- الناجي الحربي – البيضاء – ليبيا
ليلة البارحة تذكرت معلم اللغة العربية عندما كنت تلميذًا في المرحلة الابتدائية .. طاف موقف مدير مدرستنا.. وكيف كان يحرص على حضور الدروس داخل الفصول كما لو أنه مفتش مقيم .. كان حضوره بالتناوب بين جميع الفصول
كان يصر على الاهتمام بمواد الرسم والرياضة والإملاء المنقولة والإملاء الاختبارية والخط ومادة الإنشاء …. كان يضع هذه المواد ضمن الحصص الأوائل في الجدول العام .. كان فنانًا مهتمًا بالمسرح والموسيقا و مختلف الأنشطة التي تنمي المواهب ..
عندما يدخل معلم اللغة العربية إلى الفصل يلتفت والابتسامة تعلو وجهه نحو السبورة وبخطه الجميل يكتب التاريخ والمادة : إنشاء .. وعنوان الدرس على سبيل المثال : الربيع .. ويقدم للموضوع بتهيئة بسيطة لا تتعدى الثلاث دقائق .. ما الفصل الذي يسبق الربيع؟ وما أثره على فصل الربيع ؟ وما الفصل الذي يلي الربيع ؟ وما مميزات فصل الربيع؟ كنا نرفع أصابعنا تحفزًا للإجابة .. كان يساعدنا على ضرورة التحدث باللغة العربية الصحيحة وكان يضرب الأمثال على فصل الربيع من واقع بيئتنا .. ثم يطلب من التلاميذ الوقوف والتعبير الشفوي عن الربيع .. كان يهدف من وراء ذلك تعليمنا قوة الشخصية والحضور و التحدث باللغة العربية .. بعد ذلك يأمرنا بتسجيل انطباعاتنا عن فصل الربيع في كراسة الإنشاء.. كل ذلك يحدث ومدير المدرسة يرقب ما يدور داخل الفصل .. كانت الحصة لا تزيد عن خمس وأربعين دقيقة .. لكنها موزعة توزيعًا دقيقًا على عناصر الدرس .. في آخر عشر دقائق يقوم بتصحيح ما كتبنا عن الربيع من جميع الجوانب .. اللغوية والأسلوبية مبيّنًا الأخطاء ومشيدًا بالإيجابيات عند كل طالب .. والمتحصل على الدرجة الأكثر ينشر موضوعه بصحيفة المدرسة الحائطية التي تصدر أسبوعيًّا تحت إشراف نخبة من المعلمين مكافأة التفوق .. !!