبعاد. أيها السادة ما لم توثقه أنت سيقوم غيرك بتوثيقه. وما لم ينشر اليوم سينشر غدا. ومن لم تدركه اللعنة اليوم، ستدرك ذريته من بعده ولن يستطيع أحد أن يفلت من العقاب. وبالتالي من أطلق الصواريخ وأفزعنا وأرعبنا وقتل وسرق معروف، وموثق بالصوت والصورة، أيـًا كانت مسمياته بقرة، دواعش ،أخضر أو أحمر ، تابعا إماراتيًا، أو قطريًا أو تركيًا، كله مسجل وكل سينال عقابه، إن لم يكن اليوم سيكون غدا. والتمترس وراء الآخر لن يحمي أحداً لأن الآخر لا قلب عنده ولا عواطف، ليست لديه عداوات دائمة, أو صداقات دائمة, بل كل ما لديه مصالح دائمة. وعند انتهاء المصلحة يعيد ترتيب أوراقه، وأولها التخلص حتى من أمّه عند أول مكب للقمامة. أعيدوا مراجعة حساباتكم، و فِرُّوا إلى حضن الوطن فهو الأشرف والأفضل، وتضرعوا للخالق العظيم أن يرحمنا من غبائنا ويرحمنا مما هو قادم