ليبيا .. وين عدو فلوسنا؟

ليبيا .. وين عدو فلوسنا؟

المهدي : يوسف كاجيجي

في الستينات من القرن الماضي، كان لدينا على الصفحة الأخيرة من جريدة “الحرية” باب أسمه” ثرثار ” كان يشارك في كتابته كل المحررين. أسطر قليلة يتم فيها نشر اخبار النميمة، يقال أن، ويشاع أن، وهو تحايل وهروب من الوقوع في مصيدة نيابة المطبوعات واقل ما فيها تهمة التشهير والبلاغ الكاذب، والتي كان عقابها الغرامة أو الحبس أو الإثنين معا. وبالرغم من التحايل كنا زواراً دائمين على مبنى النيابة الواقع في شارع الشط، ونصحنا بإيقافه ولكننا رفضنا، لأنه كان يحقق للجريدة ارقاما جيدة في التوزيع.بلاد الواق.. الواق !تذكرت تلك الأيام، وأنا اتابع على القنوات الفضائية التي تحمل أسم ليبيا، وصفحات التواصل، نشر الاتهامات بالفساد لكبار القيادات السياسية وموظفي الدولة، والمرفقة بالأسماء والوقائع والمستندات، والتي تتحول إلى حكايات يتداولها الناس في مجالسهم بالتندر ، وكأنهم يتكلمون عن بلاد “الواق الواق” وليس عن ليبيا بلادهم ومستقبل أبنائهم. والغريب وبالرغم من أن هذه الاتهامات الخطيرة والمرعبة، يمكن أن تؤدي إلى إسقاط حكومات وتغيير انظمة، في اكثر دول العالم فساداً، لكننا هنا نتداولها بتبلد شديد وكأنها لا تعنينا، ونشاهد ونتابع أبطالها وهم يتقاتلون ويتصارعون ويتصالحون ويتقاسمون الغنائم فيما بينهم ويواجهوننا بوجوه صفيقة، ويواصلون نهبهم وسرقاتهم لنا ونواصل نحن حالة الانحدار المتواصل نحو المجهول.ملايين كأنها ملاليم !آخر العروض، هي كلمة السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، التي توجه بها من على المنصة الإعلامية التابعة للمؤسسة، وظهر خلفه اسم المؤسسة وشعارها.

موجها اتهاماته بشكل صريح ومباشر للسيد محافظ مصرف ليبيا المركزي، متهماً إياه بالسرقة والفساد والتلاعب والتصرف بالأموال الخاصة بإيرادات تصدير النفط الليبي. قائمة طويلة مرفقة بأرقام ملياريه يتم عرضها وكأنها مليمات ودراهم ، في بلد يحاصر أهله الفقر والعوز والحاجة، وتقتله الامراض والاوبئة. بلد يموت مرضاه خلال رحلة البحث عن سرير بين المستشفيات، اتهامات حمله فيها المسئولية عن ضياع المليارات من اموال الشعب الليبي،التى تم التلاعب فيها في شكل فتح اعتمادات وهمية لأشخاص ومحاسيب أسماهم “الديناصورات” و “الوحوش السمان” الذين استطاعوا تحقيق مكاسب بالملايين، بل أن البعض منهم تعدي المليار، وأشار فى اتهاماته لعمليات التلاعب في عملية الفرق في سعر الصرف الخاصة بمرتبات موظفي الدولة، التي تصل إلى ثلاثة عشر مليارا من الدولارات سنويا، ولا يعرف إلي أين ذهبت؟ واشار أيضا إلى المليارات التي ضاعت في استثمارات فاشلة في ايطاليا ودولة الإمارات،وبلغ الاتهام ذروته بالتساؤل: أين ذهبت الثلاثمائة وخمسون مليار دولار، التي تركها النظام السابق في خزائن المصرف المركزي ؟.وين عدو فلوسنا ؟!الخطاب طويل، يحمل الكثير من التفاصيل، وهو متداول على كل المواقع والقنوات الفضائية وصفحات التواصل، ويمكن الرجوع اليه. ونحن هنا لا يهمنا من كل ذلك سوى الحصول على إجابة لسؤال طرح مجازا خلال إلقاء البيان يقول :وين عدو فلوسنا ؟ ، وفى حالة أن السيد رئيس مؤسسة النفط جادٌ في الحصول على الإجابة، ولن يتراجع فالإجراءات بسيطة، عليه أن يجمع كل ما لديه من مستندات ويرفقها ببلاغ للنائب العام، وذلك من حقه كمسئول قيادي ومواطن أن يحصل على الإجابة. وايضا من حق السيد محافظ المصرف المركزي، أن يفند كل هذه الاتهامات بتقديمه رد رسمى مدعوما بالوثائق والمستندات والأرقام، التى تجيب على السؤال، على اعتبار أنه حامل المفاتيح والمسئول عن بيت المال الليبي. ووقتها سنطالب للرجل بالتعويض ورد الشرف والاعتذار العلني.أما فى حالة “لحس” القضية وتصفيتها على طريقة “قصاعي الرز واللحم. ” بتشكيل لجان وعقد اجتماعات وجلسات ” تنتهى بتقبيل الرؤوس و “تعود ريما لعادتها القديمة ” كما يقول المثل العربي، عندها ومن حق الشعب التعيس المنكوب باهله أن يقوم بجمع التبرعات وتوكيل محامٍ شاب برفع قضية للمطالبة بالحصول على الإجابة عن السؤال : وين عدو فلوسنا ؟بقي سؤال بسيط: سادتنا المتربعون على كراسي السلطة وعلى قلوبنا أين أنتم من كل ما يجري ؟* الرسم للفنان الليبي المبدع محمد الزواوي رحمه الله.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :