تقرير :: عزيزة محمد :: زهرة موسى
تغيرت نوعية المياه في بعض الأحياء السكنية بمدينة سبها منذ عدة أعوام ، من عذبة إلى مالحة ، و تطور الأمر حتى باتت معظم الآبار مالحة وغير صالحة للشرب ولا تستخدم إلا للغسل و الطهو و الاستخدام اليومي ، مما اضطر المواطنين إلى تركيب أجهزة تحلية أو شراء المياه من محال التعبئة ، أو حفر آبار منزلية رغم أن معظمها لا يفي بالغرض ويهدد بنزوح معدل المياه الجوفية بالمدينة.
رصدت فسانيا معاناة المواطنين وردود بعض الجهات المختصة في تقريرها التالي. تحدث المواطن ” امحمد السعدي ” عن معاناته اليومية في ظل انعدام وجود المياه الصالحة للشرب ، قائلاً: أعتقد وحسب وجهة نظري المتواضعة أن من أسباب نزوح المياه العذبة عن المدينة هي غياب الرقابة على جودة الآبار و عدم وجود خزانات في مدينة سبها وكذلك في باقي المدن والقرى الجنوبية الأخرى ، و حفر الآبار بشكل عشوائي داخل المدينة وأيضا عدم وجود طرق ومعالجة مياه الشرب ، في مدينة سبها والجنوب بشكل عام
. أضاف ” عبد المنعم الجهيمي ” إعلامي نعاني من الصعوبة في جلب الماء الصالح للشرب ، حيث نضطر للتعبئة من محطات التحلية ، خاصة في ظل نقص الوقود ، فأماكن التعبئة قد تكون بعيدة و تحتاج إلى سيارة لنقل قناني الماء. يؤكد المحامي أحمد خميس “لهذه المشكلة في الحقيقة آثار كبيرة منها المعنوية و المادية ، فالماء العذب هو مصدر الحياة سواء كان الاستخدام في الطهو أو المعيشة بشكل عام ، لكن باتت الآن معظم الأحياء بمدينة سبها مياهها مالحة و غير صالحة للشرب ، بتالي فإن مصدر الحصول على الماء العذب هو الشراء من محلات التحلية و ذلك بشكل يومي واستهلاكي.
حلقة مشكلات متصلة مع بعضها البعض.
وأيدت الموظفة ” زينب ” تصريح المحامي أحمد خميس موضحة أنها تضطر للذهاب إلى أكثر من محل أو العودة لذات المحل بسبب انقطاع الكهرباء، فعندما تنقطع الكهرباء لا تعمل مضخات التحلية، وهذا بدوره يؤثر على المواطن من ناحية السيولة حيث يضطر للذهاب والإياب وصرف البنزين والذي بدوره يتم شروائه من محطات الوقود الخاصة بأسعار مرتفعة، فحلقة المشكلات متصلة ببعضها البعض والمواطن هو الضحية.
المحاسبة ” مدلله احفاف ” تقول ” نقطن في أحياء بعيدة عن المدينة و المياه مالحة و غير صالحة للشرب و نعاني من صعوبة المواصلات و جلب مياه الشرب بشكل يومي وذلك لنقص الوقود ، وبالتالي نجبر على شراء المياه من المحلات التجارية في بعض الأوقات.
مشكلة كبيرة أثرت على حياتنا وحياة أبنائنا
يقول المواطن / “أحمد شحات ” مشكلة نقص مياه الشرب هي مشكلة كبيرة جداَ أثرت على حياتنا وحياة أبنائنا ، و من شدة ملوحة المياه واختلاطها بالآبار السوداء في بعض الأحياء ، نتج عنه انتشار العديد من الأمراض حسب ما يروى من المواطنين عند زيارتهم للأطباء في الحي الذي نقطن فيه.
آبار مالحة وغير صالحة للشرب.
يروي المواطن “ابريك محمد ” أنه يشتري المياه العذبة بشكل يومي وأن جميع الآبار المحفورة في منطقة سكناه مالحه وغير صالحة للشرب وهذا ليس بالأمر الجديد ، فهذا واقع نتعايشه منذ سنوات حسب وصفه.
يضيف : إبراهيم علي” في كثير من الأحيان نجلب الماء من الآبار العذبة في المدينة فهناك بعض الأحياء لازالت بها مياه عذبة ، و أحيانا نضطر لشرائها من محال التحلية ، و ذلك على حسب الإمكانية فقد نواجه صعوبة في كيفية جلب المياه إلى المنزل،يعني طريقة التوصيل.
وأوضحت ” فاطمة الدهماني” نقص المياه أثر علينا بالسلب لأننا نحتاجه للطهو والشرب ونستهلكه كثيراً ، وهذا الأمر منهك للغاية ، نحن نحتاج بشكل يومي إلى تعبئة الماء العذب ، و في بعض الأحيان قد نجبر على شرائه رغم ارتفاع سعر قنينة الماء عبوة (7) لترات إلى ضعف عما كانت عليه سابقا ، و هذا الأمر بات يثقل كاهل المواطن.
يقول ” محمد أبوبكر أستاذ جامعي ” إذا تحدثت عن حالتي والحي الذي أسكن به في منطقة القرضة بسبها ، فإن تحول المياه من العذبة إلى المالحة أثر بشكل سلبي علينا من عدة نَواحٍ أولها الوقت في الحصول على المياه العذبة يستلزم الذهاب لتعبئتها من أماكن بعيدة كالمساجد، وهذا يتطلب وقتا لأنها غالبا ما تكون مزدحمة ويستنزف الأمر الجهد والوقت وكأنك في زحام محطات الوقود أو المصارف.
وإذا بحثت عن بديل فستجد محلات التعبئة التجارية وهي مرهقة من الناحية المادية وخاصة في فصل الصيف ومع كثرة شرب الماء وفي ظل نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع الأساسية يصبح أي مبلغ ولو كان ضئيلا يُدفع في سبيل الحصول على خدمة يفترض من الأساس أنها ضرورة من الضرورات و أحد أهم التزامات الدولة اتجاه مواطنيها.
أكدت ” فاطمة العباسي ” أصبحت هناك حاجة لاستجلاب الماء العذب من أماكن بعيدة أو اللجوء إلى أجهزة التنقية والتحلية أو شراؤها بالمال، وهذا يؤثر على وضع المواطن الاقتصادي ويضطره إلى بذل جهد مضاعف من أجل حل المشكلة ، نقوم بالتعبئة من ماكينة تنقية المياه ، و انقطاع التيار الكهربائي يوقف أجهزة التنقية ، كما أن غلاء الوقود يعيق مسألة التعبئة من الآبار البعيدة و تعرض ماكينة التحلية للعطل في أي لحظة والحاجة إلى استبدال الفلاتر كل فترة يشكل عبئا إضافيا علينا. ذكرت الإعلامية “حليمة الماهري ” منذ الصغر والمحلة التي نقطن بها تحولت فيها مياه الشرب إلى مياه عكرة وهذا الأمر منذ أن كان عمري ست سنوات وأنا الآن بعد عشرين عاما لم يتغير شيء.
المياه عكرة وغير صالحة للشرب ، والمياه مالحة وفي بعض الأحيان تكون ذات روائح نفاذة وقوية ناهيك عن التوصيلات العشوائية بالرغم من الوعود المتكررة بالإصلاح إلا أنها مجرد أوهام وبات الأمر اعتياديا.
محاولات خجولة لحفر بئر عذبة
تابعت “أصبحنا نعتمد بشكل كلّي على شراء المياه المعدنية المعبأة وقد تخلل هذه السنوات محاولات خجولة لحفر آبار المياه العذبة ولكن المحاولات تبوء بالفشل فحسب المنقبين و حافري الآبار إن الوصول إلى المياه العذبة يحتاج جهدا مضاعفا وعمقا بعيدا جدا.
خبيرة التجميل ” فاطمة عبدالله ” تدعي أن المياه المالحة تؤثر على صحتنا بشكل عام ليس فقط من ناحية الشرب ، بل تؤثر على بشرتنا و شعرنا من حيث الترسبات وجفاف البشرة ، فكلما غسلنا بالماء المالح يصبح الشعر باهت اللون ، والبشرة جافة و شاحبة ، وغالبا ما نحصل على الماء العذب بالتعبئة و أحيانا نشتريه من المحلات، وفي هذا الوضع لا نستطيع استخدام المياه العذبة في غير الشرب.
أكدت ” منى أحمد” طبيبة جلدية ” كمواطنين نواجه جميعاً مشكلة المياه المالحة وندفع ثمنها مضاعفة ماديا ومعنويا و قد أثر ذلك علينا سلبا … جهدا ومالا وصحة و تسبب الماء المالح في جفاف الشعر ومن ثم تساقطه. من فترة اعتمدنا على جلب الماء إما من الآبار العذبة أو بشرائها ولكن بعد شراء جهاز الفلترة المنزلي لمياه المنزل إذا تحسن الوضع قليلاً.
يقول ” المهندس بلقاسم عقيل مدير إدارة التشغيل والصيانة بالمنطقة الجنوبية التابعة للشركة العامة للمياه ” نحن شركة خدمية تقدم العمل نظير مقابل ، المشاريع التي تخص المياه أغلبها تابعة لجهاز تنفيذ الإسكان والمرافق، وهي التي تنفذ وتسلمنا ونحن نقوم بتشغيل الشركة .
و أضاف ” إدارة المنطقة الجنوبية لديها خمس مكاتب على مستوى منطقة فزان، وهي على النحو التالي: مكتب غات ومكتب مرزق ومكتب أوباري ومكتب الشاطئ ومكتب سبها.
وأوضح اختصاص هذه المكاتب الصيانة، و التشغيل. بينما المشاريع كلها تابعة لجهاز تنفيذ مشروعات المرافق والإسكان. وكان يوجد جهاز تطوير المدن في السابق. في سبها لا يقوم المواطن باستشارة الجهات ذات الاختصاص !
و أضاف ” بلقاسم عقيل ” ما يحدث في مدينة سبها أن المواطن لا يقوم بالاستشارة ولا أخذ الإذن من الجهات ذات الاختصاص عندم الإقدام على حفر بئر، ففي عام 2009 كانت سبها تتغذى بثلاثين أو أربعين بئراً فقط ،وفي فصل الشتاء كان ينبغي التقليل من المياه حتى لا يصبح هناك فائض ، لأنه في تلك الفترة ستصل المياه انسيابيا إلى المنازل دون الحاجة إلى مضخات منزلية. السماح للمنظمات الأجنبية بالحفر مخالف للقوانين !
وبعد العام 2011 وصل عدد الآبار إلى مئة وعشرين بئراً ، هذا بالنسبة إلى الآبار المسجلة فقط، المسؤولية لا تطال المواطن فقط فحتى المجالس المحلية زادت من حدة الأزمة فمنحت الإذن للمنظمات الأجنبية بحفر الآبار دون الرجوع للشركة ، ولم تكن بحسب المواصفات من حيث المساحة المحددة بين بئر و آخر ، والآن بين كل عشرين مترا بئر ، فهذه الآبار لم يتم عمل فلافل لها وهي غير تابعة لنا بسبب عدم رجوعهم إلى الجهة المختصة وربطها على الشبكة ، وكان لهذا الأمر عواقب سيئة ، فبمجرد انقطاع الكهرباء عن إحدى الآبار فإن المياه الموجودة في البئر القريب منها ستنساب و تصب بها مما يسبب في تلوث البئر وهكذا.
و شدد ” نحن بحاجة إلى جهة ضبطية سواء كانت الحرس البلدي أو الشرطة الزراعية. بالإضافة إلى وعي المواطنين بحجم ما يقترفونه من حفر آبار دون الرجوع إلى الجهات ذات الاختصاص و ما يترتب عليه من مساوئ . أما المهندس جمال حسين ابريدح مسؤول الهيئة العامة لوزارة الموارد المائية قال نحن مختصون كجهة علمية بجانب التصميم وإعداد المواصفات، ونحاول الحصول على أفضل نوع من المياه “وبخصوص مشاكل نقص مياه الشرب، أتذكر أن الحفر بمدينة سبها بدأ من حقبة السبعينات من القرن الماضي وفي البداية كانت الآبار عبارة عن عدد قليل جدا وكانت تشغل بمياه خزانات المجموعة الأولى التي كانت في حدود ( 87 ) مترا، ولكن بعد التوسع السكاني الذي حصل بحوالي عشرين ألف هكتار وخمسة وعشرين ألف هكتار للمزارعين بالأخص من بداية الثمانينات والتسعينات وهو ما سبب ضغطا كبيرا على المدينة ، وإضافة إلى كمية المياه المستخدمة للشرب والاستعمال المنزلي وغيره.
خزانات المجموعة الأولى ملوثة
وأكد ” بسبب عدم حفر الآبار بالطريقة السليمة ، وبدون وجود عملية (سمنتيشن ) والتي هي عملية لحجز المياه المالحة السطحية والتي تتراوح ما بين عمق ثلاثين مترا إلى أربعين مترا عن مياه السبعين مترا الصالحة للشرب.
حتى لا تتلوث ، لكن للأسف وحالياً وصل التلوث إلى خزانات المجموعة الأولى، لذلك اضطررنا في التسعينات إلى أن نقوم بتغيير تصميم كل الآبار من تسعين مترا أو مئة متر إلى مئة وخمسين.
لكي نستغل الخزانات التي بعد مائة متر ، و لكن للأسف بدأ المواطنون أيضاً بالحفر إلى ذات العمق.
وأوضح المياه التي كانت موجودة في السبعينات أو حتى بداية الثمانينات. بعين كريّ وعين الظلام التي تقع بعد حي عبد الكافي حالياً أصبحت مياهها مالحة جداً وأشار إلى أنه ” جيولوجياً ” سبها تقع على حافة حوض مرزق وهي تعد من المجموعة الأولى ومن الخزانات العميقة، والخزانات العميقة تظهر في منطقة الشاطئ وبها نسبة حديد مرتفعة، والخزانات العميقة بسبها يظهر ألف وخمسة وخمسين مترا إلى ألف وخمسمائة مثل (بئر القرضة العميق ) وعندما حُفر هذا البئر وجد به حديد وبه منجنيز ودرجة الحرارة به حوالي ستين درجة مئوية. وبنفس الوقت مياهه صالحة للاستعمال البشري.
و نوه ” المشكلة حالياً كلما ازداد اتساع المزارع بجنوب المدينة كلما أصبح هناك تداخل للمياه المالحة من عين كري وعين الظلام. ولذلك اختارت الهيئة العامة للمياه و مجلس التخطيط سابقاً مع مجموعة من الخبراء بأن سبها يجب أن يوضع لها حقل مائي في منطقة غدوة على بعد أربعة وثلاثين كيلو أو في أحد الوديان القريبة منها حيث تم حفر ستة عشرة بئرا، وحالياً و نتيجة للوضع السكاني يمكن أن يزيد العدد إلى ” 20 أو 25 ” بئرا، وتأتي المياه انسيابياً من وديان غدوة لأنها منطقة مرتفعة عن سبها. وتأتي حتى مدخل طريق المطار.
ومن بعد توزع على كافة أحياء المدينة. المشاكل القبلية تعيق عمليات الحفر. استرسل ابريدح ” هذا المشروع تعرض لعدة معطلات وعدة معوقات من بعض الجهات حتى أن أحدهم قال هذه المياه لمنطقة غدوة وسوف تبقى لغدوة حاولنا تغيير الموقع إلى طريق أوباري على بعد سبعة عشرة كيلو، ظهرت أيضا مشاكل الملكية و بعد العام 2011 عدنا إلى فكرة غدوة من جديد.
وبدأنا الحفر وحفرنا بئرين و لكن ظهرت من جديد المشاكل القبلية والاختلافات الجارية ومن بعدها توقف المشروع إلى هذه اللحظة. حلول تلفيقية بين بريدح ” الحل الأمثل لسبها هو نقل المياه الحلوة من وديان غدوة ومن ثم توزع حتى لا تتوقف إن حصل عطل بأي منزل لا تتوقف عنه المياه حتى تحل المشكلة. و نحن الآن نضع لكل منطقة على حدة حلولا تلفيقية.
والمشروع حتى الآن كلما عرضناه على الجهات المختصة لا تهتم ، وما دمنا مستمرين بهذه الوضعية فكل الحلول التي تقوم بها الهيئة العامة للمياه وشركة المياه، هي حلول تلفيقية بحثة. وهي مؤقتة إلى أن يتم إنجاز الخزان الرئيسي. هذا كوضع حل لمدينة سبها.
أضاف بريدح غيرنا المواصفات من سنة 2006 إلى سنة 2007. نتيجة لتلوث آلات الحفر التي لم تستحدث حتى الآن وهي عبارة عن آلات حفر خباطة لتقليل التكلفة. و الآن حتى إذا حفرنا بئر مياه صالحة للشرب بعد فترة أربع أو خمس سنوات. يحدث تداخل للمياه المالحة ، لذلك نقوم بخفض التكلفة عند تنفيذ المشروع الرئيسي.
ابريدح: الحل يكمن في شراء المياه
ونوه ” ما يهمنا الآن هو الحصول على مياه صالحة للاستخدام البشري بينما مياه الشرب الدائم حلها يكمن في شرائها من محال التحلية ، بسبب أن وجود مناطق الحفر بها غير مُجدٍ و لن تتحصل على مياه عذبة بها مثل منطقة العوينات كمثال. لذلك من الضروري وجود محطات معالجة. توجد مشكلة أخرى أيضا وهي بمنطقة مرزق ومناطق أخرى. وهي اعتماد محطات المعالجة بالدرجة الأولى على العنصر البشري المفقود نتيجة لعدم الالتزام ولقلة الوعي لدى المواطن ولدى الموظف مما يسبب مشاكل دائمة .
لذلك يتوجب علينا إيجاد البديل حتى إذا كان مكلفا أكثر. لأنه مستدام وإذا وضع على كل بئر محطة معالجة. سوف تكلفنا آلاف أو ملايين الدينارات. 120 بئرا ببلدية سبها.
وقال وصل عدد الآبار المسجلة بمدينة سبها إلى “120 ” بئرا وإذا تم مقارنة عدد السكان بعدد الآبار تجدها أضعافا مضاعفة. بينما إذا حفر بوديان غدوة عشرون بئرا لا نحتاج لهذا الرقم.
كم من المفترض ان يكون عدد الآبار في مدينة سبها ليغطي حاجتها من المياه ؟ أجاب ” دائماً ما يقارن عدد الآبار بأعلى معدل للسكان فمثلا إذا كان كل مواطن يستهلك ما يقارب خمسمائة لتر من المياه في اليوم وبالنظر لكمية الاستهلاك لكل فرد بحسب التعداد السكاني للعام 2006 ، الذي كان حينها عدد السكان بحدود مئة ” 69″ فإنه من المفترض أن لا يتجاوز عدد الآبار الستين بئراً.
و يجب أن يكون عدد الآبار بمنطقة غدوة ستة عشر بئرا، نظراً إلى أن الإنتاجية هناك عالية. وتصل إلى ما يقارب المئة وعشرين ومئة وأربعين مترا مكعبا. بينما هنا الإنتاجية بمدينة سبها بحدود خمسين مترا مكعبا.
وهكذا يكون عدد الآبار لا تتجاوز الستين بئرا . هل تمنح الهيئة أذونا للمواطنين عند حفر الآبار الخاصة بهم؟
يمنع داخل مخططات المدن منعاً باتاً الحفر من قبل المواطن !
أجاب ” في القانون يمنع داخل مخططات المدن منعاً باتاً الحفر من قبل المواطن والجهات العامة ،إلا عن طريق شركة المياه والصرف الصحي و بموافقتها، و لكن التغيير الدائم في الإدارات تسبب بمعضلة كبيرة لنا ، خاصة بتغيير الصلاحيات حسب تغيير المسميات فكان في السابق جهاز تنفيذ مشروع عسكر، ثم تغير إلى جهاز الإسكان والمرافق. وبعد ذلك أصبح جهاز مشروع الإسكان والمرافق، وبعدها ثم إرجاعه إلى شركة المياه والصرف الصحي.
وبعد ذلك تم تغييرها إلى الهيئة العامة للموارد المائية. حالياً هناك جهاز تنفيذ مشروع الإسكان والحفر وهو الذي يملك الصلاحيات ولذلك المواطن داخل المدينة ممنوع من الحفر بينما خارجها يجب أن يتحصل على ترخيص من الهيئة العامة للمياه وتحت إشرافها ليتم حفر الآبار.
وذكر ” سبها في سنة 2006 و نتيجة لهبوط منسوب المياه الذي وصل إلى أكثر من متر لسنة كاملة ، حينها صدر قرار من اللجنة الشعبية العامة سابقاً في سنة 2006 بحظر بعض المناطق بسبها وضواحيها ومنطقة أوباري ومنطقة غات من الحفر لتضررها منه وبدأنا مؤخرا بمنح التراخيص لمنطقة الشاطئ ومنطقة مرزق لحفر الآبار. وهذه التراخيص تحتاج إلى المتابعة والإشراف .
وأشار ابريدح ” مشكلة سبها أنها واقعة على حافة الحوض ، و إذا قمنا بالحفر إلى عمق (150,000)متر سيكون هناك خطر فإذا بدأ المواطنون الحفر إلى ذات المستوى فحينها النتائج ستكون أسوأ و سنجر إلى الحفر أعمق ، و الخيار الوحيد الذي أمامنا هو نقل المياه من وديان غدوة.
ومنطقة غدوة حاليا بدأ بها التوسع الزراعي وبدأت مشكلة الطبقات بمنطقة وديان غدوة وهي توجد عند (60) مترا وتعد جيدة للاستهلاك بينما من (60ـ 210) مياه مالحة جداً ، وبعدها تأتي المياه الجيدة بعد عمق (250 ـ 400)متر مياه ممتازة، ولكن إن لم يتم التوسع الزراعي بهذه المنطقة حتى الخزانات التي سننقل منها المياه سيصيبها التلوث ولذلك الأمر جداً معقد.
وذكر ” المهندس جمال حسين” بأن العملية العامة هي عبارة عن تداخل مياه الآبار بسبب عدم التقيد بالمواصفات التي يجب التقيد بها. وكلما سحبت مياه من الجنوب تخرج مياه مالحة بالشمال.
وشبكة المياه بسبها مهترئة منذ سنوات. وليست مرتبطة ببعضها ، وهذا ما تسبب في فقد للمياه داخل التربة تصل إلى الثلاثين بالمئة وأربعين بالمئة .وهذا ما تسبب في ظهور برك للمياه.
و أضاف” هناك شبكة تم العمل عليها منذ العام 2006 و لكن لم يتم استلامها من شركة المياه ، وذلك بسبب عدم تدقيقها وفحصها ، ولا تزال المشكلة قائمة ، ومع وجود كل هذه المشاكل و العراقيل لن تصل المياه الصالحة للشرب للمواطن وتحدثنا مرارا عن مشكلة نقص المياه وعن نوعية المياه وعن وضع الشبكات المهترئة أساساً، ولا تزال المشكلة القائمة مما يضطرنا أن نوافق على الحفر مع أن القانون العام للهيئة العامة لشركة المياه، يمنع المواطن من حفر الآبار لكن من الصعب أن نمنع المواطن من الحصول على المياه للاستخدام الحضري وفي المقابل ليس له بديل لتوفيرها في حال تم رفض الحفر.
و استرسل ” في ظل التوسعات الحاصلة بدون أي تخطيط عمراني بالمدينة بكل المناطق السكنية لا يوجد حل للحصول على مياه ممتازة وصالحة للشرب إلا عن طريق النقل من وديان غدوة ، وأي حلول أخرى تعود بنا إلى مربع التحلية ومحطات المعالجة. وكما وضحنا بأنها عملية مكلفة جدا ولا تفي بالغرض بدون زيادة الوعي والحصول على القيمة المالية اللازمة.
والآن العالم أصبح يقوم بتحلية مياه البحار، ولكن هذا يحتاج وقتا طويلا جداً نظراً إلى الأوضاع الراهنة ، بينما إذا نفذ مشروع وديان غدوة الذي يساوي معدل متر للهبوط ، وقمنا بعمل التغليف على الخمسين مترا.
وهو يبدأ من الثلاثين لذلك نتوقع أنه بعد مئتي سنة من الآن سنتحدث عن مشكلة المياه بسبها و ماذا سيحصل بها.
وقال ” هكذا ستتغير الأمور كثيراً وفقاً لمعدل الهبوط ، ولكن نحن بهذه الوضعية فإن الوضع متأزم وتوجد مشكلة أخرى وهي أن المخططين بدلا من أن يقوموا ببنية تحتية سليمة يقومون بحفر بئر ، لأن البنية التحتية مكلفة جدا وتحتاج لقيمة مالية وأعمالها مكلفة.
وهناك مشكلة أخرى تواجهنا دائما فعندما نأتي لمعالجة بئر معين تجد مشاكل أخرى لا حدود لها مثل بئر أخرى منهارة وأخرى ملوثة ، وبهذه الوضعية المعقدة بالتأكيد كل الحلول حاليا هي حلول تلفيقيه ولا قيمة حقيقية لها. وحول وجود قسم متخصص بالأبحاث وفحص المياه بالهيئة لأن بعض الأحياء تشتكي من ثلوث آبارها واختلاطها بالآبار السوداء أجاب” هذا الأمر كان من اختصاص الإسكان والمرافق ومن بعد ذلك قاموا بتحويله إلى الصحة ومن بعدها تحويله إلى البيئة و هو مختبر المياه وهنا ملزمة شركة المياه والصرف الصحي به ومن المفترض عندما نسلم البئر كل ثلاثة أشهر تقوم بتغيرات لنوعية المياه.ولذلك من المفترض أن شركة المياه والصرف الصحي تقوم بتقديم تقارير دورية عن آبارها.
وتابع ” الشركة الآن ليس لها مختبر فهي ملزمة بأن تتعامل مع مختبرات أخرى. والهيئة العامة للمياه كوزارة الموارد حالياً لديها مختبر مركزي ولكن بالجنوب لا يوجد مختبر، و لهذا فإننا نتعامل مع مختبر تابع لكلية التقنية الحيوية ببلدية براك الشاطئ ، ولكن هذا المختبر أيضا توقف منذ العام 2012م.
وأوضح ” الآبار الخاضعة لإشراف الشركة نعمل على تحليل المياه بها وبالفترة الماضية تعاونا مع كلية الهندسة و التقنية براك الشاطئ وقمنا بفحص عدة آبار، ولكن حاليا نظراً لعشوائية الآبار التي ارتبطت على الشبكة العامة ، فهي ليست خاضعة لنا وليست تحت سلطاتنا ، و يعمل المواطنون على تشغيلها مباشرة، ولربما في أحيان كثيرة يكون البئر ليس له المواصفات المطلوبة ومن المحتمل أن يكون بدون غلاف. وهناك مناطق تستخدم مياه الآبار السوداء وهذه كارثة حقيقية عندما يحصل تسرب لآبار أخرى فإن التلوث سينتشر.
أخلينا مسؤوليتنا عن أي بئر يُربط على الشبكة دون الرجوع لنا.
وأكد ” أخلينا مسؤوليتنا عن أي بئر يربط على الشبكة بدون الرجوع لنا. حيث كان عدد الآبار (120) بئرا وصلت إلى مئتين وخمسين بئرا. فإذا قمنا بتوزيع (250) بئرا على تعداد السكان داخل الوحدة والتي هي (500 ) لتر للفرد باليوم نحصل تقريباً لكل فرد (10,000) لتر ، بالإضافة إلى أننا منذ العام 2006م و شبكة المياه بسبها تعتبر نسبة إنجازها حوالي 85%، مدفونة وجاهزة فقط متوقفة على الربط. واختلفنا نحن وجهاز تنفيذ الإسكان والمرافق الجهة المالكة للمشروع وهو الذي يقوم بتنفيذ المشروع بأنه لا يمكننا استلام الشبكة بهذه الكيفية ، حتى يتم ربطها على شبكة الآبار لنتمكن من قياسات ضغط البور لها وكذلك نرى كيفية عمل المواسير هل هي جيدة أم لا؟ .
وهذه هي الاختبارات الضرورية التي يجب أن تجرى عليها ، سنجتمع معهم الأيام القادمة بخصوص أن يتم الاستلام الجزئي على أقل تقدير، حتى يتم ربط الخطوط الفرعية..
و أضاف ” من أهم المشكلات التي نعانيها كشركة هي قلة وعي المواطنين خاصة بعد أن ترسخت في أذهانهم فكرة أخذ الخدمات بدون مقابل ،بينما نحن شركة بذمة مالية مستقلة ، ولكن من الضروري دفع رسوم من قبل المواطن لمعالجة الصعوبات ولتحصيل خدمات جيدة ، فإذا دفع المواطن مبلغا رمزيا مقابل الحصول على خدمات جيدة فإن الأمر سيكون جيدا للطرفين ، ففي منطقة الشاطئ تحدثنا بالأمر مع بعض المواطنين بأن عليهم توقيع العقد مع الشركة والشركة ملزمة بتوفير المياه حتى في حالة انقطاعها، والقيمة يتم خصمها عن طريق المصرف وهي حوالي عشرة دنانير وخمسة عشرة دينارا ليبيا بالشهر ، نحن نشتري المضخة بستة آلاف دينار ولا يدخل بالمقابل حتى مبلغ 1500 كإيراد لصيانتها ، وبهذه الطريقة يتم استغلال المبالغ لصيانة و تحديث المضخات، و مهما حاولت أن تقدم الشركة من خدمات سوف يأتي يوم وتتوقف. لعدم توفر الإمكانيات لصيانة المعدات على أقل تقدير وحتى الآن لا المواطن ولا حتى الجهات العامة تقوم بدفع هذه الرسوم .
و أشار : كمثال دولة مصر بوسط القاهرة يوجد منطقة الجباية. التي تتحصل عليها من رسوم الخدمات قيمتها حوالي خمسة وعشرون مليون جنيه مصري بالشهر. هذه ضريبة لابد من دفعها لاستمرار الخدمات العامة للمواطن. ومقارنة ، بشركة هاتف ليبيا للاتصالات القابضة لدينا هنا هذه الشركة طورت نفسها بعد خدمة الدفع المسبق من خلال رصيدها من دخل إيراداتها.
بينما نحن لا يوجد لدينا إيرادات مما يجبرنا على طلب المساعدة من المنظمات الدولية مثل UNDP و ال UNICEF أو الصليب الأحمر. وبدون هذه المساعدات لكُنا في وضع كارثي.
ونوه حالياً مشكلة الصرف الصحي ستتضخم في فصل الشتاء وسوف تغرق كل الشوارع بمستنقعات مياه الصرف الصحي وبما أنه يوجد عدد كبير من الآبار العشوائية وكمية المياه المعطاة أكثر من احتياجات المواطن ستظهر الكثير من البرك والمستنقعات.
وهنا تصبح المشكلة ليست فقط مشكلة مياه بل أيضا مشكلة صرف صحي. ولذلك بدون تأسيس بنية تحتية متكاملة لن تحصل بالتأكيد على خدمات جيدة على أقل تقدير ، الآن كل مواطن صنع مملكة خاصة به.
وبهذا الشكل الشركة لا تستطيع العمل بطريقة سليمة. ونحن الآن لدينا خوف من انهيار منظومة مياه الصرف الصحي. وتصبح سبها في عملية تلوث بيئي مباشر وهذا أمر جد وارد في ظل هذا الوضع.
ضرورة إعادة تفعيل دور مختبر المياه.
ختم المهندس جمال حسين تصريحه لنا بقوله ” مدينة سبها لا تعاني من نقص المياه ولكن تعاني من نوعية وجودة المياه. وأوصى بعدة نقاط منها : ( ضرورة إعادة تفعيل دور مختبر المياه بتوفير العناصر الفنية واستيراد الأجهزة والمواد اللازمة للمختبر وذلك لإجراء التحاليل الدورية للمحافظة على نوعية المياه، ضرورة إحياء محطات الضخ والخزانات، و ضرورة معالجة المياه قبل الاستعمال ، الحل الأمثل لمدينة سبها هو نقل المياه من منطقة وديان غدوة (جنوب المدينة ) والتي تبعد حوالي (35) كليو مترا عن المدينة وذلك لإنشاء حقل مائي بعدد 16 بئرا وفي حالة الاتجاه إلى هذا الحل فمن المتوقع أن تكون المياه انسيابية نتيجة لارتفاع المنطقة المشار إليها عن مدينة سبها بحوالي 60 مترا مما قد يلغي وجود محطات الضخ ، ضرورة التنسيق مع جهات الاختصاص لمعالجة محطة التنقية الموجودة بمحطة حجارة ومعالجة بحيرات الصرف الصحي التي تلوث المياه الجوفية ونرى ضرورة نقل هذه المياه إلى مناطق بعيدة عن المدينة بعد إجراء الدارسات لمعرفة الموقع المناسب).